لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة…
(ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخائر الأمة، وبناة الحضارة)
قد تكون أكثر المراحل العمرية قلقا بالنسبة للإنسان، هي مرحلة الشباب، لذلك تثير هذه المرحلة الحساسة سلسلة من الأسئلة المهمة جدا من قبل الشباب، وهذه الأسئلة تكون في غاية الأهمية، ولهذا فإن الإجابة عنها تضاهي هذه الأهمية، كونها ترسم للشاب طريقا واضح المعالم للنجاح في الحياة وجعلها نقطة انطلاق للفوز بسعادة الآخرة.
فما هي هذه الأسئلة، ولماذا يُطلقها الشاب على نفسه وعلى الآخرين المعنيين بالإجابة، وينتظر منهم التوضيح، بل ويبقى يلحّ في طلب الإجابة؟، السبب في ذلك حتى تفتح هذه الأجوبة أبواب التغيير أمامه، ولكي لا يبقى يراوح في مكانه في عصر باتت السرعة عنوانه في كل شيء، لهذا يواصل الشاب طرح الأسئلة، ويبقى ينتظر الإجابات على أحرّ من الجمر.
السبب في هذا الإلحاح، أن الشباب يرغبون في معرفة دورهم في الحياة، ومدى أهمية هذا الدور، وفي الحقيقة أجاب الإسلام عن جميع هذه التساؤلات الشبابية، ولو أن الشاب أتعب نفسه بعض الشيء في فهم الأحكام الشرعية والعقائد والدين، لتوصّل إلى جميع الحلول التي تضع خطواته وأقدامه على الطريق المستقيم.
(ما هي مكانة الشباب في الشريعة الإسلامية؟، وهل اهتم الإسلام بالشباب؟، وهل هناك مكان للشباب في فكر أهل البيت عليهم السلام؟، إن أمثال هذه الأسئلة تزدحم عادة في أذهان بعض الشباب وهي جميعاً ذات محور واحد وهو: الشباب ومكانتهم ودورهم في هذه الحياة).
توجد جماعات تسعى إلى تخريب العلاقة بين الشباب والدين، قد تكون هذه الجماعات داخلية وبعضها خارجية، ومنها لها أهداف عقائدية (تهدف إلى تخريب العقائد)، وبعضها ذات أهداف فكرية دينية تسعى مثلا لنشر الإلحاد بين الشباب، وهذه كلها أهداف يتم التخطيط لها في دوائر مغلقة ومعادية للإسلام والمسلمين.
فليس من مصلحة أعداء المسلمين أن يكون شبابهم على أهبة الاستعداد في مواجهة التيارات الفكرية التخريبية، وهناك من لا يريد لهذه الأمة أن تنهض من جديد، وتعيد مجدها السابق في قيادة البشرية، دينيا وأخلاقيا وعلميا أيضا، لهذا يخشى أولئك الأعداد من خروج (المارد) مجددا، ونشر العدل بين الناس، وإزاحة الظلم والظالمين على مستوى العالم.
الشباب ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها
لذلك يوجد من يشيع الشبهات ويطلق الإشاعات الكاذبة والمنحرفة عن الدين وهو منها براء، والهدف دائما هو النيل من عقول الشباب بالدرجة الأولى، والسبب معروف لنا، فحين يقع شباب الأمة في فخ الانحراف العقائدي والفكري، هذا يعني أن الأمة فقدت أهم الأعمدة البشرية التي ترتكز عليها كي تنافس الأمم الأخرى في مضمار التقدم والتطور.
ونظرا لخطورة شريحة الشباب، والأهمية الكبرى لهذه الأعمار الفتية وذات الأعداد الكبيرة، فإن الإسلام نظر للشباب على أنهم (رأس النفيضة) في هذه الأمة، فالشباب هم الفئة العمرية الأكثر عددا في تكوين الأمة الوجودي، وهم أيضا الأكثر طاقة ونشاطا وحركة على المستوى المادي، كما أنهم يملؤون المقاعد العلمية لتطوير عقولهم وإمكاناتهم المختلفة.
فالحقيقة التي يؤكد عليها الإسلام هي أن الشباب هم الاحتياط المهم لطاقات الأمة وإمكاناتها، وينظر للشباب على أنهم السند الحقيقي لبقاء هذه الأمة في المضمار التنافسي في جميع المجالات، كونهم يتمتعون بعقول ذات نزعة حضارية كبيرة وعميقة، ولديهم تطلعات تهدف إلى وضع أمة المسلمين في المكانة التي تليق بها دائما، فالشباب هم ذخائر الأمم.
