تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الإهمال والإساءة اللفظية للطفل هي الأكثر انتشاراً بين صور الإساءة للأطفال في العالم، وتمثل نسبة 54% من الحالات المؤكدة من العنف ضد الأطفال، وذلك مقارنة بنسبة 22% من العنف الجسدي، و4% من سوء المعاملة العاطفية، و12% أشكال أخرى من سوء المعاملة.
وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة فلوريدا الأميركية،على العنف اللفظي، تبين أن الذين تعرضوا إلى نوع من أنواع السباب خلال طفولتهم لديهم أعراض الاكتئاب والقلق أكثر من 1.6 ضعف من أولئك الذين لم يتعرضوا للسباب، كما يتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أو المزاج أكثر في حياتهم.
في ضوء هذه الدراسات والأرقام اليكم بالتعرف إلى تلك العلامات والعمل على تجنبها.
الإساءة اللفظية عنف نفسي عاطفي صعب على الطفل
العنف اللفظي عنف نفسي وعاطفي و هو الأصعب والأكثر إيلاماً للطفل، ويعد من أشد وأسوأ أنواع الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها في حياته، مقارنة بالعنف البدني الذي قد يزول بمرور الوقت، فالآباء يسيئون للطفل معنوياً، فتتكوّن لديه النزعة العدوانية، ولأنه لا يستطيع أن يؤذي أياً من الكبار، فهو سيؤذي أطفاله عندما يكبر؛ نظراً لسوء الصحة النفسية ؟
أسباب أمراض الأطفال النفسية والعقلية.. وطرق علاجها
الطفل الأكثر عرضة للإساءة اللفظية: من كان لديه تاريخ للعنف اللفظي في أسرته، أو حالة الحصول المتكرر على نتائج ضعيفة في المدرسة، أو أن يكون الطفل معزولاً اجتماعياً، أو أن يظهر على الطفل سلوك معادٍ للمجتمع.
العنف الموجه للطفل يتضمن السب والسخرية والإهانة والاستهزاء، والتعذيب أو القتل لحيوان أليف يخص الطفل، والإساءة اللفظية تتمثل في الإفراط في الانتقاد والمطالب غير الملائمة لسن الطفل وإمكاناته، والمنع عن الاتصال مع الآخرين أو النبذ الدائم.
كما يتمثل في تحطيم أو تكسير للعب ودمى الطفل، التي تستحوذ مساحة كبيرة من اهتماماته وولعه، وهذا بلا شك يحفز الطفل على توجيه مشاعر عدوانية تجاه كل من يعارضه من الصغار.
تأثير الإساءة اللفظية على الطفل
تتكّون بداخل معظم الأطفال الذين يتعرضون لأعمال العنف عقد نفسية، وردات فعل عكسية، مُولدة في أنفسهم حب الجريمة وارتكابها.
بعض المجرمين من تجاوز عمر الطفولة قد أقدم على ارتكاب جرائم مختلفة بدوافع غالباً ما تكون دفينة، نتيجة لما تعرضوا له في طفولتهم.
وفقاً للدراسات التربوية؛ أن 80 % من الرضع الذين يتعرضون للإساءة وسوء المعاملة، فإنهم قد يواجهون صعوبة عندما يصبحون أولياء أمور.
الطفل الذي عاش الإهانة والفشل، سوف يقتص ويصبح حاقداً لا يحب الخير لأحد، لشعوره بالنقص، ولبحثه عن التعويض بالسلطة، أو الانتقام .
الطفل لا يســتوعب معاني الكلمات التي تقال له إلا بعد سن الخامسة، وإن استمر الحال سيصاب بالاكتئاب وكراهية الآخرين، وتتدهور حالته النفسية.
في سن المراهقة يزداد الأمر سوءاً، كونه سيلجأ إلى الانتقام بحيل وسلوكيات سلبية عديدة، ويجنح إلى التمرد والمعارضة والاحتجاج، مما يسبب له الكثير من المشاكل.
علامات التربية السيئة للأطفال:
العلامة الأولى: ضغط وسيطرة الآباء تصيب الطفل بالخوف:
سيدي الأب وسيدتي الأم، السيطرة على كل ما يخص الأطفال، لا يقصد بها متابعتهم في كل ما يفعلون ثم الاعتراض عليه، بل ينبغي منحهم بعض الاستقلالية في اتخاذ بعض القرارات، وتحمل جزء من المسؤوليات، ما قد يُعزز ثقة الطفل بذاته وعدم الاعتمادية.
