محللون عرب يبحثون؛

خاص الوفاق/ الإمام الخميني(قدس) أعاد الدين والتفكير إلى المجتمع

الإمام(قدس) لم يكن ينظر للدين كمجموعة عبادية فحسب بل إنّه كان ينظر إلى الدين كمجموعة كاملة لإنقاذ البشرية وإيصالهم إلى السعادة الحقيقية وهذه من تعاليم مدرسة الإمام الخميني رضوان الله عليه. مدرسة الإمام الخميني مدرسة إجتماعية كبيرة.

لاشك في أنّ من أثمن الآثار التي تركتها ثورة الإمام الخميني (قدس سره) في المجتمعات الإسلامية هو التأثير الفكري وتغيير منهجية التفكير والحياة للمسلمين وخاصة الشعب الإيراني حيث كان الإمام (قدس سره) مُلهماً لشعبه وشعوب العالم الإسلامي اجمع في قضايا إجتماعية وسياسية.وقد ألف الشهيد السيد محمد باقر الصدر سابقاً كتاباً تحت عنوان “الإسلام يقود الحياة” وأشار في هذا الكتاب الى قدرة الإسلام الحنيف على إدارة مختلف شؤون حياة الأمة منها الإقتصادية والإجتماعية والقضائية وغيرها من الشؤون وقال بأنّ حلم الأنبياء كان تحقيق هذه التعاليم الإلهية في مجالات مختلفة ومن هنا يروي المرحوم آية الله السيد محمود شاهرودي في ذكرياته مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر إنّه قال في يوم انتصار  الثورة الإسلامية في إيران جملته الشهيرة: “اليوم تحققت آمال الأنبياء”. نعم تحقيق وتنفيذ التعاليم الدينية كانت من آمال الأنبياء ولكن الحكام الجائرين لم يسمحوا لهم بهذا الأمر.

 

المجتمع الإسلامي والتأثر باليمين أو اليسار

 

الثورة الإسلامية جاءت في حين كانت تميل أذهان الشباب والبنات وخاصة النخب العلمية الى الفكرين الغالبين أنذاك وهما الفكر اليساري والشيوعي والفكر اليميني الليبرالي ولكن تمكن الإمام الخميني(قدس سره) من إحياء الفكر الإسلامي المتجدد والذي لايكون مقصوراً في الشؤون العبادية والشخصية التي لاعلاقة له بإدارة شؤون المجتمع بل إنّه أظهر للعالم أن الإسلام جاء لإدارة شؤون الحياة للبشرية.

حاول الأعداء من خلال صنع الأفكار المتخلفة بتغطية إسلامية أن يقوموا بإنساء الأحكام السياسية للدين في المجتمعات الإسلامية وربّما توفّقوا بتحقيق هذا الأمر في بعض الفترات ولكن الثورة الإسلامية جعلت المسلمين يفكرون من جديد ببناء مجتمعاتهم على الأحكام والمعتقدات الإسلامية التي جاءت لتقود الحياة.

في السياق ذاته وبمناسبة ذكرى إنتصار الثورة الإسلامية أقامت المعاونية للشؤون الدولية لبعثة قائد الثورة الإسلامية في شؤون الحج والزيارة ندوة الكترونية لبحث التأثيرات الفكرية والإجتماعية للإمام الخميني(قدس سره) والثورة الإسلامية على المجتمعات العربية والإسلامية وشارك فيها الأستاذ الجامعي في مادتي العلاقات الدولية والقانون الدولي في لبنان الدكتور علي فضل الله والمتحدث الرسمي باسم مجلس علماء فلسطين الدكتور الشيخ محمد الموعد ونائب البرلمان الإيراني السابق عن مدينة أهواز والمختص بالشأن الإسلامي والإيراني الدكتور محمد السوداني والقى كل منهم كلمات وردّوا على أسئلة المقدم والضيوف.

علي فضل الله: إعادة الدين إلى المجتمع بعد إنتشار الإلحاد

 

قال الدكتور علي فضل الله ردّاً على سؤال وجّه له المقدم عن الإنجازات الفكرية والإجتماعية للإمام الخميني(قدس سره) وثورته على المستوى الدولي:

عندما انتصرت الثورة الإسلامية في عام1979 ميلادي شكّل إنتصارها مفاجئة كبيرة لم يكن كما يقول “بوب وودورد” وهو مؤلف أمريكي شهير وكاتبCIA: لم يكن أحد يتوقّع أن يتمكّن الشعب الإيراني من الإنتصار على قوة الشاه الكبيرة والهائلة”.

