وتكشف القيود الأميركية الأخيرة عن مرحلة جديدة في المواجهة الاقتصادية مع الصين تهدف إلى خنق التكنولوجيا الحيوية والإستراتيجية. وفي خطوة تصعيدية ضمن الحرب التجارية المتواصلة فرضت الولايات المتحدة قيودا جديدة على تصدير برمجيات تصميم الرقائق ومعدات الطيران إلى الصين، مما يهدد بتعميق الخلافات مع بكين. وتأتي الإجراءات الأميركية الأخيرة في وقت تؤكد فيه الصين على استمرار الحوار والتواصل منذ اجتماع جنيف الأخير.
وأمرت الولايات المتحدة مجموعة واسعة من الشركات بوقف شحن البضائع إلى الصين دون ترخيص، وألغت التراخيص الممنوحة بالفعل لبعض الموردين. وأفادت مصادر مطلعة أن المنتجات المتأثرة تشمل برمجيات التصميم والمواد الكيميائية لأشباه الموصلات وبيوتان والإيثان وأدوات الآلات ومعدات الطيران. وتلقت الشركات التي تورد برمجيات أتمتة التصميم الإلكتروني لأشباه الموصلات رسائل تفيد بضرورة الحصول على تراخيص للشحن إلى العملاء الصينيين.
وأعلنت وزارة التجارة الأميركية أنها تراجع صادرات ذات الأهمية الاستراتيجية للصين، فيما أفادت مصادر مطلعة أن واشنطن تسعى إلى سد المنافذ أمام الصين لمنع الحصول على تقنيات استراتيجية قد تعزز من استقلاليها الصناعية وتنافسيتها العالمية. ولم تسلم صناعة الطائرات من القيود الأميركية، فقد علقت وزارة التجارة الأميركية بعض التراخيص التي كانت تتيح بيع المحركات المستخدمة في الطائرات الصينية من إنتاج شركة كوماك.
وافادت صحيفة نيويورك تايمز أن هذه الخطوة جاءت ردا على القيود الصينية الأخيرة على صادرات المعادن الأساسية إلى الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى الشركات الأميركية فان هذه الإجراءات تمثل سلاحا ذا حدين، فمن جهة تسعى الحكومة إلى حماية التكنولوجيا الحساسة من الاستغلال الاستراتيجي ومن جهة أخرى فإن حرمان هذه الشركات من الوصول إلى ثانية كبرى الأسواق الاقتصادية في العالم قد يضعف تنافسيتها ويؤثر على أرباحها المستقبلية. وتكشف القيود الأميركية الأخيرة عن مرحلة جديدة في المواجهة الاقتصادية مع الصين إذ تنتقل من فرض الرسوم الجمركية إلى خنق التكنولوجيا الحيوية والاستراتيجية.