«القبة الذهبية» درع صاروخي لحماية الهيمنة الأمريكية

في ظل تصاعد المنافسة الاستراتيجية العالمية وتنامي القدرات العسكرية للدول المنافسة للولايات المتحدة، مثل روسيا والصين، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن مشروع «القبة الذهبية» كجزء من استراتيجية دفاعية تهدف إلى تعزيز هيمنة أمريكا في مجال الدفاع الصاروخي

 يأتي هذا المشروع كاستجابة مباشرة للتطورات الصاروخية المتسارعة التي تشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي، خاصة مع تزايد قدرات الصواريخ الباليستية لدى موسكو وبكين.  
يمثل المشروع أيضاً رغبة أمريكية واضحة في امتلاك نظام «ردع» متعدد الطبقات، قادر على التصدي لأي هجوم صاروخي محتمل، بما في ذلك الصواريخ الباليستية المتطورة. ويبدو أن هذا النظام، الذي يُعد نسخة أكثر تطوراً من «القبة الحديدية» التي يستخدمها كيان الاحتلال، قد يشكل أيضاً أرضية لتعاون مستقبلي بين أمريكا والكيان، في إطار التحالف العسكري والاستخباري القائم، كما يحمل المشروع بُعداً استراتيجياً آخر، يتمثل في ترسيخ الحضور العسكري الأمريكي في الفضاء، تحت غطاء «الدفاع الصاروخي»، ما يضع الولايات المتحدة في موقع متقدم في صراع النفوذ القادم بين القوى الكبرى، خصوصاً في الميدان الفضائي.
في هذا السياق، أعربت الصين عن بالغ قلقها إزاء المشروع، وطلبت من الولايات المتحدة التخلي عنه لما يحمله من «تداعيات هجومية قوية»، تؤثر على مبدأ التوازن الاستراتيجي العالمي، وتزيد من احتمالات التصعيد مع الخصوم.
من جهة أخرى، يُوظّف ترامب هذا المشروع لتحقيق إنجاز يُحتسب له في السجلات الرئاسية، خصوصاً أنه يلقى دعماً واسعاً من شركات التصنيع العسكري الكبرى، مثل «لوكهيد مارتن» و«رايثيون»، التي ترى فيه فرصة استثمارية ضخمة تضمن لها عقوداً بمليارات الدولارات، فضلاً عن تعزيز نفوذها في القرار السياسي من خلال لوبيات السلاح القوية. وعبر تسويق هذا المشروع للرأي العام على أنه «درع أمريكا» الذي يحميها من تهديدات الخارج، يعزّز ترامب من شعبيته داخل القاعدة اليمينية، التي ترى في القوة العسكرية حجر الزاوية في الهوية القومية الأمريكية.
مواصفات القبة الذهبية؟  
وفق تصريحات الجنرال مايكل غايتلين من قوات الفضاء الأمريكية والمشرف على تنفيذ المشروع فإن «القبة الذهبية» تتطلب تعاوناً غير مسبوق بين المؤسسات الأميركية، وستستلزم الجمع بين أنظمة دفاعية مثل صواريخ باتريوت الاعتراضية الأرضية، وصواريخ ستاندرد التي تُطلق من السفن، إضافة إلى كوكبة واسعة من الأقمار الصناعية المزودة بمستشعرات وأسلحة جديدة متمركزة في الفضاء.
كما ستتضمن القبة الذهبية معترضات وأجهزة استشعار موضوعة في الفضاء، وستكون الأنظمة التقنية الأميركية مدمجة مع القبة، وستُنشر على مراحل، مع إعطاء الأولوية للدفاع عن المناطق الأكثر عرضة للتهديد.
كما إن المشروع سيعتمد على تقنيات حديثة للتصدي لمشهد التهديدات الأمنية المتطور والمعقد، فالمشروع سيعزز قدرات ردع الهجمات النووية وغيرها على الولايات المتحدة.
مشروع «القبة الذهبية» يمثل محاولة أمريكية للحفاظ على التفوق الاستراتيجي في مواجهة التحديات الصاروخية المتزايدة من روسيا والصين. إذا نجح، فقد يعيد تعريف موازين القوة العالمية، لكنه في الوقت نفسه قد يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد يزيد من حدة التوتر الدولي.  
في النهاية، يبقى السؤال: هل ستنجح الولايات المتحدة في بناء «قبة ذهبية» تحمي هيمنتها، أم أن التطور التكنولوجي للخصوم سيتجاوز أي درع دفاعي؟
المصدر: وكالات