ربّما في العالم العربي نتيجة عدم المتابعة، لايعرفون إلى أيّ حد كان الشاه قويّاً بأجهزته والجيش الإمبراطوري وبجهاز “سافاك” الأمني وبدعم الدول المفتوح له إلى آخره وحتى هذا اليوم. كي يطلِع المخاطبون على مدى دعم الأمريكان للشاه أشير إلى نقطة واحدة فقط وهو أنّ هناك طائرة أمريكية إسمها “إف 14 توم كات” تُوجد هذه الطائرة في مكانين أولها الولايات المتحدة حيث هي صنعتها وهذا طبيعي والمكان الثاني هو إيران يعني الأمريكان أعطوا هذه الطائرة للشاه ولم يعطوها لأيّ أحد في العالم وحتى للكيان الصهيوني الذي يُعتبر حليفها. الأمريكان كانوا يثقون بالشاه ويدعمونه إلى هذه الدرجة بإستمرار.

عندما إنتصرت الثورة الإسلامية شهدنا شيئاً غير مألوف إذا نظرنا إليه من زاوية كانت شائعة في العالم وهو إنسحاب الدين من جميع شؤون الناس العامّة بالعالم قبل مئتي عام تقريباً من الإستقلال الأمريكي إلى الثورة الفرنسية وإلى مابعد ذلك.

تفاقم الأمر في القرن العشرين في مرحلة مابعدها ويمكننا أن نقول أنّه بعد الحرب العالمية الثانية وهي كانت حرب أوروبيّة بمشاركة آسيوية، إنتشر الإلحاد في العالم بشكل عام وحتى في الدول الإسلامية ومن تجلّيات هذه المرحلة أنّ رضاخان في إيران ومصطفى كمال الملقب بأتاتورك في تركيا وغيرهما مثل الحبيب بورقيبة في تونس حاولوا بأشد حالات التطرف مواجهة مسألة الدين في بلدانهم.

 

الجمع بين الإسلام والشعب

 

ولكن الإمام الخميني جاء بمنهجية فكرية جديدة إسمها الجمهورية الإسلامية والتي تمنح الفرصة للشعب أن يشارك في الحكم في إطار القانون الإسلامي وهذا الأمر لم يكن مألوفاً سابقاً حيث من الصعوبة بمكان سماع إسم الإسلام والجمهورية الاسلامية ظنّاً أنّ الأمرين يتعارضانِ مع الحياة ولكنّ الإمام المفكر والمنظر أظهر للعالم أنّه يمكن أن تُقام دولة مبنية على المبادئ الإسلامية بمساهمة ومشاركة وتأثير شعبي.

 

دفعوا الثمن للعدالة

 

حينما جاء الإمام الخميني (قدس سره) تمكّن من تحدي المستحيل خلال ثورته التي إستمرت 44 عاماً، لم يأل الأعداء جهدا من توجيه أيّ ضربة لها. هو تمكّن من إنهاض الشعب الإيراني وكانت هذه الثورة ناجحة جداً في بلد يُعتبر جيوإستيراتيجياً في قلب آسيا وكما يذكر “بوب وورد بورد” لم  ينس الأمريكيون على الإطلاق كيف تمكّن الإيرانيّون من الإطاحة بالشاه وهنا يأتي الإصرار بتدفيع إيران الثمن.

وأيضاً ميشال فوكو وهو الذي بظنّي آخر فيلسوف في الغرب لما إنتصرت الثورة الإسلامية رغم تمرّده ومواصفاته الخاصة والتي لاأريد ذكرها الآن كتب و قال: إنّ الثورة الإيرانية ثورة الألفية وتمكّنت من إعادة الروح إلى السياسة.

هناك كاتب إسرائيلي يقول في مقال مهم له: فقد دفع الإيرانيون ثمناً لقضية إسمها العدالة.

