الرئيس بزشكيان في القمة الثالثة للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا:

مستعدّون لتقاسم الإنجازات وتطوير التعاون مع أفريقيا في كافة المجالات

أشار رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى القدرات والإمكانيات العالية التي تتمتع بها القارة الأفريقية، معلناً استعداد إيران لتقاسم كل إنجازاتها مع أفريقيا وتطوير وتوسيع التعاون في كافة المجالات.

وخلال مشاركته في القمة الثالثة للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا التي عقدت صباح الأحد في قاعة القمة الإسلامية بمشاركة ممثلي 51 دولة، أعرب الدكتور مسعود بزشكيان عن تعازيه لأسر ضحايا الانفجار في ميناء الشهيد رجائي في بندرعباس (جنوب البلاد)، موجهاً التعليمات اللازمة للمعنيين في وزارة الصحة، معرباً عن أمله في أن يتم التمكن من حل المشاكل التي نشأت في أسرع وقت ممكن.

 

وأشار الدكتور بزشكيان إلى أن الله منح الجميع نعماً وقدرات يمكن الاستفادة منها في هذا العالم الذي نعيش فيه تحت أسماء متنوعة وأماكن مختلفة، مشيراً إلى أن كتاب الله يحكم بالعدل والإنصاف، لذلك يجب على كل إنسان أن يرضى بحقوقه ولا يكون معتدياً، وأن يزرع القيم الإنسانية في كيانه.

 

ومضى يقول: إنه وللأسف هناك مجموعة من المعتدين والمتطرفين الذين ينتهكون حقوق الآخرين ويرتكبون الجرائم ويقتلون ويطردون مجموعة من الناس من أرضهم، وهذه المجموعة هي أكثر المخلوقات وحشية وقاتلة على وجه الأرض، وتقوم بذبح الأبرياء، من النساء والأطفال، كبار السن والشباب، دون أي خوف أو تردد.

 

وأكد رئيس الجمهورية على أن إيران وشعبها يؤمنان بأن الجميع سواسية وأمة واحدة، ولا تفوّق بين الشعوب إلا إذا كان قائماً على الإنسانية وتقديم الخدمة الأكبر لهذا العالم، وقال: نحن على استعداد لمشاركتكم كل الإنجازات التي حققناها، وما لدينا في الصحة والتجارة والصناعة والزراعة والأمن والسلام والهدوء، من أجل خلق عالم حيث يمكن لجميع شعوب الأرض أن تعيش معاً في رخاء وأمن وسلام وهدوء.

 

ورأى الدكتور بزشكيان أنه ينبغي للجميع أن يتمتعوا بالإرادة العالية ليتكاتفوا ويتعاونوا لبناء عالم مليء بالصحة والحب والأخوة والصداقة والرحمة والحرية والإنسانية، بدلاً من زرع بذور الكراهية والإستياء.

 

كما اعتبر أن التبادل التجاري من شأنه أن يخلق السلام، معرباً عن أمله في أن يتم خلال وجود الممثلين عن الدول الأفريقية في إيران من ترسيخ الوحدة والتماسك والتواصل، معلناً استعداد إيران للتعاون مع الدول الإفريقية في كافة المجالات.

 

عارف: تعزيز العلاقات مع أفريقيا في مختلف المجالات

 

من جانبه، قال النائب الأول لرئيس الجمهورية: لقد كان تعامل إيران مع الدول والحكومات الأفريقية دائماً قائماً على المبادئ الإنسانية وتركيز العدالة والقواسم المشتركة التاريخية والحضارية، وتدعو حكومة “الوفاق الوطني” إلى تعزيز وتوسيع العلاقات مع أفريقيا.

 

وأكد الدكتور محمدرضا عارف، في القمة التي عقدت بحضور رئيس الجمهورية، ووزير الصناعة والمناجم والتجارة، ووزير الداخلية، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، ورئيس هيئة الأركان لشؤون أفريقيا، وممثلي 51 دولة، أكد على “أننا لا نعتبر أفريقيا مجرد سوق استهلاكية، بل شريكة استراتيجية في الهندسة الجديدة للقوة العالمية”، وقال: لقد حان الوقت لدول الجنوب لكتابة قواعد اللعبة بنفسها في التاريخ المعاصر.