العلامة الثانية: كثرة الصُّراخ تؤثر على نفسية الطفل:
وفي هذا الشأن أُجريت دراسة في جامعة بيتسبرغ، وجدت أن التأديب واستخدام أسلوب الإهانة والصراخ اللفظي القاسي، قد يضر بنفسية الطفل على المدى البعيد، وأن المواظبة على استخدام التوبيخ اللفظي القاسي، كانت مَدخلاً رئيسياً لاكتئاب الطفل، وتدفعه إلى تكرار السلوكيات نفسها من دون توقف، رغم أن الصراخ لا يؤدب، إنما يوقف تصرف يقوم به الطفل- الآن- ويُعرضه للخطر.
العلامة الثالثة: تدخل الآباء الزائد.. يسبب قلق الطفل:
من المفيد حضور الأهل في حياة أطفالهم، ولكن الإفراط في التدخل في تفاصيلهم، يمكن أن يكون سبباً للقلق والاكتئاب، هنا ينصح علماء التربية بالتدخل ومعرفة كل ما يحيط بطفلك، ولكن بشكل غير مباشر، ولهذا حاولي الاقتراب منه بدلاً من ملاصقتك لكل خطوة يخطوها.
العلامة الرابعة: لا وجود لقرار حاسم لوقت النوم:
وجد الباحثون أن هناك صلة بين عدم انتظام وقت نوم الطفل، والعشرات من سوء السلوك مثل: فرط النشاط، صعوبات عاطفية، وعدم الاندماج مع الأقران، وعلمياً اضطراب أوقات النوم في مرحلة النمو المُبكر للطفل، له تأثيرات على الصحة والدماغ ؛ حيث إن نمو الطفل في المرحلة المُبكرة يترتب عليه تأثيرات على مدى الحياة.
العلامة الخامسة: السماح بمشاهدة التلفاز في عمر صغير جداً:
دراسات عدة تؤكد أن تعريض الأطفال قبل سن الثالثة لشاشة التلفاز قد يكون سبباً رئيسياً لعدة مُشكلات؛ منها: التأثير اللغوي، تأثير في المهارات الاجتماعية، ما يجعلهم أكثر تنمراً على زملائهم لحظة دخولهم الحضانة.
هناك ارتباط واضح ووثيق بين الإكثار من الجلوس أمام الشاشات ومشاكل التركيز، وضعف القراءة وإتقان الرياضيات، بينما البرامج التعليمية مفيدة للأطفال من سنتين ونصف إلى خمس سنوات فقط.
العلامة السادسة: إنهم آباء مُستبدّون:
هناك ثلاثة أنماط أساسية من الأبوة والأمومة: المتساهلة، المستبدة، والسلطوية، والأسلوب المستند إلى الثقة والاحترام هو الأمثل؛ حيث يكون الآباء والأمهات منفتحين وعقلانيين في توجيهاتهم لأطفالهم.
أما الأسوأ، فهو الأسلوب المستبد الذي يتمثل في الآباء والأمهات الذين يكونون متطلبين للغاية، ومُثبّطين لأي نقاش مفتوح مع أبنائهم؛ فهم يطالبون أبناءهم بأداء عظيم وتحقيق نجاحات مدرسية فقط.
العلامة السابعة: مشاعرهم بعيدة عن أطفالهم
من الصعب فرض مُعادلة دقيقة تضمن نتائج تربوية سليمة 100%، ولكن يبدو أن هُناك علاقة واضحة تربط بين دفء الوالدين ولطف توجيهاتهم وعقلانيتها، وانعكاس ذلك على سلوك أطفالهم.
حيث إن انخفاض مستوى الدفء وبرود العلاقة بين الآباء والأبناء، تُسهم في بناء مشاكل سلوكية، إلى جانب عدم الإحساس بالأمان والميل إلى العُزلة.
العلامة الأخيرة والأصعب: يلجأون للإساءة اللفظية والعقاب الجسدي
البعض يعتقد أن الإساءة اللفظية والتوبيخ واللوم ، أو حتى الضرب هو العقاب الألطف والأقل ضرراً، إلا أن استمرار استخدام هذا النوع من العقاب مع الطفل قد ارتبط بمشاكل مختلفة مثل فرط النشاط والعدوانية والتنمر تجاه الأطفال الآخرين.
كما وجد أن الأطفال الذين يعاقبهم آباؤهم بالضرب؛ كانوا أكثر عُرضة لافتعال المشكلات مع زملائهم؛ حيث إن الضرب على المؤخرة يرتبط ارتباطاً واضحاً بمشكلات الصحة العقلية، والصعوبات المعرفية لدى الطفل.