وأعرب الدكتور مسعود بزشكيان، مساء الإثنين، خلال لقائه مع رؤساء الوفود المشاركة في “الاجتماع الثاني لوزراء التعليم العالي والعلوم والتكنولوجيا للدول الأعضاء في منصة حوار منظمة التعاون الإسلامي (OIC-15)”، عن سعادته بفرصة الحوار معهم، وقال: آمل أن تتوسع وتتعزز خلال اجتماعاتكم أوجه التفاهم والتعاون بين الدول الإسلامية” وأضاف: بطبيعة الحال، نواجه جميعًا في بلداننا مشكلات مختلفة، وأفضل من يمكنه تحديد هذه المشكلات بدقة وطرح حلول لها هم العلماء والجامعيون. لقد اتجه الجيل الجديد من الجامعات نحو تعليم المهارات في مجالات حل المشكلات والعمل الجماعي بدلاً من الاقتصار على التدريس النظري.
وأكد الدكتور بزشكيان: على علماء وطلاب الجامعات في الدول الإسلامية أن يتعاونوا مع بعضهم البعض، خاصة من خلال منصات الحوار مثل هذا المؤتمر، لطرح الأفكار والحلول لمشكلات بلدانهم والمشكلات المشتركة للدول الإسلامية، حتى يتمكن المسؤولون من تنفيذها وحل هذه المشكلات.
وأشار رئيس الجمهورية إلى أن “الإحصاءات تُظهر أن 90٪ من الأبحاث والدراسات تبقى دون استخدام على الرفوف، والسبب في ذلك هو أن الباحثين والمسؤولين يعملون كل في مجاله دون تعاون أو تبادل أفكار لحل المشكلات.” وقال: فرص مثل هذا المؤتمر تُعد أرضية مناسبة للوصول إلى رؤية ولغة مشتركة بين علماء العالم الإسلامي. يجب على الدول الإسلامية أن تدعم بعضها البعض في مختلف المجالات، والجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة لأي نوع من التعاون مع الدول الإسلامية، خاصة في المجال العلمي. وأضاف: على مسؤولي التعليم العالي والبحث العلمي في الدول الإسلامية توجيه الطلاب والباحثين نحو التعاون لحل مشكلات الدول الإسلامية. وتابع: إذا تعاونت الدول الإسلامية بصدق، فإن مساحتها الجغرافية الواسعة، وسكانها البالغ عددهم 8/1 مليار نسمة، وإمكانياتها الطبيعية يمكن أن تصل بها بسهولة إلى المرتبة الأولى علميًا وتكنولوجيًا في العالم، كما كانت في السابق.
* إنشاء “منظمة لتكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي”
إلى ذلك، إقترح رئيس مؤسسة إيرانولوجيا إنشاء “منظمة لتكنولوجيا الكم والذكاء الاصطناعي” بدلاً من منظمة الذكاء الاصطناعي فقط، ضمن القرار المتعلق بالذكاء الاصطناعي في المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
وأكد الدكتور علي أكبر صالحي، مساء الإثنين، خلال مشاركته في اليوم الثاني من الاجتماع الثاني لوزراء التعليم العالي للدول الإسلامية (OIC-15) الذي عقد في طهران: يعقد هذا المؤتمر في توقيت بالغ الأهمية، فنحن اليوم في القرن الحادي والعشرين. ومع نهاية هذا القرن، سنشهد ميلاد عصر جديد سيُعيد تشكيل الأبعاد الاجتماعية والتكنولوجية والثقافية بشكل جذري، بفضل تقنيتي الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية.
وأشار صالحي إلى أن إذا لم تتخذ الدول -خاصة النامية منها- خطوات جادة وكبيرة في هاتين التقنيتين، فستصبح عبيداً حديثين لأولئك الذين عملوا في هذا المجال.
وأوضح رئيس مؤسسة إيرانولوجيا قائلاً: الذكاء الاصطناعي ليس علماً مستقلاً بذاته، بل هو ظاهرة تكنولوجية تجمع عناصر متعددة، حيث تشكل البيانات والخوارزميات والكوادر المتخصصة وأجهزة الحاسوب المكونات الأربعة الأساسية للذكاء الاصطناعي. وإذا حققنا التقدم في هذه الجوانب الأربعة، سنكون قد خطونا خطوات كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي. وأضاف: أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة لا مفر منها، سريعة التطور وغير قابلة للتجنب، ونحن مضطرون للدخول في هذا المجال. كما أن الدول المختلفة تعمل بنشاط في هذا الاتجاه، ويجب علينا أن نتحرك بسرعة أكبر.
