أديب وآكاديمي إيراني للوفاق:

الوحدة الإسلامية من أهم محاور خطاب الشهيد مطهري

خاص الوفاق: د.آذرشب: الشهيد مطهري كان معلماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، كان هدفه كبيرا، ويهتم كثيراً بأن يربط الإنسان بالله تعالى.

موناسادات خواسته

 

 

فصل الربيع وأحداثه الثقافية في إيران تنشّط الروح، كما أننا في عشرة الكرامة والأعياد التي تأتي واحدا تلو الآخر، ومنها يوم المعلم الذي نحن على أعتابه ويصادف يوم الجمعة القادم، يوم مربي الأجيال الذي يقول فيه “أحمد شوقي”: “قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا.. كادَ المـُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا..”، ففي إيران تم تسمية يوم المعلم في ذكرى استشهاد المفكّر والعلّامة الشهيد آية الله مرتضى مطهري، الذي له تأليفات كثيرة تم ترجمتها إلى مختلف اللغات، وهو غني عن التعريف، وأجرينا حواراً مع الأديب والأكاديمي الدكتور محمد علي آذرشب، أستاذ جامعة طهران والذي له أيضاً كتب ومقالات وتأليفات كثيرة، وفيما يلي نصه:

 

 

الهدف

يعتقد الدكتور محمدعلي آذرشب أن أهم شيء في المعلم هو ليس فقط المعلومات الموجودة في ذهنه، بل الهدف، ويقول: العلم والمعلومات للمعلم ضرورية، ولكن هناك شيء أهم من ذلك، وهو الهدف، طبعاً أهداف الإنسان، أو المثل الأعلى للإنسان يُمكن أن يكون صغيراً أو متوسطاً أو مطلقاً، الله سبحانه وتعالى المثل الأعلى.

 

ويتابع الأستاذ آذرشب: إن القرآن الكريم يقول عن الهدف الهابط؛ “أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ”، أما عن المثل الأعلى المتوسط الذي هو المثل الأعلى السرابي جاء في كلام الله: “وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً”،

 

ولكن المثل الأعلى الحق، فهو الله تعالى، والمعلّم كلّما ارتفع في مثله الأعلى، وفي أهدافه الكبيرة، كان قادراً أن يكون له تأثير على المجتمع وطلّابه ومتلّقيه.

 

الوحدة الإسلامية في خطاب الشهيد مطهري

 

بعد ذلك يشير الدكتور آذرشب إلى سبب تسمية يوم المعلم ويقول: اليوم نتذكر المعلم بمناسبة ذكرى استشهاد الشهيد آية الله مرتضى مطهري، الذي كان معلماً بكل ما للكلمة من معنى، كان هدفه كبيرا، وكان يرى ما يحتاجه مجتمعه، ويتوجه في خطابه، كتاباته، مقالاته، وفي دروسه إلى ردع الصدع، ورتق الفتق، إلى ما يجب أن يكون عليه المجتمع، من وئام وعلو ورفعة وكرامة، وسؤدد، كان يهتم بهذه المسألة إهتماماً كبيراً، وطبعاً إهتمامه الأول، هو ربط الإنسان بالله سبحانه وتعالى، ولذلك في كتبه التي تحمل إسم “جهان بيني إسلامي” أي “الرؤية الكونية الإسلامية للحياة”، كان يهتم كثيراً بأن يربط الإنسان بالله تعالى، أي ربطه بالهدف الكبير الذي يجب أن يسعى إليه الإنسان، وكلّما كان هدف الإنسان أكبر، كان معلماً بالمعنى الحقيقي أكثر، أتحدث عن نقطة واحدة في خطاب الشهيد مطهري وهي إهتمامه بوحدة الأمة الإسلامية أو التقريب بين المذاهب الإسلامية، لأن هذه القضية تحتل مساحة كبيرة من نشاطاته الفكرية والدعوية والعملية، وهذه ظاهرة طبيعية في رجل يحمل إحياء الأمة، الشهيد مطهري من الإحيائيين، ومن أهم محاور خطاب الشهيد مطهري، هو إهتمامه بخطاب الوحدة في القرآن الكريم، ويكرر في أحاديثه آيات من كتاب الله، تؤكد على وحدة الصف الإسلامي، مثل قوله: “واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا”، أو “وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ” أو “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ”، أو “ولْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ”، ويرى أن الدعوة في الآية مطلق الخير، وأن أهم الخير، الدعوة إلى الوحدة الإسلامية.