 

ضرورة ترجمة كتب ولاية الفقية

 

أنا من هذه المنصة أتمنى أن يقوم المترجمون الإيرانيون بترجمة الكتب التي أُلّفت عن موضوع ولاية الفقيه من الفارسية إلى العربية لأنّ هناك في العالم العربي، حسب متابعتي، ان هناك خطأ في فهم ولاية الفقيه.

تعبير الجمهورية الإسلامية لم يكن مألوفاً في عام 1979 ولكن اليوم أصبح من المألوفات. في السباق لم يكن الناس يفهمون الإرتباط بين الإسلام والجمهورية ولكن اليوم يعرفون أنّه يمكن أن يشارك الناس في الحكم وتعيين الحكام في إطار الإسلام وهذه تجربة إجتماعية جديدة.

 

الإمام الخميني، مدرسة إجتماعية وفكرية

 

وبعده جاء الدور للمتحدث الرسمي بإسم مجلس علماء فلسطين وقال ردّاً على سؤال طُرح عن مدى التأثير الفكري للإمام الخميني(قدس سره) على الشعب والمفكرين والعلماء في فلسطين:  من إنجازات الإمام الخميني(قدس) على المستوى الفكري والإجتماعي كانت إحياء الوحدة الإسلامية والتعايش السلمي والوحدوي والتقريبي بين المسلمين وهو الذي دعا المسلمين إلى هذه المسألة المهمة التي تُعتبر من أهم القضايا الإجتماعية في الإسلام. إيران رفعت شعار الوحدة الإسلامية وهي حقيقة لاتفرّق بين الشيعي والسني.

 

مدرسة التفكير والعدالة

 

أنا أعتقد ان الثورة الإسلامية ليست فقط ثورة سياسية فحسب بل إنها كانت مدرسة وحدوية فكرية إجتماعية أيضاً وهناك تأثير فكري وإجتماعي مهم للإمام الخميني(قدس) على الشعب الفلسطيني وهو من علمهم كيف تنتصر الثورة مهما تشتدّ الظروف إلى حدّ نحن كأساتذة، نعرض نموذج الثورة الإسلامية كمدرسة فكرية وإجتماعية لطلّابنا الفلسطينيين. ثورة الإمام الخميني(قدس) مدرسة العدالة ومدرسة التفكير.

لماذا نحن نعتبر أنّ الإمام الخميني(قدس سره) مدرسة فكرية وإجتماعية؟ لأنّ غولدا مائير وهو رابع رئيس وزراء للكيان الصهيوني قال: يموت الكبار وينسى الصغار القضية الفلسطينية ولكن من خلال الثورة الفكرية الموقظة للإمام الخميني(قدس سره) نرى ان الشباب والبنات لم ينسوا القضية الفلسطينية بل هم الذين يذكّرون العالم وحتى الأجيال السابقة بهذه القضية الحيوية والإسلامية كما نشاهد اليوم ما يجري في غزة بالإضافة إلى الضفة الغربية وجنين.

 

علماء فلسطين والتأثر بالإمام الخميني(قدس)

 

علماء الدين الفلسطينيون قادوا الثورة الفلسطينية وهو معروف كما تعرفون أنّ الشيخ عزالدين قسّام كان عالماً دينياً وبعد إنتصار الثورة الإسلامية زار الكثير من علماء فلسطين ومنهم علماء الأزهر الشريف، الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبعدما أتوا إلى فلسطين ورجعوا إلى أرض فلسطين حملوا معهم رسالة الثورة الإسلامية وأثّروا على الشعب الفلسطيني. على سبيل المثال هناك عدد من المشايخ الذين واكبوا الثورة الإسلامية مثل الدكتور عبدالله حلّاق من الأشخاص الذين هبوا إلى إيران وتأثروا بأفكار الإمام الخميني(قدس) ومعروف أنّه أثّر على الشعب الفلسطيني. وهناك في الجيل الجديد هناك علماء كُثُر تأثروا بالثورة الإسلامية وبعضهم أعضاء مجلس علماء فلسطين وحالياً يؤثرون على الناس في فلسطين.

