الخليج الفارسي.. مصنع طبيعي لتكوين الكربونات وإزالة الكربون من دورة المحيطات

خاص الوفاق: وصف عضو الهيئة العلمية في المعهد الوطني لعلوم المحيطات الخليج الفارسي بأنه "مصنع طبيعي" لتكوين الكربونات وإزالة الكربون من دورة المحيطات، مؤكداً أن الخلجان شبه المغلقة والمناطق قليلة الدراسة يمكن أن تلعب دوراً محورياً في الدورة العالمية للكربون، وهو دور لا ينبغي إغفاله في التخطيطات المناخية الإقليمية والعالمية.

وأوضح أبوالفضل صالح، في حديثه عن الدراسة الجديدة للمعهد الوطني لعلوم المحيطات والغلاف الجوي، الدور النشط والطبيعي للخليج الفارسي في إزالة الكربون غير العضوي من الدورة العالمية، قائلاً: في وقت يسعى فيه العالم لمواجهة تغير المناخ عبر إيجاد حلول فعالة لإزالة ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من دورة الغلاف الجوي-المحيطات، تزداد الاهتمامات بالتوجه نحو التقنيات الحديثة مثل هندسة المناخ البحري، والتي تهدف لتسهيل امتصاص المحيطات للكربون عبر عمليات مثل تخصيب البحر، زيادة تكوين الكربونات، أو حقن القلوية.

 

وقال صالح: في التقييم الجديد للدور النشط والطبيعي للخليج الفارسي في إزالة الكربون غير العضوي من الدورة العالمية، هناك نقطة مهمة وهي أنه لا يلعب دوراً بارزاً فحسب، بل يتم ذلك بمعدلات قابلة للمقارنة مع بعض التدخلات البشرية الصناعية.

 

ووصف العضو العلمي في المعهد الوطني لعلوم المحيطات والغلاف الجوي معدل الإزالة السنوي الكبير للكربون المعدني عبر الترسيب البيولوجي بأنه أحد النقاط المحورية في دراسة المعهد، قائلاً: بناءً على تحليل انخفاض قلوية المياه في مناطق مختلفة من الخليج الفارسي، قدّر الباحثون في هذه الدراسة أن حوالي 3.7 مليون طن من الكربون المعدني يتم إزالته سنوياً من عمود الماء. وتابع: يتشكل هذا الكربون على هيئة كربونات الكالسيوم التي تترسب في قاع البحر، وهو ما يعادل 31 مليون طن من كربونات الكالسيوم أو 14 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وتلعب مجموعة محدودة من الكائنات الحية، خاصة الرخويات، تليها الطحالب الجيرية، والشعاب المرجانية، والمنخربات، والحيوانات الطحلبية، وقنافذ البحر، دوراً رئيسياً في تحقيق هذه العملية.

 

وأشار صالح إلى معدل الترسيب الكبير كأحد النقاط المحورية الأخرى في دراسة المعهد، موضحاً: إزالة كربونات الكالسيوم من مياه الخليج الفارسي تؤدي إلى تكوين معادن كربوناتية مثل الكالسيت والأراغونيت في قاع الخليج الفارسي. كما أن معدل تكوّن هذه الرواسب من الماء، مع الأخذ في الاعتبار مساحة الخليج الفارسي البالغة 239 ألف كيلومتر مربع، يتراوح بين 4 إلى 8 مليمترات كل قرن، ويتوافق هذا الرقم مع البيانات المتاحة عن الترسيب في الخليج الفارسي، ويعكس الأهمية الجيوكيميائية للمنطقة. وتابع: يمثل ميل الخليج الفارسي لامتصاص ثاني أكسيد الكربون الجوي في الصيف العنصر الثالث الرئيسي في دراسة المعهد.

وأوضح العضو العلمي في المعهد الوطني لعلوم المحيطات والغلاف الجوي في هذا الصدد: تظهر نتائج تحليل الضغط الجزئي لثاني أكسيد الكربون في مياه الخليج الفارسي السطحية أن أكثر من 85% من سطح الخليج الفارسي يعمل كممتص لثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي خلال فصل الصيف؛ بمعنى آخر، فإن الخليج الفارسي في النصف الدافئ من السنة ليس مصدراً لانبعاث ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي فحسب، بل يساعد أيضاً في امتصاصه وتعديل تركيزه في الجو.

 

وأوضح: إن الظروف المواتية لاستقرار الهياكل المرجانية والقواقع تمثل العنصر الرابع الرئيسي، وقال: في جميع محطات أخذ العينات وعلى جميع أعماق الخليج الفارسي، كانت المياه في حالة تشبع فائق (فوق المشبعة) بالنسبة لمعدن كربونات الكالسيوم. هذه الظروف حيوية جداً لتكوين واستقرار الرواسب الكربوناتية، وكذلك لاستمرار حياة الكائنات البانية للكربونات مثل المرجان الصلب، الرخويات ذات الأصداف وغيرها. وتابع: إزالة كربونات الكالسيوم من مياه الخليج الفارسي تؤدي إلى تكوين معادن كربوناتية مثل الكالسيت والأراغونيت في قاع الخليج الفارسي، ويتراوح معدل تكوّن هذه الرواسب من الماء – مع الأخذ في الاعتبار مساحة الخليج الفارسي البالغة 239 ألف كيلومتر مربع – بين 4 إلى 8 مليمترات كل قرن، ويتوافق هذا الرقم مع البيانات المتاحة عن الترسيب في الخليج الفارسي، ويعكس الأهمية الجيوكيميائية للمنطقة.

 

وتابع صالح قائلاً: في ظروف التشبع الفائق، يسهل تكوين بلورات معدن كربونات الكالسيوم، كما تبقى المواد المتكونة مستقرة في الماء. لفهم أفضل، تخيل حالة الماء المشبع بالملح وكيف تتشكل بلورات الملح بسهولة على أسطح الوعاء.

 

وأشار العضو العلمي في المعهد الوطني لعلوم المحيطات والغلاف الجوي إلى التغير في حصص عمليات امتصاص الكربون كخامس عنصر رئيسي في هذه الدراسات، محذراً من أنها تمثل جرس إنذار للمستقبل، قائلاً: على الرغم من هذا الأداء الطبيعي المتميز، تظهر نتائج البحث أن حصة التمثيل الضوئي (الإنتاج الأولي) في امتصاص الكربون آخذة في الازدياد مقارنة بتكوين الكربونات. وأضاف: قد يمثل هذا التغير مؤشراً على تحول في النظام البيوجيوكيميائي للخليج الفارسي، تحول قد يكون ناتجاً عن عوامل مناخية أو بشرية مثل الوفيات الجماعية للشعاب المرجانية، تأثيرات الاحتباس الحراري والتدمير البشري، تلوث الخليج الفارسي بالمغذيات الناتجة عن مياه الصرف الصحي، والتأثيرات المناخية الإقليمية، مما يبرز ضرورة إجراء دراسات متابعة.

 

 

المصدر: الوفاق