ألونسو، أحد أبناء النادي، الذي عرف قيمة قميص الملكي لاعبًا وسط جيل ذهبي، يعود اليوم إلى البرنابيو كمدرب بعد مسيرة تدريبية قصيرة لكنها ملهمة وواعدة.
بداية استثنائية
منذ انطلاقة مسيرته التدريبية مع ريال سوسيداد ب، ثم انتقاله إلى باير ليفركوزن الألماني، استطاع تشابي أن يفرض اسمه كواحد من أكثر المدربين الواعدين في أوروبا.
ما فعله مع ليفركوزن خلال موسم 2023-2024 كان استثنائيًا بكل المقاييس، حين قاد الفريق لتحقيق لقب الدوري الألماني لأول مرة في تاريخه، دون تلقي أي هزيمة، وأتبعه بلقب الكأس، ووصل إلى نهائي الدوري الأوروبي، في مسيرة أبهرت كبار القارة.
أسلوبه في اللعب قائم على مرونة تكتيكية مميزة، يجمع بين الدفاع المنظم والهجوم السلس، مستعينًا بخطط مثل 3-4-3 أو 3-5-2، ما يعكس قدرته على توظيف اللاعبين بذكاء وفق خصائص كل مباراة.
فرقه تلعب بثقة، تضغط عاليًا، وتتحرك بانضباط، وتحتفظ بالكرة دون رتابة.
تحدي مدريدي
لكن التحدي الذي ينتظر تشابي في مدريد مختلف تمامًا، فهو لا يستلم فريقًا في فترة استقرار، بل يدخل على واقع معقد بعد موسم وُصف بالكارثي من قبل الجماهير والصحافة.
الريال خرج خالي الوفاض من جميع البطولات الكبرى، وتعرض لهزائم مؤلمة، وفقد هويته في بعض الفترات.
جمهور البرنابيو لا ينتظر من ألونسو مجرد تحسين في الأداء، بل يريد عودة الانتصارات والألقاب سريعًا.
ومع كم النجوم الموجودين في الفريق، سيواجه ألونسو اختبارًا آخر يتعلق بإدارة غرفة ملابس تضم شخصيات قوية، ولاعبين أصحاب وزن كبير وتاريخ طويل مع النادي، وهو ما يتطلب حنكة كبيرة، وقدرة على اتخاذ قرارات صارمة في الوقت المناسب دون أن يخسر ولاء اللاعبين أو دعم الجماهير.
معضلة الدفاع
واحدة من أكبر الأزمات التي تنتظر تشابي في بداية مشواره هي أزمة الدفاع التي عانى منها الفريق الموسم الماضي.
الإصابات المتكررة ضربت العمق الدفاعي، خاصة مع غياب طويل لكل من ميليتاو وألابا، وظهر واضحًا الضعف في التغطية والرقابة داخل منطقة الجزاء، ما تسبب في فقدان الفريق لنقاط كثيرة.
من هنا جاءت أولى تحركات الإدارة بدعم من ألونسو بالتعاقد مع المدافع الشاب دين هويسين من بورنموث، في محاولة لتجديد دماء الدفاع، بالإضافة إلى السعي لضم ألفارو كاريراس في الجبهة اليسرى.
كما نجح النادي في إقناع الظهير الأيمن ترينت ألكسندر أرنولد بالانضمام للفريق في صفقة انتقال حر، وهي صفقة تحمل في طياتها كثيرًا من الجدل، إذ يُعرف اللاعب بقدراته الهجومية أكثر من صلابته الدفاعية، ما سيجبر ألونسو ربما على تعديل بعض من أفكاره التكتيكية لحمايته دفاعيًا، أو إعادة توظيفه في مركز مختلف كما جرب معه كلوب في ليفربول.
ورغم هذه التدعيمات، فإن ريال مدريد ما زال بحاجة إلى تعزيزات أخرى في خط الوسط والهجوم، خاصة أن لوكا مودريتش سيرحل بعد مونديال الأندية.
ومن المنتظر أن تراقب الإدارة عن كثب أداء الفريق في بداية الموسم، وخاصة في بطولة كأس العالم للأندية، لتحديد الصفقات الإضافية التي قد يحتاجها المدرب.
أوراق الاعتماد
وهنا تبرز أهمية بطولة كأس العالم للأندية التي ستُقام في الولايات المتحدة كفرصة مثالية لألونسو كي يضع بصمته مبكرًا ويقدم أوراق اعتماده أمام الجماهير.
ريال مدريد سيخوض منافسات البطولة بصفته بطل دوري أبطال أوروبا السابق، ويواجه في مجموعته فرقًا مثل الهلال السعودي، وباتشوكا المكسيكي، وريد بول سالزبورج النمساوي.
الفوز بهذه البطولة سيكون بمثابة رسالة مبكرة من ألونسو مفادها أن ريال مدريد عاد ليحكم، وأن المشروع الجديد ليس مجرد مرحلة انتقالية بل بداية عهد جديد.
تشابي ألونسو لم يكن يومًا مدربًا عاديًا، ومهمته في ريال مدريد لن تكون سهلة، لكن إن استطاع أن يطبق ما فعله في ليفركوزن، مع استغلال ما يمتلكه من تاريخ وشخصية قوية، فقد يكون هو الرجل الذي يُعيد للفريق هيبته، ويكتب فصلًا جديدًا من المجد الأبيض.