بإمكانياتها المعدنية الغنيّة وموقعها الاستراتيجي

جزيرة قشم.. تكرار النموذج التنموي الياباني في قلب الخليج الفارسي

تمتلك جزيرة قشم الإيرانية -بإمكانياتها المعدنية الغنية وموقعها الاستراتيجي- القدرة على التحول إلى قطب صناعي في الخليج الفارسي.

وتتمتع جزيرة قشم بخصائص مميزة تشمل وجود مناجم غنية، وقربها من مصادر المياه، وإمكانية توفير طاقة مستدامة، ومساحتها الشاسعة، وموقعها الاستراتيجي القريب من الأسواق الإقليمية، مما يجعلها واحدة من المناطق المؤهلة في إيران لتطوير الصناعات المعدنية والتحويلية والتصنيعية.

 

هذه الخصائص تجعل التنمية الاقتصادية في المجال الصناعي مجدية واقتصادية.

 

صناعات قشم.. من التجميع إلى الجدل البيئي

 

يقترح الخبراء أن تركز قشم على صناعات مثل تجميع الأجهزة المنزلية، وإنتاج الملابس، والصناعات اليدوية، والصناعات التحويلية والتعبئة لمنع بيع المواد الخام.

 

كما يمكن للتحول التدريجي نحو الإنتاج عالي التقنية أن يعزز القدرات الصناعية للجزيرة.

 

الاستفادة من نماذج المناطق الناجحة مثل جبل علي في الإمارات العربية المتحدة، والتطورات المماثلة في قطر وسلطنة عمان، تظهر أن إكمال سلسلة القيمة، وتوفير البنية التحتية اللازمة، والتسويق الفعال يمكن أن ينشط القدرات الصناعية لقشم ويحول هذه الجزيرة إلى قطب صناعي في المنطقة.

 

مسار التنمية الصناعية في قشم

 

هناك وجهات نظر مختلفة حول مسار التنمية الصناعية في قشم. يوصي بعض الخبراء بالاستثمار في الصناعات الدافعة والثقيلة مثل الصناعات النفطية والصلب، معتقدين أن هذه الصناعات يمكن أن تحقق نمواً اقتصادياً ملحوظاً؛ لكن آخرين، مع مراعاة الاعتبارات البيئية خاصة في غرب الجزيرة الذي يتمتع بنظام بيئي حساس، يؤكدون على تطوير الصناعات المرتبطة بالنفط والغاز لمنع الإضرار بالبيئة والنظام البيئي للجزيرة.

 

محاولات مبكرة لتطوير الصناعات الثقيلة

 

في بداية تأسيس المنطقة الحرة في قشم، بذلت جهود لتطوير الصناعات الثقيلة.

 

وشمل ذلك التعاون مع الشركة اليابانية “كوبي ستيل” لإنتاج منتجات الصلب، بما في ذلك الألواح الفولاذية.

 

وتم تجهيز ميناء كاوه في شمال شرق الجزيرة لهذا المشروع، كما تم توفير مبنى في منطقة قرية “كوه هاي” في شمال الجزيرة لاستضافة هذه الشركة.

 

كان من المقرر توفير المواد الخام وخام الحديد من منجم “BHP” في أستراليا بسبب انخفاض سعره؛ لكن هذه الخطة لم تنجح، وتم نقل إنتاج الصلب في النهاية إلى البر الرئيسي في محافظتي هرمزكان وخوزستان.

 

 

قشم جنّة الإنتاج وكنز المعادن

 

تظهر دراسات شركة “سويكو”، وهي مؤسسة استشارية دولية، أن قشم تتمتع بميزة تنافسية في إنتاج المنتجات الكيميائية، والأدوية، والمركبات البحرية، والمعادن، وبعض الصناعات الغذائية.

 

وتؤكد هذه الدراسة على ضرورة تجنب بيع المواد الخام، وتقترح معالجة منتجات النفط والغاز وتطوير الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة كأولوية.