 

وشدد عارف على أن القارة الأفريقية كانت لها مكانة مرموقة في تاريخ البشرية، وتُعرف بأنها مهد الحضارة والإنسانية؛ مضيفاً: لقد كانت أفريقيا بثقافتها الغنية وتاريخها المضطرب تحتل دائماً مكانة خاصة في الذاكرة التاريخية للشعب الإيراني، وفخورون بعلاقاتنا التي يعود تاريخها إلى أكثر من ألف عام مع هذه القارة، وهي العلاقات التي تحتاج اليوم، أكثر من أي وقت مضى، إلى التطوير في إطار المصالح المشتركة.

 

وفي إشارة إلى جهود الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتطوير التعاون الإقليمي والدولي، قال النائب الأول لرئيس الجمهورية: لقد تمكنا من تقديم نموذج مستدام للنمو والتقدم للعالم في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية؛ وفي هذا السياق فإن تعاون الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع الدول الأفريقية يرتكز على المبادئ الإنسانية، والتركيز على العدالة، والقواسم التاريخية والحضارية المشتركة.

 

وفي إشارة إلى تصريحات قائد الثورة الإسلامية بشأن ضرورة توسيع التعاون الاستراتيجي مع القارة الأفريقية، صرح عارف: إنطلاقاً من توجيهات قائد الثورة وقيمنا الثورية، فإننا في حكومة “الوفاق الوطني” نريد تعزيز العلاقات وتوسيع التعاون العميق والمؤسسي مع الدول الأفريقية؛ وفي وثيقة رؤية البلاد وخطة التنمية السابعة، تم التركيز بشكل خاص على توسيع التعاون مع الدول الأفريقية.

 

وشدد النائب الأول لرئيس الجمهورية على أن تحالف الجنوب العالمي هو تحالف من أجل تصميم نظام جديد، نظام ينبع من قلوب الشعوب، وقال: في إيران، ليس لدينا موارد غنية من النفط والغاز والمعادن فحسب، بل لدينا أيضاً الإرادة والمعرفة والتكنولوجيا اللازمة، وسوف نستخدم القدرة ليس للهيمنة، بل على طريق الأخوة والمصير المشترك مع أفريقيا.

 

القارة الأفريقية شريك استراتيجي

 

وصرح عارف: إن إيران تمتلك سلسلة التكنولوجيا والإنتاج الكاملة في مجالات النفط والغاز والبتروكيماويات. وأضاف: منتجاتنا البتروكيماوية جاهزة اليوم ليس فقط للتصدير، بل وأيضاً لتسريع القفزة الصناعية في أفريقيا.

 

وتابع: إننا شركاء لما هو أبعد من المبيعات، وفي قطاع التعدين والصناعات المعدنية، نحن على استعداد لمشاركة خبراتنا وتقنياتنا ورأس مالنا مع أفريقيا، كما نسعى إلى إقامة رابط حضاري في مجال الزراعة والأمن الغذائي.

 

وقال عارف: إن إيران مستعدة للتعاون مع أفريقيا كشريك استراتيجي في تصميم الطاقة النظيفة وشبكات الكهرباء الإقليمية، معرباً عن استعداد إيران للتعاون التكنولوجي ونقل المعرفة في مجالات ربط البنية التحتية وتسهيل التجارة والتعاون المالي والصحة والنظافة وتعزيز مؤسسات تنسيق التعاون والسياحة والثقافة وغيرها من المجالات.

 

واستطرد قائلاً: إن القارة الأفريقية واحدة من المراكز الاقتصادية الناشئة بحجم تجارة سنوي يتجاوز 1500 مليار دولار ومعدل نمو متوسط يبلغ 4%، ومن المتوقع أن يصل إلى 5/4% هذا العام مع موارد طبيعية غنية وسكان شباب، حيث تعتبر شريكاً اقتصادياً استراتيجياً لإيران.

 

وأضاف: من أجل تحقيق هذه الرؤية، اتخذت إيران، من خلال التخطيط الدقيق والتفاهم المتبادل، خطوات لإنشاء آليات فعالة لتعميق العلاقات مع الدول الأفريقية.

 

وصرح: إنه انعقدت القمة الأولى للتعاون بين إيران وغرب أفريقيا في عام2022، وشارك فيها 15 دولة عضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وأسفرت عن توقيع إتفاقيات بقيمة تزيد عن مليار دولار، وقد شكلت هذه الإرادة المشتركة الأساس لعقد القمة الثانية بمشاركة 28 دولة أفريقية.