وتحدث الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية عن تكنولوجيا “الكم” قائلاً: هذه التقنية مكملة للذكاء الاصطناعي، وإذا لم نؤسس لها قاعدة فسنبقى متخلفين في هذا المجال. وفي أوروبا، تم وضع خارطة الطريق لهذه التقنية قبل 14 عاماً، بينما في إيران تم اتخاذ خطوات كبيرة في هذا الصدد منذ 9 أعوام.
وأشار صالحي إلى أن الخطوة الأولى في هذه التقنية كانت اختبار الفوتونات المتشابكة التي تم إجراؤها في إيران. كما تمكنت جامعة آزاد الإسلامية من تشغيل حاسوب كمي بقدرة 30 كيوبت، وهو إنجاز أعتقد أنه لا نظير له في الشرق الأوسط. وقال: يمكن لتكنولوجيا الكم أن تنتج حواسيب لا تُقارن أسرع الحواسيب الحالية من حيث القوة الحسابية، لذا يجب على جميع دول منظمة التعاون الإسلامي التعاون في هذا المجال. وأضاف: نحن على استعداد لمشاركة إنجازاتنا في تكنولوجيا الكم لتمكين الدول الأخرى من اتخاذ خطوات في هذا المضمار.
وأكّد أستاذ جامعة شريف التكنولوجية قائلاً: الذكاء الاصطناعي ليس تكنولوجيا المستقبل، بل هو تكنولوجيا اليوم. ولا ينبغي أن نسمح للذكاء الاصطناعي بتشكيل مستقبلنا، بل يجب أن نشكل نحن مستقبله. وليس لدينا خيار سوى.
تدريب الكوادر البشرية في هذه المجالات التكنولوجية. وأضاف: علينا في النهاية دمج الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الكم في مجالات العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات STEM، مشيراً إلى أن اليوم ليس وقت التنافس، بل يجب تهيئة ظروف التعاون والتكامل، وحان الوقت لتحويل شعارات التعاون إلى أفعال. وتابع: إذا لم نتخذ القرارات اليوم ونحول الشعارات إلى أفعال، فسيكون الغد متأخراً جداً.
* التعاون مع الدول الإسلامية في مجال التكنولوجيا النووية
من جانبه، أعلن رئيس معهد العلوم والتقنيات النووية عن استعداد إيران للتعاون مع الدول الإسلامية في مختلف مجالات التكنولوجيا النووية.
وقال الدكتور جواد كريمي ثابت، نائب رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ورئيس معهد العلوم والتقنيات النووية، خلال مشاركته في اليوم الثاني من الاجتماع الثاني لوزراء التعليم العالي للدول الإسلامية: باستخدام أحدث تكنولوجيا المعجلات ذات القدرة على العلاج الإشعاعي، سنخطو خطوة كبيرة في علاج الأورام المستهدفة، وخاصة الأورام المقاومة، وسيصبح هذا المركز بعد تشغيله من بين أكثر مراكز علاج السرطان تطوراً في المنطقة.
وأشار كريمي ثابت إلى تكنولوجيا البلازما الباردة، وقال: هذه التقنية تُستخدم حالياً على نطاق واسع في البلاد، وقد مكّنتنا من معالجة الجروح المزمنة بأفضل وأبسط الطرق، مما يعكس تكامل العلوم النووية الحديثة مع الاحتياجات العلاجية المعاصرة. وأضاف: تغير المناخ اليوم يشكل تحدياً عالمياً؛ لكن بفضل التكنولوجيا النووية يمكننا التدخل في تحسين النسل النباتي لزيادة مقاومة المحاصيل للجفاف والملوحة والبرودة. وتابع: كما تُستخدم هذه التكنولوجيا على نطاق واسع في بلادنا لمكافحة الآفات وتأمين الأمن الغذائي، ويوجد حالياً أكثر من 12 مركزاً محلياً للإشعاع والعلاج الإشعاعي نشطاً في إيران، وتتمثل الإستراتيجية الحالية للبلاد في تطوير هذا القطاع باستخدام مشاركة القطاع الخاص.
