موناسادات خواسته
جسر للتفاهم
بداية، سألنا الدكتور “حسن بشير” عن الجانب الثقافي في تأثير العلاقات العامة والإعلام في الظروف الراهنة بالمنطقة، ودوره في نشر الحقيقة، فقال: قبل الإجابة عن هذا السؤال والأسئلة الأخری، یجب أن أوکد أن يوم العلاقات العامة ليس مجرد یوم احتفال، بل هو فرصة لإعادة تعريف هذا الحدث العالمي كـ “جسر للتفاهم” في عالم تزداد انقساماته وتتفاقم مشاکله.
إن العلاقات العامة والإعلام بشكل عميق یؤثران على الجانب الثقافي في جمیع مناطق العالم، خاصة في الظروف الراهنة التي تتسم بالتحديات السياسية والإجتماعية والإقتصادية.
اذن فالعلاقات العامة والإعلام هما سلاحان ذاتا حدين في السياق الثقافي فبينما يُمكنهما تعزيز الحوار والحقيقة، فإنهما قادران أيضاً على تزييف الوعي وتفتيت الهوية الوطنیة. نجاحهما في نشر الحقيقة يرتبط بـعمق الشفافية، واستقلالية المؤسسات الإعلامية، وتعزيز التربية الإعلامية لدى الوسائط الاعلامیة والجمهور لتمييز الحقائق من الأوهام. في النهاية، الثقافة ليست ثابتة، والإعلام هو مرآة لتلك الديناميكية وقوة دفع لها یمکنها ان تکون سلاحا ذي حدین کما أکدنا علیه.
تحليل تأثير الإعلام والعلاقات العامة
يتابع أستاذ جامعة الإمام الصادق(ع): تؤثر العلاقات العامة والإعلام بشكل عميق على الجانب الثقافي في المنطقة العربية، خاصة في الظروف الراهنة التي تتسم بالتحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. يمكن تحليل هذا التأثير من عدة زوايا.
ان العلاقات العامة والاعلام بشکل عام یؤثران کثیراً علی الجوانب الثقافية والاجتماعیة وحتی السیاسیة في المنطقة وفي العالم الاسلامي من زوایا متعددة من اهمها: تعزیز الهویة الثقافية والرؤية الجماعیة ویؤثران علی توحید القوی الوطنیة او انقسامها لو حاولا الترکیز علی الاختلافات بدل التماسك الاجتماعي.
وکذلك الحفاظ علی الثراث في هذا المجال ایضا مهماً وحیاتیاً یمکنه ان ینشر الوعي في المجتمع. ونشر الحقیقة بین التثقیف والتضلیل مهم في هذا المجال. ففي ظل انتشار وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت مهمة العلاقات العامة والإعلام بشکل عام مهمة صعبة ومعقدة للغایة تستوجب الاهتمام بها بشکل أعمق مما شاهدناه في زمن الوسائل الاعلامیة قبل هذا. فمثلا مکافحة الاخبار الکاذبة اصبحت مهمة حیاتیة في المجتمعات المختلفة واستخدام هذه العلاقات العامة من جهات سیاسیة أو ثقافية لتشکیل الرأی العام عبر خطابات مسبقة ومعدة من قبل، اصبح خطراً مهماً لتعتیم الحقائق وغیابها بینما یحاول الاعلام المستقل وغیر المستورد او الموجه، ان یکشف الجوانب المختلفه للحقیقة في جمیع المجالات ویکسر حجب المعلومات المزیفة.
وهکذا یمکننا ان نؤکد علی تاثیر العلاقات العامة علی القیم الاجتماعیة وتعزیز الحوار او القمع الجماعي. فربما تروّج الحملات الاعلامیة لتعزیز قیم التسامح والحوار في المجتمعات، او ربما تُستخدم کوسیلة مهمة لقمع الآراء المخالفة عبر تشویه السمعة او تهمیش الشخیصة وأمثالها. فمثلا نری في بعض المجتمعات، یُستخدم الاعلام والعلاقات العامة کسلاح لتمرير الروایات المتحیزة کما نراها في الاعلام الصهیوني لتشویه صورة الشعب الفلسطیني، وقد تُساهم المنظمات المستقلة وخاصة منظمات المجمتع المدني بإبراز الروایة الحقیقیة لما یجري في المنطقة والعالم بشکل عام.
وخلقت التکنولوجیا أیضاً وضعاً غیّر المشهد الثقافي والاجتماعي، وأثر کثیراً لإحیاء الصورة الحقیقیة أو المزیفة ومن هنا یجب ان ننتبه الی مهمة العلاقات العامة، لخلق أجواء مناسبة وملائمة لنشر الحقیقة عبر وسائل الاعلام الجدید.
