فنّان ايراني تم تكريمه في مهرجان "فن الثورة" للوفاق:

الإهتمام بجبهة المقاومة من أولويات فن الثورة

خاص الوفاق: دوست محمدي: من أولويات حياتي خدمة من يناضل ضد شيطان عصرنا، أحاول مساعدتهم بفني، قمت بتصميم سلسلة من الصور لشهداء وقادة جبهة المقاومة اللبنانية.

موناسادات خواسته

 

الفن جزء لا يتجزأ من الإنسان، يخاطب الروح بلغة تنبع من القلب، لغة يعرفها جميع أبناء البشرية، والفنان ذو إحساس مرهف، لهذا نشهد ردّة فعل الفنانين في مختلف الأحداث، ومنها ما يحدث على الساحة الدولية، خاصة ما يجري في غزة ولبنان، فالفنان الملتزم، لا يترك الساحة، حيث يصبح فنّه نداء المظلومين.

 

هناك مهرجانات فنية كثيرة تُقام في إيران خلال السنة، ومنها مهرجان “فن الثورة” الذي إختتم أعماله قبل أيام، وتم تكريم الفنانين المختارين في مختلف أقسامه، ومنهم المصمم الجرافيكي ورسّام الكاريكاتير السيد “محمدرضا دوست محمدي” أستاذ جامعة طهران وهو إنسان متواضع جداً، شغل مناصب تنفيذية عدّة، كما حصل على عدة جوائز، ولديه أعمال رائعة حول المقاومة وأطفال غزة، تم تكريمه لرسمه لوحة “قادة المقاومة” عن القادة الشهداء. من جهة أخرى يصادف اليوم الأحد، اليوم العالمي للجرافيك، فاغتنمنا الفرصة وأجرينا معه حواراً، فيما يلي نصه:

 

 

 

فن الجرافيك

 

بداية سألنا الأستاذ “دوست محمدي” عن رأيه حول الجرافيك وتأثيره على المجتمع، فقال: يعد فن الجرافيك من أهم المجالات الفرعية وأكثرها استخداماً في فن التصميم، فالتصميم بالمعنى العام هو فن حل المشكلات، في مجال التصميم الجرافيكي يقوم الفنانون ومصممو الجرافيك بحل المشكلات البصرية. نطاقه واسع جداً، أي أننا نتعامل مع التصميم الجرافيكي في أماكن مختلفة، من تصميم الحروف والخطوط التي نتعامل معها كل يوم في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والكتب والمجلات والصحف، إلى عناوين وعلامات المحلات التجارية والشوارع، أو المنشورات أو أغلفة الألبومات الموسيقية أو أغلفة المجلات والكتب أو تصميم الكتاب والصفحات وأشياء أخرى كثيرة هي في مجال التصميم الجرافيكي، فتأثيره على المجتمع كبير جداً، على الرغم من أن وجود الذكاء الإصطناعي في الآونة الأخيرة أحدث تغييرات في سوق هذا الفن، وهو ما يضر بالبعض ويفيد البعض الآخر، كالعديد من الظواهر الحضارية الأخرى مليئة بالفرص والتهديدات، أما الجرافيك الإيراني يحظى بمكانة جيدة.

 

الفن الثوري والمقاوم

 

بعد ذلك دار الحديث عن الفن الثوري والمقاوم وميزاته، فقال الفنان الإيراني: في رأيي هناك تمييز بين كلمتي “فن الثورة” و”فن المقاومة”، الثورة لها معنى واسع جداً وعظيم بالنسبة لي الذي أعيش في إيران، أي أن الفنان الثوري يجب أن يكون قادراً على إيجاد الحل الصحيح لجميع المشاكل في مجال عمله وحياته ومجتمعه، من الممكن أن يظن البعض أن الفن الثوري فن يتعامل مع الطقوس التاريخية والعبادات أو العلماء والأئمة على سبيل المثال، ولكنّي أعتقد أن تعريف الفن الثوري أكبر من ذلك بكثير، وإذا شعر الفنان أنه يجب عليه الآن الذهاب إلى وسط مجال الصناعة والعمل لرسومات المصنع بشكل صحيح، فهذا أيضاً عمل ثوري.

 

فنان الثورة أمامه نطاق واسع، والآن من أولويات فن ثورتنا، هو الإهتمام بجبهة المقاومة وتلك الجبهات التي تكون فيها الحقيقة ضد الباطل، وبطبيعة الحال أن من أولويات حياتي خدمة هذه الجبهة، وخدمة من يناضل ضد شيطان عصرنا، وأحاول مساعدة هؤلاء الأصدقاء بفني، سواء كانوا في فلسطين أو على الجبهة اللبنانية أو في اليمن وسوريا وباكستان وأفغانستان وجميع الدول الإسلامية، وحتى الطالب الذي هو في بلد أوروبي أو أمريكا يناضل من أجل الحق ضد الباطل، هو بالتأكيد من أولوياتي.

 

لوحة “قادة المقاومة”

 

أما عندما سألناه عن لوحة “قادة المقاومة”، يؤكد بتواضع على أنه لم يفعل شيئاً، و هذا ليس شيئاً لجبهة المقاومة، ويقول: العمل الذي اختاروني من أجله في الإعلام الإيراني، لم يكن عملا ًكبيراً حقاً، قمت بتصميم سلسلة من الصور لشهداء وقادة جبهة المقاومة اللبنانية وحزب الله، وفقاً لتقليد قديم من الحرب المفروضة على إيران أتذكره عندما كنت طفلاً، عندما كان يسقط الشهداء، يتم رسم صورهم لتعزيتهم أو تكريمهم، والآن من أقل واجباتنا هي رسم صور الشهداء.

