“مصحف الحُفاظ”.. من سجون الاحتلال إلى منصات الحفظ في العالم

رغم قيد الأسر الذي لازمه 23 عاماً في سجون الاحتلال الإسرائيلي، فإن الأسير المقدسي المحرر رمضان مشاهرة (49 عاماً) لم يسمح للزمن ولا للقيود أن تحجب حلمه الكبير؛ إصدار مشروع "مصحف الحُفاظ".

وأصبح “مصحف الحُفاظ” يُطبع في أكثر من مكان بالعالم، ليعين الحُفاظ وطلبة القرآن الكريم على الحفظ والفهم والتمييز بين المتشابهات.

 

وقال “رمضان مشاهرة” للجزيرة مباشر “23 عامًا هي حياة مليئة بالتفاصيل والحكايات، لكنها مرت سريعًا بفضل الله. لم يكن لديَّ وقت للتفكير في الحياة خارج السجن، كان يومي بين قراءة وتعليم وتعلُّم. ولو لم يعتقلني الاحتلال، ما كنت لأخرج بمشروع مصحف الحُفاظ.

 

من المعاناة وُلدت الفكرة

 

وُلدت فكرة المشروع من حاجة حقيقية عاشها مشاهرة شخصيًّا داخل الأسر، إذ بدأ مع عدد من زملائه بحفظ القرآن الكريم، وواجهوا صعوبة كبيرة في حفظ الآيات المتشابهة، مما دفعه إلى البحث والتمحيص في الكتب والمؤلفات، حتى تبلورت لديه فكرة المصحف الخاص بالحُفاظ، ونضجت على مدى عشر سنوات من العمل الدؤوب.

 

وأوضح مشاهرة “كنت أعمل ليل نهار، وأسابق الزمن. في أول عامين، كنت أدوّن على أوراق متفرقة، ووزعت المتشابهات على مجموعات مختلفة، ثم بدأت أرتبها وأنقّحها”.

 

لكن الطريق لم يكن سهلًا، فقد تعرَّض مشروعه مرارًا لخطر المصادرة من سلطات السجون الإسرائيلية، التي كانت تقوم بعمليات تفتيش مفاجئة قد تنتهي بمصادرة أوراقه. وللتغلب على ذلك، لجأ مشاهرة إلى توزيع أوراق العمل على عدد من الأسرى، وكتب منها نسخًا متعددة لحمايتها.

 

الهندسة تخدم الحفظ

 

ورغم أن مشاهرة ليس متخصصًا في علوم القرآن الكريم، فهو مهندس مدني، فإن تخصصه ساعده على تصميم مشروعه وترتيبه وهيكلته.

 

وأضاف أن الهندسة ساعدته على تسهيل العرض والتصميم والتلوين والتنسيق، بما يجعل الحفظ أسهل وأوضح.

 

ويتكون “مصحف الحُفاظ” من منهجين رئيسين: الأول يربط الآيات المتشابهة وخواتيمها عبر روابط ذهنية وتفسيرية، والثاني يعتمد على استخدام الألوان لتوجيه الحافظ وتعزيز تمييز المتشابهات.

 

من خلف القضبان.. دعم لا ينقطع

 

لم يكن مشاهرة وحده في هذا المشوار، فقد أدت زوجته هند (أم حمزة) دورًا محوريًّا في إخراج المشروع إلى النور، إذ كانت تزوده بالمراجع، وتُحضر له المواد العلمية إلى السجن، وتوزع منها نسخًا على الأسرى لضمان وصولها إليه.

 

وقال مشاهرة إنها كانت تراجع وتدقق، وتحضر وتنسق، وحتى بعد إطلاق المصحف، أشرفت على الحفل وتوزيعه بالشكل المتفق عليه.

 

كما لم ينس مشاهرة الإشادة بالشهيد يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة، قائلًا إنه تتلمذ على يديه داخل السجن، وتعلَّم منه إعراب القرآن، مما ساعده على تذوُّق معانيه بطريقة مختلفة.

 

اليوم، وبعد سنوات من العمل والتحدي خلف القضبان، بدأ مشروع “مصحف الحُفاظ” يُطبع وينتشر في عدد من الدول، حاملًا بين صفحاته ثمرة كفاح أسير وزوجته في مواجهة الأسر والمصادرة والخذلان.

 

وعن طموحه، قال مشاهرة “نتمنى أن يكون هذا المصحف نافعًا لكل من يسعى لحفظ القرآن الكريم، وأؤكد أن هذا العمل خالص لوجه الله تعالى، لا ننتظر منه أي مكسب مادي”.

 

 

المصدر: اكنا