سياوش فلاح بور
مروعة الصورة التي يعكسها الإعلام الغربي عن المرأة الإيرانية والظروف التي تمر بها. فالمشاهد أو القارئ الذي لا يعرف إيران وما يجري داخلها سيجد المرأة الإيرانية، من خلال متابعة وسائل الإعلام الرئيسية، ضحية ومتخلفة وعاجزة عن تحقيق أبسط الإنجازات في العالم الحديث؛ لأنها تقف خلف الجدران التي وضعها النظام لسد طريقها نحو التقدم الاجتماعي والعلمي والاقتصادي.
وفي الحقيقة هذه هي الصورة نفسها التي يريدها الغرب لإيران بأكملها، وليس فقط للنساء الإيرانيات. وقد يساهم ضعف أو تقاعس الإعلام الإيراني أيضاً في ترسيخ السردية التي تروجها الأنظمة الغربية بخصوص وضع المرأة وحقوقها في بلد يقاوم من أجل الحفاظ على استقلاله منذ أربعة عقود.
والآن، مع انتهاء العاصفة وعودة الهدوء، يطرح هذا السؤال من جديد: ما الوضع الحقيقي للمرأة الإيرانية، خاصة بعد انتصار الثورة، ولماذا لا تنضم غالبية النساء الإيرانيات بمختلف الانتماءات واتجاهاتها إلى هذه المحاولات لإثارة الفوضى في إيران خلف قناع شعارات حضارية كالمرأة والحرية؟
للإجابة عن هذا السؤال، وفي ظل التقاعس الإعلامي في نقل الوضع الحقيقي للمرأة الإيرانية، ليس هناك طريقة إلا اللجوء إلى الإحصائيات الرسمية والتي تتمتع بمصداقية دولية لفهم مكانة المرأة الإيرانية الحقيقية، بعد مرور أكثر من 40 عاماً منذ انتصار الثورة الإسلامية في البلاد.
تشهد الساحة السياسية الإيرانية تقدماً ملحوظاً في دور المرأة بما يمثله من استحقاقات انتخابية تؤدي إلى ارتفاع حصة النساء في البرلمان الإيراني إلى جانب زيادة عدد النساء الناشطات في الأحزاب والأوساط السياسية.
أبرز المجالات التي شهدت ازدهاراً في دور المرأة الإيرانية
ويعد المجال الفني والثقافي من أبرز المجالات التي شهدت ازدهاراً في دور المرأة الإيرانية بينما لم تكن العائلات الإيرانية غالباً ما تسمح بدخول بناتها في هذه المجالات قبل انتصار الثورة الإسلامية بسبب الأجواء اللاأخلاقية التي كانت تسودها في عهد الشاه. واليوم، في ظل توفير البنى التحتية والظروف الملائمة مع الثقافة الإيرانية تملك المرأة حصة كبيرة من الإنتاجات الفنية في مختلف المجالات حيث باتت تحصد مئات الجوائز العالمية إلى جانب دورها الكبير في الأسواق المحلية.
في المجال الحقوقي أيضاً، أحرزت المرأة الإيرانية تقدماً مستمراً إذ تمكنت من تطوير دائرة حقوقها الأساسية أمام الرجال في قضايا مختلفة كحضانة الأطفال بعد الطلاق أو الميراث. وإلى جانب ذلك، توسعت حصة النساء من الهيكلية القضائية في البلاد حيث يتجاوز اليوم عدد النساء القاضيات 11 ألف امرأة.
تظهر هذه الحقائق أن الثورة الإسلامية وفرت فرصة تاريخية للمرأة الإيرانية من أجل التقدم وتعزيز مكانتها في بيئة آمنة وأخلاقية وعادلة، بعيداً عن التحديات التي تواجهها النساء في الدول الغربية. وما من شك أن هذا النموذج الذي تأسس بعد الثورة الإسلامية ليس مطلوباً عند الحضارة الغربية التي تعودت على تدمير كل ما لا يعجبها أو لا يستوعبها. لكن المرأة الإيرانية تواصل طريقها بالرغم من جميع هذه التحديات نحو التقدم والحياة والحرية.