 

مواصلة مسيرة قادة الشهداء

 

ثم سألناه عن رأيه حول استشهاد قادة المقاومة ومواصلة المسيرة، فقال الأستاذ “دوست محمدي”: إننا إذا ادعينا بأننا إلى جانب الحق وأن أيديولوجيتنا ونظرتنا للعالم هي النظرة الحقيقية، فلا ينبغي أن نكون مبنيين على أفراد أو معتمدين على شخص، على الرغم من أنهم نماذج لجبهة الحقيقة، وأفكارهم وآرائهم وطريقة حياتهم هي نموذجنا ونور الطريق، ولكننا لا نعتمد على وجودهم المادي والجسدي والدنيوي فقط، بل نؤمن بأمرين، أولاً من استشهد، ما زال بيننا، ميتافيزيقياً أن أرواحهم تراقبنا، أو من حيث الوجود المادي حياتهم وشخصيتهم، ذكرياتهم وسلوكهم أمام أعيننا.

 

في الرحلة القصيرة التي قمت بها إلى لبنان خلال تشييع الشهيد السيد حسن نصر الله، عندما رأيت الشباب اللبناني أصبحت مقتنعاً تماماً في قلبي بأن فكرة مقاومة الباطل لن تقضي على استشهاد القادة، وعندما يصل مجتمع أو مجموعة إلى إيمان حقيقي في قلوبهم، لم يعد من الممكن القضاء عليهم، ولن يتسبب في أي تعطيل في هذا الإيمان والعقيدة، وأتمنى أن يتضاعف في المستقبل أمثال هؤلاء القادة الشهداء ويكونون أكثر فأكثر، وقريبا سنشهد تدمير جبهة الباطل.

 

الفن في خدمة الشعب الفلسطيني المظلوم

 

أما فيما يتعلق بأهمية الرسم التوضيحي والكاريكاتير في دعم الشعب الفلسطيني المظلوم، يعتقد الرسّام الإيراني أنه في فنون كالسينما والرسوم المتحركة وموسيقى الفيديو والعديد من الفنون المؤثرة جداً، يتم الإنتاج متأخراً قليلاً، أي أن وقت وتكلفة إنتاجها مرتفعان، ولكن في الفنون البصرية والفنون التي هي في مجال التصميم الجرافيكي، أو فن الرسم التوضيحي أو الكاريكاتير، يتم إنتاجها بتكلفة أقل من قبل مجموعات بها عدد أقل من الأشخاص أو بشكل فردي أو في وقت قصير لذا فإن من القوى التي يمتلكها فن الرسم التوضيحي والجرافيك هي سرعته وتكلفته المنخفضة، والآن مع وجود الفضاء الإلكتروني، يكون له إنتشار واسع وسريع جداً أيضاً، لأن جبهة الباطل للأسف قوية جداً في مثل هذه الفنون ولديهم أحدث التقنيات والفن، والعلوم الحديثة، من واجبنا أن نخطو على خطاهم وإن شاء الله نكون أفضل منهم، يمكننا إنتاج أعمال جميلة بصرياً وفنياً وأيضاً أعمال تكون قادرة من حيث المضمون على إيصال كلمة الحق إلى الجمهور في هذا العالم المليء بالمعلومات المتناقضة والغريبة.

 

إختيار الموضوع حسب الأولويات

 

حول إختيار موضوع العمل يقول الأستاذ “دوست محمدي”: أحاول أن أعرف أولوياتي في الحياة التي ألاحظها من حولي، وأتصرف وفقا لتلك الأولويات، جزء من عملي يركز على قضايا داخل بلدي، وجزء منه مرتبط بالساحة الدولية وما يحدث في جبهة المقاومة.

 

ذكرى عن لبنان

 

وفي الختام يذكر لنا الأستاذ “دوست محمدي” ذكرى عن زيارته للبنان قائلا: زيارتي الأولى للبنان، كانت مثيرة جداً بالنسبة لي، أرض لبنان أرض جميلة ومباركة جغرافياً ومناخياً، وأن هذه الأرض أصبحت متاخمة للكيان الصهيوني المحتل هي من أصعب إختبارات الله، عندما رأيت طريقة الحياة والرؤية الواضحة عند أهل جنوب لبنان، شعرت بأنني متأخر عنهم جداً، كنت قبل ذلك أفكّر أنني في إيران أبذل الجهد الكثير، ولكن عندما رأيتهم، شعرت أنهم متقدمون منّي بكثير، هناك اختيار لمسارين أمامك في عمر قصير، إما بغض النظر عن المستقبل، والآخرين من أبناء الأمة الإسلامية، لبضعة أيام وبضع سنوات تفكّر في رفاهيتك فقط، وإما تختار طريق المقاومة وترك الرفاهية وراحة نفسك وعائلتك، حقاً في ذلك الجو وتلك المساحة والجغرافيا التي رأيتها، هو خيار صعب للغاية، أهنئهم وأغبط إيمانهم. أسأل الله أن يمنحهم القوة والإيمان القلبي والثواب وإن شاء الله سيتمكن شعوب البلاد الإسلامية ولبنان وفلسطين المقدسة من أن يروا بأعينهم أيام السلام والطمأنينة التي سترافق هلاك الشيطان وسنكون شركاء في احتفالهم.

 

وفيما يلي بعض أعمال الأستاذ “محمدرضا دوست محمدي”:

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص