النص المترجم:
العملية الأليمة في القدس التي حدثت مساء السبت جرّت “إسرائيل” مرة أخرى إلى جدال دائم عن الطرق الناجعة لمكافحة الإرهاب. ألقيت بكل الكليشيهات المعروفة إلى الفضاء وإلى الشبكات الاجتماعية: سور واق 2، وطرد، وهدم، وإغلاق وعقوبة إعدام للمخربين.
يجب قول الحقيقة حتى في اللحظات القاسية. لن يكون لـ “إسرائيل” حل للإرهاب “ضربة واحدة وانتهينا” في المستقبل. من يطلق شعارات كهذه إلى الهواء يذر الرماد في العيون، وضرره أكثر من منفعته.
دعك حين يقال هذا من المعارضة (وإن كان في هذا أيضاً بعد لا بأس به من انعدام المسؤولية من جانب منتخبي الجمهور)، لكن عندما يفعل هذا وزراء في الحكومة، فهذا مس حقيقي بالأمن القومي.
وصل وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير يوم الجمعة إلى ساحة العملية. مجرد وصوله أمر مبارك، يشهد على مدى المسؤولية الواجبة. لكنه فضلاً عن هذا، يواصل التصرف كاستفزازي ويدل مرة أخرى على أن له فهماً صفرياً في شؤون وزارته وفي الأمن أو في الحرب ضد الإرهاب.
كانت إعلاناته في الميدان صبيانية وأغضبت “مصدراً سياسياً كبيراً في القدس” الذي أوضح، وعن حق، بأن القرارات بحملات عسكرية لا تتخذ على الرصيف والدم يغلي، بل بعد وضع خطط مناسبة وبحث في الكابينت.
كخدمة للوزير، ثمة بضعة فوارق بين حملة السور الواقي الأصلية في فصح 2002 وبين الوعود عديمة الغطاء بحملة سور واق 2 اليوم.
في حينه، خرجت “إسرائيل” إلى الحملة لتستعيد السيطرة الأمنية على المدن الفلسطينية؛ ولها اليوم حرية عمل كاملة في المناطق-الضفة الغربية، وبالتأكيد في شرقي القدس أرض إسرائيلية لكل معنى وأمر. في حينه، كان العدو منظمات إرهاب مسلحة بمئات الانتحاريين وبمختبرات التخريب، ممن جندوا ومولوا بشكل مرتب. أما العدو اليوم فهم مخربون أفراد يعملون بتأثير الشبكات الاجتماعية.
استمر إعداد الحملة في حينه نحو سنتين (حتى قبل أن تنشب الانتفاضة) وتضمن بلورة دعم دولي واسع؛ أما اليوم فلا شيء جاهزا لحملة بمثل هذا الحجم في شرقي القدس، التي هي تحت مسؤولية الشرطة وليس مسؤولية الجيش.
لا يدور الحديث عن مسألة دلالة لغوية. الجيش لا يعمل في أراضي الدولة ضد سكان إسرائيليين، وليس للشرطة القدرة على إجراء حملة بالحجم الذي ألمح به الوزير المسؤول. وعلى أي حال، ليس واضحاً ما الذي يفترض بمثل هذه الحملة أن تحققه، إذا كان العدو مجهولاً ولا معلومات مسبقة عنه.
حتى الإعلانات الأخرى التي صدرت أول أمس لا غطاء لها، فالبيت الذي سكن فيه مخرب، بيت مأجور وليس واضحاً إذا كان ممكناً إغلاقه (وهكذا حتى قبل البحث في مسألة أهليته النفسية). إن طرد عائلات مخربين هو عقاب مشكوك أن يجتاز العائق القضائي، وعقوبة إعدام للمخربين – الممكنة اليوم أيضاً – كفيلة بأن تردع جزئياً، لكنها ستحول المحكومين بالإعدام إلى أبطال عظام وستركز اهتماماً لا نهاية له حولهم وحول العمليات التي نفذوها.
وعليه، فمن الأفضل لـ “إسرائيل” أن تعود لتفعل ما تفعله بامتياز لعشرات السنين: مكافحة الإرهاب بحكمة، بتصميم وبرباطة جأش، والأهم بصبر، وانطلاقاً من الفهم بأنه لا توجد خطوة واحدة ستحل المشكلة صباح غد.
الجمهور يدرك هذا وهو ناضج بما فيه الكفاية، خصوصاً إزاء الوعود العابثة – أساساً من الوزير الغر – التي ألحقت ضرراً تحديداً حين ترافق معها أعمال عديمة المسؤولية مثل محاولة توبيخ قائد لواء القدس، والتي تشهد على انعدام فهم أساسي في عمل الشرطة، في مدرج القيادة وفي مجالات صلاحيات الوزير.
كان يمكن أن نعتبر سلوك بن غفير عطلاً سيصلح في إطار الرحلة، لكنها ليست أياماً عادية – لا في الساحة الداخلية ولا في مكافحة الإرهاب. أمام موجة عمليات في المناطق وفي شرقي القدس، وعدم الاستقرار في غزة، واقتراب رمضان (ناهيك عن المظاهرات ضد الثورة القضائية) تحتاج “إسرائيل” إلى أياد مستقرة ومسؤولة ليس فقط في ديوان رئيس الوزراء ووزارة الدفاع، بل وفي وزارة الأمن القومي.