 

مربي الأجيال

 

بعد ذلك دار الحديث عن مربي الأجيال وتأثيره على المجتمع، فقال الأكاديمي الإيراني: أولاً يجب أن يكون المعلم مؤمناً بما يقول، وحينما يكون الإنسان مؤمنا بما يقوله، يؤثر في السامع، أما إذا لم يكن مؤمنا بما يقوله، فهو ينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى “يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفعَلُونَ/ كَبُرَ مَقتاً عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفعَلُونَ”.

 

وثانياً: أن يتحلّى ويتخلّق بالأخلاق التي يدعو إليها عملياً، والإمام الصادق(ع) في الحديث الشريف يقول: “كُونُوا دُعَاةً لِلنَّاسِ بِغَيْرِ أَلْسِنَتِكُمْ”، والمقصود هو أنه بأعمالكم، سلوككم، وشخصيتكم.

 

الحكيم في الخطاب

 

ويتابع الدكتور آذرشب: الشيء الثالث الذي باعتقادي هو الأهم، يجب أن يكون المعلم حكيماً في الخطاب، والحكمة هي أن تضع شيئاً في محلّه، يعني يجب أن يكون المتلقي، مهتماً بما يسمع، وأن لا يكون الحديث الذي يُلقى عليه، بعيداً عن واقعه واحتياجاته، ولذلك فإن المعلم يجب أن يعرف لمن يتحدث، وطبعاً معرفة المخاطب أساس مهم لإيصال الكلمة إلى الأسماع، أحياناً يكون المخاطبون متعلمين وأحياناً غير متعلمين، وتختلف مستوى ثقافتهم وعلمهم، وحتى بيئتهم التي يعيشون فيها، هذه كلّها تؤثر على معرفة المخاطب، فإن الشهيد مطهري أول من كان يهتم بالمخاطب، والكلام الذي يفيده، فإذا وجد في المجتمع ضعفاً إيمانياً، كتب كتاب “الرؤية الكونية الإسلامية للحياة”، وإذا وجد في المجتمع توجهاً نحو الإلتقاط الفكري، فيكتب كتباً يحارب فيها الإلتقاط الفكري، وإذا وجد أن هناك فكرة في المجتمع تفصل الإسلام عن القومية، فيكتب كتاب “خدمات متقابل إيران وإسلام” أي “الخدمات المتبادلة بين إيران والإسلام”، لكي يبين أن الإسلام خدم إيران، وإيران خدمت الإسلام، ولا يجوز الفصل بينهما، وهو يهتم إهتماماً شديداً بمعرفة ما يحتاجه المجتمع وهذا شيء مهم، حينما يجد أن هناك توجهاً نحو الطائفية، الإختلافات بين السنة والشيعة، يكتب كثيراً ويهتم بهذه المسألة إهتماماً شديداً لكي يزيل الفوارق بين الطوائف ويجعل المذاهب الإسلامية تتجه نحو مستقبل واعد وهو إقامة الحضارة الإسلامية.

 

الإخلاص في العمل

 

وأخيراً رداً على طلبنا، يوصي الأستاذ آذرشب أن نكون مخلصين في عملنا، ويقول: الإخلاص مهم، اللهم إني أسألك خير ما سألك منه عبادك المخلصون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون، الإخلاص أساس العمل، والأساس الآخر هو الهدف الكبير، والهدف الأول المطلق هو الله سبحانه وتعالى وأن يكون الله تعالى هدفنا في أعمالنا وبذلك نحقق ما نريده من تأثير في المتلقي وفي المجتمع.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص