عراقجي: صفر أسلحة نووية = اتفاق/ صفر تخصيب = لا اتفاق

انطلقت يوم الجمعة الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في مقر السفارة العمانية في العاصمة الايطالية روما.

ويضم الوفد المرافق لوزير الخارجية سيد عباس عراقجي الذي يترأس الفريق الإيراني المفاوض، نائب وزير الشؤون السياسية مجيد تخت روانجي، ونائب وزير الشؤون القانونية والدولية كاظم غريب آبادي، والمتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي، وعدد من الدبلوماسيين.

 

وقبيل بدء المفاوضات عقد وزير الخارجية اجتماعا ثنائيا مع نظيره العماني بدر البوسعيدي، وكان قد اكد عراقجي قُبيل مغادرته طهران الى روما انه اذا كان هدف الولايات المتحدة من المحادثات عدم امتلاك ايران اسلحة نووية فالاتفاق ممكن، واذا كان هدفها منع ايران من حقها في تخصيب اليورانيوم فلن يكون هناك أي اتفاق وحان وقت اتخاذ القرار.

 

* طريق الوصول إلى إتّفاق

 

كما كتب عراقجي في منشور له على حسابه بموقع “اكس” قبيل وصوله الى روما: إن إيجاد طريق للوصول إلى اتفاق ليس بالمعادلة المعقدة: صفر أسلحة نووية = لدينا اتفاق. صفر تخصيب = لا اتفاق.

 

وكتب وزير الخارجية علی حسابه بمنصة إكس قبل ساعة من مغادرته إلى العاصمة الإيطالية للمشاركة في الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران وأمريكا: سأغادر إلى روما للمشاركة في الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة مع الولايات المتحدة.

 

واختتم رئيس السلك الدبلوماسي رسالته القصيرة لفريق التفاوض الأمريكي برئاسة ستيف ويتكوف الممثل الخاص للرئيس الأمريكي لغرب آسيا، بالقول “لقد حان وقت اتخاذ القرار”.

 

* الاتفاق النووي لم يعد فعّالاً

 

وقبل انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات، قال سيد عباس عراقجي في مقابلة له مع التلفزيون الايراني حول آخر التطورات في الوضع الدولي، بان الاتفاق النووي لم يعد فعّالاً، وليس من مصلحة ايران العودة الى ظروف الاتفاق النووي، وأكّد أن ايران لن تتنازل عن حقوقها النووية وسوف لن يكون هنالك اي اتفاق لو ارادوا حرمان ايران من الاستفادة من الطاقة النووية للاغراض السلمية، وقال: نحمل اميركا مسؤولية اي مغامرة قد يقوم بها الكيان الصهيوني ضد البلاد.

 

وقال عراقجي: فيما يتعلق برفع العقوبات فإن الاتفاق النووي يتطلب تغييرات جذرية. بسبب اجراءات الحظر الجديدة التي تمت إضافتها وأيضاً بسبب التصاميم التي وضعها الطرف الآخر في مجال الحظر. ومن ناحية أخرى، أصبح البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية الإيرانية الآن في وضع يجعل العودة إلى وضع خطة العمل الشاملة المشتركة مستحيلة عمليًا. نحن أكثر تقدمًا بكثير من المستوى المتوقع في خطة العمل الشاملة المشتركة. حتى برنامجنا النووي ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير قبل بدء مفاوضات خطة العمل الشاملة المشتركة.

 

*ليس من مصلحة البلاد العودة إلى ظروف الاتفاق

 

وأوضح: ليس من مصلحة البلاد بأي حال من الأحوال العودة إلى ظروف الاتفاق النووي. ولذلك، يجب أن يتم التخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة بطريقة ما، لأنها لم تعد تتمتع بإمكانية إحيائها بشكل فعال لنا. وبطبيعة الحال، فإن الاتفاق النووي لا يزال رسميا قائما، وباستثناء الاتحاد الأوروبي، لا يزال أعضاء آخرون حاضرين فيه، ولكل منهم قضيته الخاصة. ومع ذلك، فإن منطق الاتفاق النووي لا يزال قائما. ما هو منطق الاتفاق النووي؟ كانت الفكرة هي أن تتخذ إيران تدابير لبناء الثقة في إطار برنامجها النووي السلمي، وفي المقابل تقوم الأطراف الاخرى برفع الحظر.

 

وأوضح أن هذا هو المنطق الذي كان مقبولاً في تلك المرحلة، وقال: اتفقنا أيضاً على أننا لن نتنازل عن حقوقنا؛ وهذا يعني أن التخصيب سوف يستمر، ولكن إيران توافق على تنفيذ سلسلة من التدابير لبناء الثقة. على سبيل المثال، اتفقنا على حدود زمنية محددة، وإشراف أوسع، وشفافية أكبر بحيث يمكن لأي شخص أن يطمئن إلى أن البرنامج النووي الإيراني لا يسعى إلى تحقيق أهداف أخرى إذا كانت لديه شكوك أو مخاوف بشأن أهدافه. وفي المقابل ينبغي رفع الحظر. هذه هي الصيغة التي تم تنفيذها في خطة العمل الشاملة المشتركة، وفي رأيي هذه الصيغة لا تزال صالحة.

 

*لا مانع لدى إيران في زيادة الرقابة والشفافية

 

وأشار وزير الخارجية إلى أن إيران لا مانع لديها في تطبيق المزيد من الرقابة وزيادة الشفافية، وقال: “هذه الشروط مقبولة بالنسبة لإيران ما لم يريدوا أن يفرضوا علينا أشياء تتعارض مع العرف وخارج الأطر الدولية المقبولة. ولذلك فإننا نواصل الإعلان عن استعدادنا لاتخاذ إجراءات الشفافية. وفي المقابل، نتوقع رفع الحظر الظالم المفروض على بلدنا. وقال عراقجي ردا على سؤال وهو “هل هناك آليات مضمونة لرفع الحظر مقابل إجراءات بناء الثقة التي تقوم بها إيران؟” قال: “بطبيعة الحال، المفاوضات جارية لهذا الغرض؛ بحيث يُرفع الحظر ازاء إجراءات بناء الثقة التي نتخذها. وسنناقش بعد ذلك كيفية الحصول على الضمانات، وكيفية ضمان تنفيذ إجراءات الطرف الآخر بشكل صحيح وفي الوقت المناسب”.

 

*سنقف ضد مطالب أمريكا الاضافية

 

وقال: “في بداية المفاوضات ليس من غير المعتاد أن يطرح الجانب الآخر مطالب متطرفة. لقد كان الأمريكيون معروفين دائمًا بإسرافهم. لقد قاومنا هذه التجاوزات حتى الآن وسنستمر في المقاومة. ويبدو أن الجانب الأميركي يبرر هدفه المتمثل في منع إيران من الحصول على الأسلحة النووية بحجة أن التخصيب قد يكون مقدمة لبناء الأسلحة النووية، وبالتالي فإن التخصيب لا ينبغي أن يكون موجودا. هذا المنطق خاطئ تماما. إذا كان الأمر كذلك، فيجب إغلاق جميع مصانع السكاكين، لأنها قد تُستخدم يومًا ما لأغراض غير مناسبة”.

 

وأكد وزير الخارجية أنه لو كانت لدى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الإرادة للحصول على الأسلحة النووية، لكانت قد اتخذت الإجراء اللازم حتى الآن. وقال: “أعلن هذا الأمر بصراحة ووضوح. لو كانت لدينا النية لبناء أسلحة نووية، لفعلنا ذلك الآن، لأننا نملك القدرة، ولكننا لا نريد ذلك. لأن فتوى قائد الثورة الاسلامية تتمثل بتحريم الأسلحة النووية، ولا مكان لهذه الأنواع من الأسلحة في عقائدنا الأمنية واستراتيجياتنا النووية. وتعود أسباب هذا الموقف أيضًا إلى قضايا جيوسياسية واعتبارات استراتيجية.

 

وقال عراقجي: “لقد أثبتنا عمليا أننا لا نسعى إلى الحصول على أسلحة نووية. ورغم أننا تعرضنا لعقوبات بسبب أنشطتنا في مجال تخصيب اليورانيوم وتحملنا سنوات من الضغوط الاقتصادية، فإننا لم نلجأ قط إلى إنتاج الأسلحة. لقد جرونا إلى مجلس الأمن، وأصدروا ضدنا قرارات بموجب الفصل السابع، واغتالوا علماءنا النوويين، وخربوا وفجروا منشآتنا ومراكز نووية لدينا، ولكن حتى في ظل هذه الظروف، لم نسع إلى امتلاك الأسلحة النووية ودخلنا في مفاوضات لإثبات حسن نيتنا.

 

*الدبلوماسية لا تتوقف أبدا بشكل كامل

 

وأكد وزير الخارجية أن المفاوضات والدبلوماسية ستستمر طالما شعرت الأطراف بإمكانية التوصل إلى حل، مضيفا: “الدبلوماسية لا تتوقف أبدا بشكل كامل. والآن، بوساطة عمان، بُذلت جهود، وطُلب منا المشاركة في جولة جديدة من المفاوضات، على أمل التوصل إلى حل. وأتذكر جيداً أنه في الجولة السابقة من المفاوضات كانت هناك قضايا اعتبرناها خطوطاً حمراء بالنسبة لنا، وفي الوقت نفسه أعلن الطرف الآخر عن خطوطه الحمراء.

 

وأكد عراقجي أن التخصيب هو قضية أكيدة ولن نتنازل عنها وقال: “لقد أكدنا هذا الموقف بوضوح في الماضي والآن، والجميع يدرك أن إيران لن تتوقف عن التخصيب. لذلك، فبمجرد أن يقبل الطرف الآخر هذا الواقع، يمكن للمفاوضات أن تستمر. حتى عودتهم إلى طاولة المفاوضات سنكون حاضرين ونقدم منطقنا”.