العلاقات العامة والدبلوماسية الثقافية
عندما سألنا الدكتور بشير عن رأيه حول تعزيز العلاقات العامة، وهل تؤثر في الدبلوماسية الثقافية والسلام، أجاب:
الجواب هنا نعم وبقوة. فإن تعزيز العلاقات العامة (Public Relations) يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على الدبلوماسية الثقافية وخاصة دبلوماسیة السلام، عندما تُستخدم العلاقات العامة كأداة لبناء جسور التفاهم والتعاون بين الشعوب وتعزيز الحوار الثقافي.
أحاول أن أرکّز علی بعض المحاور المهمة في هذا المجال. الدبلوماسیة الثقافية تعتمد علی تبادل القیم والفنون والتراث بین الشعوب لتعزیز التفاهم والتعاون من خلال تشکیل الصورة الذهنیة المناسبة والإیجابیة وإیجاد الأرضیة الملائمة للحوار بین الشعوب وحتی الحکومات والترکیز علی قیم السلام وبناء جسور التعاون وتقلیل الخطاب المُسيء الذي یشوّه وجه الشعوب في المنطقة عن طریق المهرجانات الثقافية المشترکة وغیرها.
الركيزة الأساسية للدبلوماسية الثقافية
ويضيف الدكتور بشير: اذن یمکننا ان نلخص ما قلناه هنا بأن تعزیز العلاقات العامه یُعدّ رکیزة أساسیة مهمة للدبلوماسیة الثقافية الفعّالة ویمکنها ان تلعب دوراً مهماً في مجال “بناء الثقة” بين الشعوب عبر الحوار الثقافي و “تحويل الثقافة إلى لغة عالمية” تتجاوز الحدود السياسية وکذلك “مواجهة التطرف” بإبراز القيم الإنسانية المشتركة.
وکل هذا یحتاج الى طرق تحقق النجاح منها: “عدم التضلیل الاعلامي” والتأکید علی “الشفافية والصدق الاعلامي”، و “مشارکة الشعوب” و “المؤسسات الثقافية المستقلة” لخلق الصورة المناسبة والحقیقیة و “التعاون بین الحکومات” لإیجاد الأرضیة المناسبة للإعلام السلیم والصادق.
الإعلام وخلق الصورة الحقيقية
بعد ذلك دار الحديث عن أبرز الميزات والأدوات التي يجب الإلتزام بها واستخدامها في هذا المجال للدفاع عن المظلومين وخاصة الشعب الفلسطيني المظلوم، فقال الدكتور بشير: العلاقات العامة والإعلام بشکل عام، له قدرة کافية لخلق الصورة الحقیقیة کما قلنا، أو تشویة الصورة الموجودة وتغییر سماتها وما یجري فيها. فالدفاع عن المظلومين، وخاصة الشعب الفلسطيني، يتطلب توظيف أدوات العلاقات العامة والإعلام والمناصرة بطريقة استراتيجية وأخلاقية وثقافية، مع التركيز على “نقل الحقيقة” اولاً ” وكسر حاجز التعتيم” ثانیاً ” وحشد الرأي العام الدولي” ثالثاً.
ویمکننا أن نؤکد علی بعض أبرز المیزات والأدوات التي یجب الإلتزام بها وهي: الإلتزام بالمبادیء الأساسیة في مجال الشفافية والمصداقیة والترکیز علی حقوق الانسان و”التوازن بین العاطفة و العقلانیة” و کل هذا من خلال: “توثیق الإنتهاکات” و “التعاون مع منظمات حقوقیة عالمیة” لنقل الصورة الحقیقیة لما یجری في غزة وفي أرض فلسطین بشکل عام، وایجاد “حملات إعلامیة عالمیة” لإحیاء الشعب الفلسطیني وجهاده ضد الظلم الصهیوني والتعاون مع الناشطین الدولیین علی الصعید العالمي لدعم القضیة الفلسطینیة.
وفي النهایة یجب أن أوکد بأن الدفاع عن الشعب الفلسطیني المظلوم، یتطلب “مزیجاً ذکیاً من الأدوات والأسالیب المختلفة” ومن أهمها کیفية الإستفادة المناسبة من الإعلام والعلاقات العامة الهادفة والمفيدة والمؤثرة من خلال: الإستفادة من “القوة الناعمة”، و “القوة القانونیة” و”القوة الرقمية” و “القوة الشعبیة”.