 

وأضاف: إنه مع تشكيل الحكومة الرابعة عشرة وحكومة “الوفاق الوطني”، تم المضي قدماً في استراتيجية تطوير التعاون مع العالم، خاصة مع القارة الأفريقية، يتم متابعتها بجدية؛ وبناء على قرار الحكومة تم تأسيس الأمانة الدائمة لقمة التعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا وبدأت أنشطتها لمتابعة مسار التفاعلات بشكل مستمر وهادف.

 

تطوير العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا

 

وقال عارف: باعتباري النائب الأول لرئيس الجمهورية، أؤكد لكم أن تصميم بلادنا على إعادة تعريف العلاقات الاقتصادية مع أفريقيا وتطويرها بشكل شامل ثابت لا يتزعزع.

 

وأضاف: في هذا الصدد، هناك عدة تدابير عملية مدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك: إنشاء أمانة دائمة لقمة التعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا، وإطلاق خطوط شحن منتظمة إلى غرب وجنوب أفريقيا، وتصميم آليات مالية للمعاملات المصرفية من خلال المقايضة، وتطوير الزراعة في الخارج وتوفير المدخلات الاستراتيجية، وتوفير ملياري يورو من الموارد المالية من قبل صندوق التنمية الوطني والبنك المركزي لدعم الناشطين الاقتصاديين في الجانبين.

 

كما اعتبر أنه من التدابير العملية الأخرى تسهيل مشاركة الشركات الإيرانية الحكومية والخاصة في المشاريع الاستثمارية الأفريقية، وتعزيز غرف التجارة المشتركة، وزيادة عدد المراكز التجارية الإيرانية في القارة الأفريقية من 13 إلى 20، والتخطيط لإرسال 12 مستشاراً اقتصادياً جديداً بحلول نهاية العام الجاري.

 

ووصف عارف المشاركة الفعالة في المعارض والفعاليات الاقتصادية الوطنية والإقليمية في القارة الأفريقية، والاستثمار في المشاريع التقنية والهندسية، خاصة في مجالات الطاقة والنفط والغاز والبتروكيماويات، وتنفيذ ما لا يقل عن خمسة مشاريع إنشائية كبرى بقيمة تزيد عن مليار دولار بناء على العقود القائمة، وتسهيل التأشيرات، والخطوط الجوية المباشرة، وشبكة النقل البحري لتعزيز البنية التحتية للتجارة والسياحة كأحد هذه التدابير العملية.

 

كما ذكر النائب الأول لرئيس الجمهورية التدابير العملية الأخرى في هذا الصدد، بما في ذلك إقامة المعارض المنتظمة والاجتماعات المتخصصة للقطاع الخاص لربط الأسواق، ووضع خارطة طريق مدتها 10 سنوات للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا على أساس مبادئ العدالة والاحترام المتبادل والتنمية المستدامة، وتمكين الشركات القائمة على المعرفة والشركات الخاصة كقوة دافعة وراء هذا التعاون، والتعاون في جميع مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

 

قمة مشتركة بين القادة الأفارقة والإيرانيين

 

وأعلن عارف أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة تماماً لتوسيع تعاونها مع أفريقيا في كافة المجالات، بما في ذلك المجالات المذكورة أعلاه، وإرساء نهج طويل الأمد ومستدام؛ مضيفاً: أنا أقترح، بهدف تحسين مستوى العلاقات وإحداث تغيير جذري، عقد قمة مشتركة لرؤساء الدول الأفريقية وإيران في عام 2026.

 

وختم النائب الأول لرئيس الجمهورية حديثه بالقول: أتوجه بالشكر الجزيل إلى جميع المسؤولين الذين ساهموا في عقد هذا الاجتماع، خاصة وزير الخارجية الإيرانية ووزير الداخلية ورئيس منظمة تنمية التجارة، ومسؤولي الجهات ذات الصلة.

 

أفق التعاون بين إيران وأفريقيا

 

من جهته، أعلن وزير الصناعة والمناجم والتجارة عن خطط لزيادة التبادل التجاري 10 أضعاف ليصل إلى 10 مليارات دولار كحد أقصى، في إشارة إلى الإمكانات الواسعة للتعاون بين إيران وأفريقيا، وقال: إن الصداقة بين إيران وأفريقيا هي رابط ثقافي وتاريخي طويل الأمد أصبح اليوم رصيداً ثميناً.