 

الدين يقود المجتمع

قال النائب البرلماني السابق عن مدينة أهواز الدكتور محمد السوداني ردّاً على سؤال جاء عن المباني الفكرية للإمام الخميني (قدس سره) والتي بها أعاد وأحيى التكفير الإسلامي في الجتمعات الإسلامية والعربية: الإمام الخميني(قدس) كان فيلسوفاً يعرف الدرس وأدب النفس وفتح آفاقاً جديداً أمام كلّ من يريد أن يعيش حرّاً في العالم. هو جاء بهندسة إجتماعية وسياسية جدية حيث قال بأنّ الدين من حقّه أن يقود البشرية وتكون القيادة والزعامة للتعاليم الإلهية.

الإمام الخميني(قدس) أسس هذه الهندسة وهذه الهيكلية السياسية والإجتماعية بإستلهامه من القرآن الكريم حيث جاء المصحف الشريف ليوصل الإنسان الى السعادة الحقيقية. قال الله سبحانه وتعالي في القرآن الكريم: “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ”. هذه الآية الكريمة تدلّ على أنّ الدين جاء لكي يُنقذ المجتمع البشري من الضلال ويهديه إلى السعادة. البعض يظنون أنّ الدين جاء ليشكّل العلاقة بين العباد والمعبود فحسب وهذا كلام خاطئ. في هذه الآية الكريمة نرى أنّ الدين لم يأت فقط لهذا الأمر بل إنّ هناك أهدافا إجتماعية وسياسية وراء ذلك.

 

الإيمان والثقة بالله عند المجتمع

 

كان الإمام(قدس) يؤكّد في وصيته على أنّ السبب والدافع الرئيس لإمتداد وإستمرار الثورة الإسلامية هو التحفّظ على الإيمان والثقة بالله ومدرسة الرسول وأهل البيت عليهم السلام، عند أفراد المجتمع. هو الذي جعل الناس يفكّرون بالثورة الحسينية من زاوية حقيقية وهي التي أعطت البشرية الصلابة والشجاعة وألهمت الكثير من الناس بأنّهم يتمكنّون ولو بأيديهم الخالية أن يحقّقوا نصراً كبيراً.

 

الدين ليس عبادياً فحسب

 

الإمام(قدس) لم يكن ينظر للدين كمجموعة عبادية فحسب بل إنّه كان ينظر إلى الدين كمجموعة كاملة لإنقاذ البشرية وإيصالهم إلى السعادة الحقيقية وهذه من تعاليم مدرسة الإمام الخميني رضوان الله عليه. مدرسة الإمام الخميني مدرسة إجتماعية كبيرة.

أنّ الإمام فسّر الآيات القرآنية تفسيراً حقيقياً حيث جعلنا نفهم معنى الآيات نحو “إن تنصروا الله ينصركم” وهوالّذي علّمنا أنّنا لو ننصر الله في مختلف شؤون حياتنا الإجتماعية بالإضافة إلى السياسية والثقافية وغيرهما من الشؤون.

اليوم آراء الإمام الخميني(قدس سره) تُدرس في الجامعات الأوروبية والأمريكة.

 

ولّادة العديد من مقوّمات المجتمع

========

وقالت المحللّة السياسية  اللبنانية سندس الأسعد في مداخلة لها: ثورة الإمام الخميني (قدس)كانتّ ولّادة وولدت العديد من مقوّمات المجتمع. الثورة الإسلامية علّمت الشعوب كيف يمكنهم أن يحقّقوا سيادتهم. اليوم ما يجري في إيران من إستغلال قضية الحجاب ليس إلّا محاولات متكرّرة لإثارة المشاكل في المجتمع الإيراني من قبل الأعداء ولكن يبدو أنّ هؤلاء لم يعرفوا المجتمع الإيراني الذي له وعيه وثباته . اليوم جعلنا الإمام الخامنئي أن لا نقف في جبهة الدفاع عن الحجاب بل نقف في جبهة تقديم وتبيين الحجاب كنموذج ناجح لضمان حقوق المرأة. اليوم حينما ننظر الى المرأة في الغرب نرى أنّها تعاني من الضغوطات الكثيرة في المجتمع الغربي و هو مجتمع ذكوري ومن اسباب معاناة المراة في الغرب تخلّيها عن الحجاب وهذا الأمر جعلها أداة بيد التجار ومن يريد إستغلالها.

المصدر: خاص الوفاق