مشددة على أن الأمم المتحدة الآن مجزأة ومشلولة تماماً في قدرتها على العمل بوصفها منظمةً. ووصفت ألبانيز حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة بالأكثر ساديّة وعَسكَرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، حيث يُقتل الناس بالعشرات والمئات في غضون ساعات، “ولم يتبق شيء”. وقالت المقرر الأممية في حوار لصحيفة العربي الجديد، إن “الحقائق على الأرض الفلسطينية مأساوية للغاية، وأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي والبنية التحتية المرتبطة باتت أكثر وضوحاً”.
وأشارت إلى أن حملة التحريض التي سبقت تجديد ولايتها من عديد المنظمات المناصرة لإسرائيل، مرتبط بعملها، “فإحدى النقاط الحاسمة في عملي هي الإشارة إلى الإفلات من العقاب الذي مُنح لإسرائيل من الدول الأعضاء، خصوصاً الدول الغربية التي أثرت بعض الحساسية لديها، وهي ألمانيا وفرنسا وكندا والولايات المتحدة وهولندا”. وشددت ألبانيز على أن خبراء الأمم المتحدة المستقلون كانوا الأكثر صراحةً في إدانة الانتهاكات الجسيمة والشنيعة للقانون الدولي التي وقعت في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وفي معرض حديثها عن إبعاد نائبتين بريطانيتين بعد احتجازهما في مطار بن غوريون، واحتمالية تعرضها للأمر ذاته إذا ما قررت الذهاب إلى فلسطين، قالت: “لا يوجد لديّ أي سبب للذهاب إلى ما تبقى من فلسطين عبر إسرائيل، لأن إسرائيل أعلنتني شخصاً غير مرغوب فيه”. واستدركت ألبانيز بالقول: “لكن النقطة المهمة هي أن الحدود مع الأردن ومصر لا ينبغي أن تخضع لسيطرة إسرائيل، هذا هو أهم شيء أود أن يفهمه جمهوركم، وأن يكونوا على دراية به، وأن يطرحوه في النقاش مع الحكومات، ويجب أن يكون هذا تذكيراً دائماً”.
وأكدت أن القانون الدولي يُلزم جميع الدول الأعضاء بعدم الاعتراف بعواقب الاحتلال غير القانوني، مشددة على وجوب زوال الاحتلال، بمكوناته العسكرية، والمستوطنات، والسيطرة على الموارد الطبيعية، والمجال الجوي، والحدود. وأردفت بالقول: “يجب أن يُسمح للفلسطينيين بالتمتع بحق تقرير المصير، أي الحق في الوجود بوصفهم شعباً. من الخطأ السماح باستمرار إسرائيل بالسيطرة في غزة أو مواصلة الحكم في الضفة الغربية”.
ولفتت المقررة الأممية ألبانيز إلى أن التطهير العرقي كان سمة ثابتة في حياة الفلسطينيين تحت الحكم الإسرائيلي منذ النكبة وحتى اليوم بأشكال مختلفة، ومنه ما هو نكبة صامتة. وعبرت عن اعتقادها بأن لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو “مصلحة شخصية كبيرة في الهجوم الإبادي المشؤوم على غزة. الآن نرى أن الكثيرين في إسرائيل يرفعون أصواتهم ضد هذا الهجوم، لكن ليس بما يكفي لإسقاط نتنياهو”.
وترى ألبانيز أن القانون الدولي والمؤسّسات التي تعمل في إطاره في ضوء هذا الواقع الجديد يمر “بلحظة حرجة لنظام متعدد الأطراف” في ظل واقع دولي جديد بعد صعود دونالد ترامب إلى السلطة وتصاعد قوة الأحزاب اليمينية في أوروبا. وتساءلت: “ما فائدة النظام (الدولي) إذا لم ينجح في فرض قواعده الأساسية؟ مثل حظر استخدام القوة إلّا في ظروف معينة، أعني أنه لا أحد يتحدى حقاً حقّ إسرائيل في الدفاع عن النفس، وهو أمر غير موجود حالياً”، مشيرة إلى وجود فشل في احترام القانون الدولي، وفشل في ضمان المساعدات الإنسانية، وفشل في بناء مساحة لتعزيز السلام.
وشددت المقررة الأممية ألبانيز على أن “ما تفعله إسرائيل ليس دفاعاً عن النفس، بل هو تدمير كامل لأغراض سياسية أيديولوجية أو لمجرد مصلحة ذاتية، لكنّها سياسية، ولا توجد ضرورة عسكرية لاستخدام القوة. لذا؛ فإن الأمم المتحدة الآن مجزأة ومشلولة تماماً في قدرتها على العمل بوصفها منظمةً”. وقالت إن القانون الدولي فشل في وقف حرب الإبادة، “ليس بسبب محدودية نظام القواعد، ولكن بسبب آليات التنفيذ غير العاملة. القانون الدولي قوي بقدر إرادة الدول وقدرتها على إنفاذه”. وسخرت المقررة الأممية من إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن رغبة باريس في الاعتراف “المتأخّر ثلاثين عاماً” بالدولة الفلسطينية، وعدته تشتيتاً عن وقف الإبادة. كما هاجمت “وقاحة” الجامعات الألمانية التي دعتها إلى إلقاء محاضرات فيها ثم ألغتها دون إبلاغها، واصفة العصر الجديد بأنه “عصر إسكات الأكاديميين”.