وأوضح: تشكل مفاعلات البحوث العمود الفقري لتطوير التكنولوجيا النووية في البلاد، وفي الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبالنظر إلى وجود مفاعل بحثي واحد وأكثر من أربعة مفاعلات أخرى قيد الإنشاء، فقد أصبحت تكنولوجيا المفاعلات البحثية محلية بالكامل. وأضاف: في بلادنا، تُستخدم المفاعلات البحثية على نطاق واسع لتدريب الكوادر البشرية، وإنتاج المستحضرات الصيدلانية المشعة، واختبار المواد، ويمكن أن تكون محركاً لتطوير وتعزيز المعرفة النووية، خاصة في نظام التعليم العالي.
وتطرق کریمی ثابت إلى مجال الاندماج النووي قائلاً: يُعد مجال الاندماج النووي أحد أكثر مصادر الطاقة النظيفة الواعدة للمستقبل، وهو يحظى باهتمام كبير من الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وحالياً، تستفيد إيران من القدرات البحثية والمختبرية والكوادر المتخصصة في مجال الدراسات النظرية وتصميم الأنظمة التجريبية للاندماج، حيث قامت بعض الأنظمة التجريبية الحالية، بمساعدة أبحاث صغيرة، بتهيئة أرضية مناسبة لتطوير المعرفة المحلية في هذا المجال.
وأشار رئيس معهد العلوم والتقنيات النووية إلى موضوع التعليم النووي قائلاً: جميعنا نعلم أن القوى البشرية هي أكبر رأس مال في التنمية المستدامة للعلوم والتقنيات النووية، وفي هذا الإطار، قامت إيران بتأسيس الأكاديمية الدولية للعلوم النووية في أصفهان. وأضاف: تعلن الجمهورية الإسلامية الإيرانية استعدادها لتحويل هذا المركز إلى قطب علمي للعالم الإسلامي، حيث سيتم من خلال إقامة برامج تعليمية مشتركة، وتنظيم دورات متخصصة، واستقبال طلاب وباحثين من الدول الإسلامية، وتهيئة الأرضية المناسبة للتبادل العلمي، ونقل الخبرات، وتعزيز التعاون الإقليمي في مجال التكنولوجيا النووية.
وأضاف قائلاً: تشكل العلوم والتقنيات النووية إحدى الركائز الأساسية لحلول مستقبل البشرية في مجالات الطاقة، والصحة، والزراعة، والبيئة، وإيران اليوم ليست فقط قد حققت مستويات عالية من المعرفة والتكنولوجيا النووية السلمية، بل هي مستعدة لمشاركة هذه الإنجازات والخبرات القيمة مع الدول الإسلامية.
وتابع: وفقاً لتوجيهات القائد الأعلى للثورة الإسلامية، لا ينبغي أن يكون الوصول إلى العلم والتكنولوجيا حكراً على أحد، وعلى الأمة الإسلامية أن تسعى من خلال تعزيز التكامل بين القدرات لتعزيز الرفاهية والأمن والتنمية المستدامة. وفي هذا الإطار، تقدم جمهورية إيران الإسلامية المقترحات التالية بهدف تعزيز التقارب العلمي والتكنولوجي في العالم الإسلامي: ترميم وتنفيذ مشاريع بحثية مشتركة بين الدول الإسلامية، وتعزيز التعاون التعليمي والبحثي من خلال تبادل الأساتذة والطلاب والباحثين في مجال العلوم والتقنيات النووية، والاستفادة من القدرات التعليمية للمركز الدولي لتدريس العلوم والتقنيات النووية في أصفهان كبنية تحتية إقليمية لتدريب الكوادر المتخصصة في الدول الإسلامية، وتصميم مشاريع علمية كبرى “ميجاساينس” مثل مفاعلات البحوث.
وتابع: تمتلك جمهورية إيران الإسلامية الاستعداد الكامل للاستجابة للطلبات العلمية والفنية للدول الإسلامية في مجالات مثل بناء مفاعلات البحوث، وتطوير المستحضرات الصيدلانية المشعة، وتبادل الطلاب، وتنفيذ البرامج التعليمية، كما أنها مستعدة للعب دور فاعل في تحقيق مستقبل علمي مستقل وقائم على العدالة للأمة الإسلامية.
يذكر أن أعمال القمة الثانية لوزراء التعليم العالي في الدول الأعضاء بمنصة حوار منظمة التعاون الإسلامي (OIC) اختتمت يوم الإثنين في طهران، بعد يومين من المناقشات على مستوى وزراء العلوم في الدول الإسلامية.