لماذا ينظر الإسلام إلى الشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنع طاقاتها؟، هذه الحقيقة لا يمكن التغافل عنها نظرا لوجودها الحقيقي في الواقع الإسلامي، فالشباب المسلم عادة هم في نقاء دائم ومستمر، ولديهم تمسك كبير في التعامل الفطري مع جميع القضايا، ويتحلون بالصدق والالتزام والاستقامة، وهذه كلها مفاتيح مهمة لنشر القيم الصحيحة.
شبابنا في مأمن من التلويث الفكري
فالشباب المسلم رغم كل وسائل ورسائل التلويث التي غزت العالم أجمع، شرقا وغربا، إلا أنها حتى هذه اللحظة لم تتمكن من غزو العقل الشبابي كما خططوا له، فالأمة لا تزال قوية بشبابها، ولا تزال تحمي عقول الشباب من تيارات التلويث الفكري والعقائدي، وهذا يجعل شبابنا في مأمن من جميع المحاولات التي تديرها جهات لا تريد الخير للمسلمين.
لهذا يبقى الشباب المسلم في علاقة متماسكة مع الدين، ومع أحكام الله، مما يجعلهم حاضرين للقيام بالدور المطلوب منهم في أية مواجهة مع التيارات المعادية.
(تعود هذه النظرة الإسلامية للشباب على أنهم ذخيرة الأمة ومنبع طاقاتها إلى أمرين، أولاً: يمتاز الشباب بفطرة سليمة نقية لم تتلوث بعد بالذنوب وباقي الانحرافات الأخرى، مما يساعد على تنظيم وتعميق علاقتهم مع اللّه عزّ وجلّ، وبالتالي سوف يكونون عناصر مخلصة وفعالة في الأمة).
كذلك غالبا ما تقترن مرحلة الشباب طاقات هائلة، وحماسة كبيرة، واندفاع كبير نحو الآمال العريقة والأهداف الكبيرة، فالشباب يمتلكون الطاقات التي تؤهلهم كي يلعبوا دورا كبيرا في مجال تغيير الأمة وحماية مصالحها، نظرا للقوة والتماسك العقائدي والفكري الذي يتحلى به الشباب، وهذا يشجع على تنظيم قدرات الشباب وتنظيمها.
والهدف من هذا التنظيم للطاقات والإرادات أن يجعل الإسلام شريحة الشباب هي التي تتصدر طاقات الأمة وهي التي تتقدم أهدافها، كونها ذات قدرات عظيمة وطاقات هائلة، وهذا بالضبط ما تم تنظيمه فكريا وعقائديا، حيث تتحول جميع فعاليات وأنشطة الشباب إلى أهداف فعلية.
(إن مرحلة الشباب مرحلة جديدة مفعمة بطاقات هائلة، وهي بداية تنامي الآمال والأهداف، يرافقها حماس وفعاليات ونشاطات ذهنية وجسدية عظيمة، لا يمكن الاستهانة بها، فيأتي الإسلام لينظم الفعاليات والنشاطات، ويجعلها تصب في خدمة الأهداف).
هكذا تكون العلاقة بين الشباب من جهة، وبين الإسلام من جهة أخرى، في غاية التماسك، بعد أن ينظر الإسلام إلى أولوية الأهداف ويشكل ترتيبها بحسب الأهمية ويضع التخطيط الصحيح، والخطوات العملية القادرة على تحويل الأفكار والخطط إلى أهداف كبيرة يمكن تحقيقها فعليا.
وهذا يعني بالنتيجة، تشجيع الشباب على تأثيث الدنيا بأعمال الخير، وبالتالي الانطلاق من الدنيا نحو الدار الأخرى بكامل الهيبة والوقار والنجاح المضمون. (بعد ذلك يقرر الإسلام الأهداف الجيدة والنافعة من غيرها، وهكذا يأخذ بيد الشباب إلى طريق نجاحه في الدنيا والآخرة).
خلاصة ما نريد الوصول إليه، يتعلق بشريحة الشباب حصرا، فهي الأمل الكبير لهذه الأمة، في استعادة دورها التاريخي، والبقاء في ميدان التنافس العالمي، لاسيما أن نسبة الشباب المسلمين كبيرة جدا، مما يجعلها قادرة على البقاء في ميادين التنافس مع الآخرين، ولكن بشرط البقاء دائما على أهبة الاستعداد للمستجدات المتسارعة في مجال التطور والتغيير العالمي.