بناء على ما قررت وكالة الأنباء العراقية (واع) وحسب الإحصائيات الرسمية التي أصدرها مركز “DMC” ووفق آخر إحصائيات مؤسستي “we are social” و”Meltwater” إنّ عدد المستخدمين لشبكات التواصل الإجتماعي في العراق يصل الى نحو 25مليون و530 ألف مواطن.
تؤكد هذه التقارير على أنّ: ٢٤ مليونا و٣٠٠ ألف من الشعب العراقي يستخدمون اليوتيوب و٢٣ مليونا و٨٨٠ ألف منهم يستخدمون تيك توك فيما يُقدّر عدد المستخدمين لفيسبوك ١٧ مليونا و٩٥٠ مواطناً حيث قلّ هذا العدد مقارنة بالعام السابق اي مايقارب ٩٠٠ ألف مستخدم.
وما يقارب ١٤ مليون عراقي يستخدمون تطبيق إنستغرام والذي خسر مايقارب نصف مليون من مستخدميه العراقيين مقارنة بالعام الماضي.
هذا فيما شاهد تطبيق اسناب شات إقبالاً واسعا بين المجتمع العراقي حيث إزداد عدد مستخدميه ٢.٣ مليون مقارنة بالعام الذي سبقه حيث بلغ هذا العدد ١٦ مليونا و مئة.
وبخصوص منصّة تويتر يؤكد التقرير على أنّ عدد مستخدميه وصل إلى ٢.٥ مليون نسمة حيث شاهد إقبالاً واسعاً لأن عدد مستخدميه إزداد الى مايقارب ٦٠٠ألف مقارنة بالعام الماضي.
ما هي حقيقة قانون المحتوى الهابط؟
بدأت الحملة الشهر الماضي بتشكيل وزارة الداخلية العراقية “لجنة مكافحة المحتوى الهابط” على مواقع التواصل الاجتماعي وإنشاء موقع إلكتروني لاستلام البلاغات بخصوص هذه المواقع التي قيل إنها تجاوزت 50 ألف بلاغ. بعدها بنحو 3 أسابيع أصدر مجلس القضاء الأعلى إلى المحاكم والادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي امرا اشار فيه الى “استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر محتويات تسيء للذوق العام وتشكل ممارسات غير أخلاقية إضافة إلى الإساءة المتعمدة وبما يخالف القانون للمواطنين ومؤسسات الدولة” وطالبها فيه باتخاذ “الإجراءات القانونية المشددة بحق من يرتكب تلك الجرائم وبما يضمن تحقق الردع العام”.
بعض الخبراء والمحللين القانونيين يعتقدون أن هذا الأمر الحكومي يستند على قانون العقوبات العراقي 111 الصادر في 1969، على الأخص المادتين 403 و226 المتعلقتين بتجريم الإساءة للذوق والآداب العامة وإهانة مؤسسات الدولة وموظفيها.
ماذا يعني المحتوى الهابط؟
تطرّق الكثير من المحللّين والقانونيّين للحديث عن المحتوى الهابط، وألقوا كلمات إيجابية أو سلبية تجاه تشريع هذا الأمر من ناحية الحكومة العراقية ولكن بين هؤلاء الاشخاص ،قدّم القاضي عامر حسن وهو مختص بشأن الملفات القانونية التي تخص الإعلام القراءة الرسمية لهذه المبادرة القانونية من خلال مقابلته مع وكالة (واع) للأنباء.
وقال القاضي عامر حسن لوكالة الأنباء العراقية وهي وكالة حكومية إنّ “مصطلح تسميته المحتوى الهابط الذي يتداول في وسائل الإعلام، أصله القانوني هو الجرائم المخلة بالأخلاق العامة أو الفعل الفاضح الذي يخل بالحياء العام”، مبيناً أن “الجرائم المخلة بالأخلاق العامة تحولت إلى ظاهرة وبدأت تؤثر على المجتمع والأسرة والأجيال الناشئة وسلوكياتها فكان يجب أن تتحرك الدولة بمختلف مؤسساتها للحد منها”.
وأضاف أن “مجلس القضاء الأعلى بادر إلى تشكيل لجنة في العام 2021 مشتركة من عدة جهات برئاسة مجلس القضاء وعضوية ممثلين عن هيئة الإعلام والاتصالات، ونقابة الصحفيين، ونقابة الفنانين، وجهاز الأمن الوطني، ومجموعة أخرى من أجهزة الدولة تكون معنية برصد حالات التجاوز الذي ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي وملاحقة مرتكبيها وفق أحكام القانون”، مبيناً أن “هذه اللجنة بسبب الظروف التي رافقت تشكيلها في عام 2021 من انتشار جائحة كورونا والظروف العامة التي كان يمر بها البلد توقفت عن المباشرة بالموضوع التي شُكلت من أجله”.
ولفت إلى انه “في عام 2022 ألغى مجلس القضاء الأعلى -بعد تشكيل محاكم للنشر والإعلام- هذه اللجنة، وطلب من وزارة الداخلية أن تشكل لجنة منها حصراً تتولى رصد الحالات المخالفة للقانون وتتضمن نشر محتوى يسيء إلى الأخلاق العامة أو يتضمن فعلاً فاضحاً وعرضها على محكمة تحقيق الكرخ المختصة بقضايا النشر والإعلام التي أنا أتولى مهامها”.