 

وفي إشارة إلى العلاقات الاقتصادية الطويلة الأمد بين الجانبين، وصف محمد أتابك المستوى الحالي للتبادلات التجارية بأنه غير كاف، وأضاف: إن حجم تجارة إيران مع أفريقيا يمثل الآن 3% فقط من صادرات البلاد و1% من وارداتها، وهو ما يقتصر على حوالي 800 مليون دولار.

 

وقال وزير الصناعة: إن أفق التعاون بين إيران وأفريقيا يتجاوز 10 مليارات دولار سنوياً في التبادل السلعي والخدماتي والتقني؛ مضيفاً: لدينا خطط كبيرة لتحقيق هذا الهدف.

 

وأشار أتابك إلى أن تطوير البنية التحتية، وبناء المناطق الصناعية والمصافي، وتوسيع الطاقات الجديدة والزراعة خارج الحدود الإقليمية، وإطلاق خطوط الشحن إلى جنوب وجنوب غرب أفريقيا، وإطلاق شركات الطيران، وتسهيل المعاملات المصرفية والمقايضة مع آلية التسوية من خلال صندوق النقد الأجنبي، وصياغة خطة تشغيلية للمناجم الاستراتيجية في أفريقيا، وتخصيص ملياري يورو في التسهيلات على شكل اعتمادات للمشترين والبائعين من صندوق التنمية الوطني، وزيادة عدد غرف التجارة المشتركة من 13 إلى 20، وترقية المستشارين التجاريين إلى 12 كمحاور رئيسية لهذا الحدث.

 

وأعلن وزير الصناعة عن إنشاء صندوق التنمية المشترك بين إيران وأفريقيا، وقال: يهدف هذا الصندوق إلى جذب ملياري دولار من رأس المال وتقليل المخاطر التجارية مع تغطية تأمينية بنسبة 75٪.

 

جدول أعمال القمة

 

هذا وانطلقت أعمال القمة الثالثة للتعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا في طهران، صباح الأحد، بحضور رئيس الجمهورية، ونائبه الأول، ووزيرا الداخلية والعمل، ومجموعة من المسؤولين ورجال الأعمال من القارة الأفريقية.

 

وتستضيف إيران في هذه الفعالية مسؤولين من الاتحاد الأفريقي؛ بالإضافة إلى مسؤولين رفيعي المستوى ووزراء اقتصاد وتجارة، ورؤساء غرف التجارة، ورجال أعمال، وناشطين اقتصاديين، ورؤساء بنوك وشركات تأمين، ووحدات إنتاج، ومديري شركات كبرى ودولية من الدول الأفريقية.

 

وتمثل قمة التعاون الاقتصادي بين إيران وأفريقيا نقطة تحول في منهجية تعاون إيران مع هذه القارة. وفي الوقت نفسه، تمثل القارة الأفريقية فرصة فريدة للدول النامية تجاريًا.

 

وفي هذه القمة، ستُعقد أربع حلقات نقاش متخصصة على المستوى الوزاري في أربعة مجالات: البتروكيماويات، والصناعات المعدنية والتعدينية، والزراعة والصناعات الغذائية، والصحة والدواء. كما يتضمن جدول الأعمال اجتماعات ثنائية مخصصة لهذه الحلقات.

 

وسيزور رجال الأعمال الأفريقيين، اليوم الإثنين، معرض “إيران إكسبو”. ويوم الثلاثاء، بعد عقد ندوة متخصصة في قاعة الخليج الفارسي، سيتوجهون إلى مدينة إصفهان برفقة وفود حكومية ورجال أعمال أفارقة، حيث سيعقدون اجتماعات متخصصة ويزورون أكثر من 10 مراكز صناعية ومصانع في المحافظة؛ وبالطبع، في إصفهان، سيضاف قطاعا السياحة والحرف اليدوية إلى المجالات المذكورة.

 

ووفقاً لهذا التقرير، ستعقد هذه القمة في الفترة من 27 إلى 29 مايو/ أيار في طهران، ومن 30 إلى 31 مايو/ أيار في إصفهان.

 

 

 

المصدر: وكالات