 

وحول اللقاء بين مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية ورئيس الشؤون الاستراتيجية في الكيان الصهيوني مع المفاوض الأميركي، قال عراقجي: “برأيي هذا ليس أمرا غريبا، ونحن لا نعتبر الولايات المتحدة والكيان الصهيوني منفصلين عن بعضهما البعض، ونعلم أنهما يتشاوران مع بعضهما البعض. لقد كتبت اليوم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجاءت هذه الرسالة ردا على تقارير نشرتها شبكة CNN وبعض المواقع الإلكترونية، والتي أفادت بأن الكيان الصهيوني يستعد لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية إذا فشلت المفاوضات. ادعاء مثير للسخرية تماما.

 

وتابع: “أكدت في هذه الرسالة أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستدافع عن نفسها وهي مستعدة للرد السريع والحاسم. وحذرت أيضا من أنه إذا استمرت هذه التهديدات فإننا سنضطر إلى اتخاذ تدابير خاصة لحماية منشآتنا وموادنا النووية.

 

*اوروبا خارج دائرة التفاوض بين ايران واميركا

 

وشرح وزير الخارجية سلوك الأوروبيين في المفاوضات والتهديد باستخدام آلية الزناد “سناب باك” وآثار تطبيقها وقال: “الأوروبيون خارج الدائرة عملياً تماماً وليس لهم أي دور في المفاوضات التي تجري بيننا وبين الولايات المتحدة. وبالمناسبة، نحن الذين نجتمع معهم في بعض الأحيان لنشرح لهم ما يحدث، وعلى حد علمنا فإن الأميركيين لا يفعلون هذا مع الأوروبيين. ولذلك، ليس للأوروبيين دور خاص من الناحية التفاوضية، رغم أن إيران ستواصل مفاوضاتها مع أوروبا.

 

*معظم إجراءات الحظر مرتبطة بالقطاع النووي

 

وفيما يتعلق بادعاءات المسؤولين الأميركيين بأن العقوبات غير النووية ضد إيران لن تُرفع، قال: “في الاتفاق النووي السابق، كان موضوع التفاوض هو البرنامج النووي الإيراني فقط، وبالتالي فإن رفع الحظر شمل فقط الحظر المتعلق بالبرنامج النووي. وقيل في ذلك الوقت أيضاً إنه إذا أردنا رفع الحظر الصاروخي، فلا بد من إجراء مفاوضات حول الصواريخ، أو حول المنطقة، وهو ما لم نكن نريده على الإطلاق. ولذلك فإن موضوع المفاوضات كان مقتصرا على البرنامج النووي، وكان رفع الحظر مقتصرا على الحظر النووي.

 

*إيران مستعدة للمشاركة في خطة الكونسورتيوم النووي

 

وحول فكرة الكونسورتيوم النووي وتأمين مصالح البلاد من خلاله، قال عراقجي: “عندما يتم طرح فكرة الكونسورتيوم، فهذا يعني في الأساس إنشاء مركز لإنتاج الوقود النووي بملكية مشتركة بين عدة دول، على سبيل المثال، في إحدى دول المنطقة. موقفنا في هذا الشأن واضح. هذه الفكرة في حد ذاتها ليست سيئة، ونحن مستعدون للمشاركة فيها؛ وإذا كانت دول المنطقة مهتمة حقا بالتعاون، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مستعدة أيضا للمشاركة في مثل هذا المشروع. ولكن إذا أرادوا جعله بديلا عن التخصيب الداخلي (في ايران)، فلن يكون ذلك ممكنا. ما لم يتم التوصل إلى حلول تسمح باستمرار التخصيب داخل إيران بأي شكل أو نظام.

 

*إيران طرحت مواقفها المشروعة بجدية وصراحة كاملة

 

من جانبه أكد المتحدث باسم الخارجية، اسماعيل بقائي، لدى وصوله الى السفارة العمانية في روما: ان ايران ستطرح مواقفها المشروعة بشأن الاستفادة من الطاقة النووية السلمية ورفع العقوبات بجدية وحزم. وقال: “نحن عازمون على حماية حقوق ومصالح الأمة الإيرانية العليا”.

 

وأضاف بقائي: “وصلنا إلى روما لمواصلة المفاوضات التي بدأناها في مسقط في 12 أبريل 2025″، مبينا: “ندخل الجولة الخامسة من المفاوضات، وهدفنا والأطر الموضوعة لتحقيقه ثابتة لن تتغيّر”.

 

وتابع: “إن البرنامج النووي الإيراني هو نتيجة صمود وإصرار ومقاومة طويلة الأمد لأمة تفتخر بالإنجازات التي حققتها من خلال صعوبات كبيرة وتتوقع من ممثليها اتخاذ خطوات حاسمة وثابتة لحماية حقوق ومصالح الشعب الإيراني”.

 

المصدر: الوفاق