 

كما تعتبر “سويكو” فكرة تطوير الصناعات الأولية والوسيطة بالاعتماد على الموارد الطبيعية الرخيصة والوفيرة فكرة موثوقة، معتقدة أن هذا النهج يمكن أن يحقق عائداً صافياً أكبر لإيران مقارنة ببيع المواد الخام.

 

ومع ذلك، ترى “سويكو” أن تحويل قشم إلى مركز لتوزيع البضائع في الخليج الفارسي يواجه بعض القيود؛ لكنها تعتقد أن الجزيرة يمكن أن تكون بوابة للدخول إلى السوق الإيرانية الكبيرة وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر في مجالات الإنتاج والتوزيع.

 

لا يُنصح بمعالجة المواد الخام الوسيطة المستوردة لإعادة تصديرها على المدى القصير والمتوسط، إلا في المشاريع التي تعوض تكاليف الطاقة المنخفضة، والنقل، واستيراد المواد الخام، وتصدير السلع المصنعة.

 

إنجازات صناعية بارزة

 

في عام 1402 (2023-2024)، بلغت قيمة الإنتاج الصناعي في قشم 16 ألف مليار تومان، أي حوالي 300 مليون دولار. تم تحقيق هذا الإنتاج من قبل 228 وحدة نشطة في 7 مدن صناعية في الجزيرة.

 

مدينة طولا الصناعية.. الأكثر نشاطاً

 

تعد مدينة طولا الصناعية الأكثر نشاطاً في قشم، حيث تشمل أنشطتها الرئيسية إنتاج عبوات ومواد تغليف زيت المحركات، وإنتاج أنابيب ومقاطع أبواب ونوافذ من مادة PVC، وإنتاج التبغ.

 

مصنع إسمنت قشم.. وحدة تصديرية رئيسية

 

يقع مصنع إسمنت قشم عند الكيلومتر 7 على طريق درغان إلى رمكان، بطاقة إنتاجية يومية تبلغ 1200 طن، وهو أحد الوحدات الرئيسية التصديرية في الجزيرة.

 

ثروات معدنية واعدة

 

في المجال المعدني، تمتلك جزيرة قشم موارد قيّمة، حيث توجد فيها مناجم الملح، والحجر الخام، والغاز. يتوفر الحجر الخام والغاز بكثرة حول القرى مثل غورزين، وسلخ، وطبل، ولهما قيمة صناعية عالية.

 

مناجم الحجر الخام

 

منجم تلمبر للحجر الخام: يقع على بُعد 10 كم غرب ميناء قشم، وينتج 35 ألف طن سنوياً.

 

منجم قشم للحجر الخام: يقع على بُعد 14 كم جنوب غرب مدينة قشم، وينتج 2700 طن سنوياً.

 

ملح قشم: الذهب الأبيض للخليج الفارسي، ويتمتع بجودة عالية تجذب دول الخليج الفارسي، حتى أنه يصدر إلى كالكوتا في الهند.

 

منجم نمكدان: كنز الملح، وهو تل ملحي دائري على شكل مخروط بقطر قاعدة يبلغ 7 كم وارتفاع 237 متراً عن سطح البحر، ويعد من أهم مصادر الملح في قشم، وتقدر احتياطياته بـ420 ألف طن، ويقدم أفضل ملح في المنطقة.

 

في الأشهر التسعة الأولى من عام 1402، تم استخراج أكثر من 412 ألفاً و100 طن من المناجم النشطة في قشم.

 

رؤية مستقبلية

 

جزيرة قشم بإمكانياتها الهائلة تحتاج إلى تخطيط دقيق ومستدام لتنمية قدراتها الصناعية والمعدنية مع الحفاظ على نظامها البيئي الحساس.

 

الاستفادة من نماذج المناطق الناجحة مثل جبل علي وجذب الاستثمار الأجنبي أن يمهد الطريق لتطوير هذه الجزيرة ويحولها إلى أحد المراكز الصناعية والمعدنية المهمة في الخليج الفارسي.

 

 

المصدر: فارس