وأوضح أن “اللجنة عقدت اجتماعاً تم من خلاله وضع آلية عن كيفية رصد هذه الحالات والتعامل معها وعرضها على المحكمة”، مبيناً أن “اللجنة بدأت أعمالها وأنجزت عدداً من الملفات وعددا من المتهمين وصدرت بحقهم أحكام والقسم الآخر لا زالوا قيد التحقيق”.
وتابع أن “قانون العقوبات تطرق إلى الجرائم المضرة بالمصلحة العامة وتناولها بالمواد من 399 إلى المادة 404 باعتبارها من الأفعال الفاضحة والمخلة بالحياء العام”، منوهاً إلى أن “هناك قناعة بأن هذا المحتوى تحول إلى صناعة وخرج عن إطاره العفوي، حيث إن المادة 403 تتكلم عن صناعة الأفلام أو الرسوم أو الكتابات أو الإشارات أو أي شيء آخر يخل بالحياء العام ويخل بالآداب العامة ويهدف إلى إفساد الأخلاق العامة، ولهذا نطبق نص المادة 403 بحق المتهمين التي تعرض قضاياهم على هذه المحكمة”.
ماذا يعني الذوق العام والأدب؟
قال عقيل عباس وهو كاتب ومحلل سياسي من خلال مقال له والذي انتشر على موقع سكاي نيوز: “لا يوجد تعريف قانوني عراقي لمعنى الآداب وكيفية خرقها لحرية التعبير في إطار هذه المادة”.
وأيضا قال بعض الناقدين عن قانون المحتوى الهابط: “لا معنى ثابت واحد للذوق العام حيث لهذا المصطلح معنى عند كلّ عراقي حسب فكره ومعتقداته”.
في جانب آخر قال علي التميمي وهو سياسي عراقي في حديث للسومرية نيوز، أن “الذوق العام ليس له تعريف واضح لا في الدستور ولا في القانون، ولكنه جزء من النظام العام والآداب العامة وجزء من الاعراف والتقاليد السائدة في المجتمع”.
وأضاف، أن “الذوق العام وهو كل ما ينسجم مع القوانين والأنظمة والقانون هو مجموعة القواعد العامة التي تنظم العلاقة بين الافراد والمشكلة من القناة التشريعية وتطبيق المحاكم”، مبينا انه “يطبق على الجميع دون استثناء، فالذوق العام هو الالتزام بالقوانين”.
من هؤلاء الذين تعرضّوا للمنع القانوني؟
هذا القانون يشمل رواد الصفحات الإجتماعية والذين ينشرون فيديوهات أو صورا أو كلمات تتضمن محتويات تسيء للذوق العام وتشكل ممارسات غير أخلاقية إضافة إلى الإساءة المتعمدة وبما يخالف القانون للمواطنين ومؤسسات الدولة.
وبناء على ما قررته وسائل الإعلام العراقية إنّه خشية الملاحقة القضائية، أقدم أغلب الناشطين المتهمين بنشر «المحتوى المسيء» على حذف الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على حساباتهم، ومنهم من قرر بيع صفحاته الشخصية أو إغلاقها، فيما نشر آخرون مقاطع فيديو وهم «يعتذرون» من وزارة الداخلية والجمهور على ما قدموه في السابق.
هذا العمل جاء خاصة بعدما تعرض علي حسن وهمسة ماجد وغفران مهدي سوادي لعقوبات قانونية إثر نشرهما منشورات غير لائقة كما وصفها بعض القانونيين حيث حكمت محكمة جنح الكرخ في بغداد على حسن صجمة وهو ناشط على يوتيوب بالسجن عامين، وعلى غفران مهدي سوادي المعروفة بـ«أم فهد» وهي ناشطة على تيك توك حيث يحظى حسابها بأكثر من 23 ألف متابع، بالسجن ستة أشهر، وفق بيان مجلس القضاء الأعلى.
وأشار البيان إلى أن صجمة وأم فهد أُدينا “لقيامهما بنشر عدة أفلام وفيديوهات تتضمن أقوالًا فاحشة ومخلة بالحياء والآداب العامة وعرضها على الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
هل هذا القانون يعارض حرية التعبير؟
ذهب عدة من النشطاء الإجتماعيين والمحللين القانونيين إلى أنّ هذا القانون يعارض حق تعبير المرء في المجتمع حيث يفرض عليه التضييقات ويحدّده وفي السياق ذاته وفي مقابلات إعلاميّة عبّر بعض النشطاء والمحللين عن قلقهم تجاه هذا القانون.
من زاوية أخرى شدد بعض المحللين والنشطاء الإجتماعيين لاسيّما التربويين على ضرورة تشريع وتنفيذ هذا القانون.
من هنا يشير بعض المؤيدين لقانون المحتوى الهابط إلى قوانين دولية نحو قانون منع نشر الكراهية في المجتمع والذي شرعّه الكثير من البلدان الأوروبية والإسلامية يمنع أيّ نوع من أنواع نشر الكراهية وجعل أفراد المجتمع يكرهون البعض من خلال توجيه التهمة أو الشتم أو الإفتراء أو السخرية أو ماشابهها.
إنّ حرية التعبير لا تسمح لبعض أفراد المجتمع بنشر المحتوى اللاأخلاقي بأنواعه المختلفة.
وفي هذا الإطار قال محمد سعدون الصيهود النائب عن ائتلاف دولة القانون ،إن ” استخدام المحتوى الهابط بهدف الاساءة والتشويه والانتقاص والتحشيد والتنمر ، هو سلاح فتاك يراد منه ضرب المجتمع من الداخل ونخر مكتسباته وتمزيقه لخلق ازمات داخلية نحن في غنى عنها “.