في أيام الله المباركة وعلى أعتاب يوم عرفة وعيد الأضحى المبارك؛

تقديم شعائر الحج بريشة الفنانين الإيرانيين

خاص الوفاق: الحج، ذروة جمال عمل فني لخالق العالم، وأفضل الدعاء هو دعاء يوم عرفة، وعيد الأضحى المبارك من الأعياد العظيمة.

شهر ذي الحجة المبارك فيه أحداث هامة جداً، وتُعد الايام العشرة الاولى من ذي الحجة من الأيام العظيمة التي فضَّلها الله تعالى على باقي أيام السنة، كما أن للعمل الصالح فيها أجراً وثواباً خاصّاً، ويأتي من ضمنها يوم عرفة الذي يُعد من أفضل أيام العام، وقد ذُكرت في آيات وأحاديث كثيرة، منها قول الله تعالى: “وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ”، (الفجر/ 1و2).

 

 

الحج، ذروة جمال عمل فني لخالق العالم، وهو واجب إلهي على المسلمين وفي كل عام يزور ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم أرض الوحي لأداء هذه الفريضة الإلهية.

 

 

الأيام التي يجتمع المسلمون فيها في مكة المكرّمة والمدينة المنورة ويهتفون “لبيك اللهم لبيك”، عباد الله الذين لهم أعمال خاصة في هذه الأيام من رمي الجمرات إلى الوقوف في منى، ويوم عرفة، ثم عيد الأضحى المبارك الذي هو من الأعياد العظيمة، ففي هذه المقالة نتطرق إلى بعض من أعمال الفنانين الإيرانيين الذين إتخذوا موضوع لوحاتهم في هذا المجال.

 

يوم عرفة

 

 

يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة، الذي يصادف هذا العام يوم الخميس 5 يونيو، وهو اليوم الذي يسبق يوم النحر، وقد عظَّم الله تعالى مكانة يوم عرفة، ورفع منزلته، وجعله من أفضل الأيّام، حيث فيه تتنزّل الرحمات، وتجاب فيه الدعوات، ويغفر الله تعالى فيه الأخطاء والزلّات، ويُعين فيه أهل العثرات.

 

 

وفي هذا اليوم يبدأ حجاج بيت الله الحرام منذ شروق شمس اليوم التاسع من ذي الحجة التدفق إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم وهو الوقوف بعرفة بعد أن قضوا في مشعر منى يوم التروية.

 

 

فإن موقف عرفة من المواقف التي ينبغي على المسلم أن يعتني فيها بالدعاء بجد وإخلاص، فيدعو بالمأثور عن النبي(ص)، وفيها أعمال كثيرة من الصيام والدعاء، وأفضل الدعاء هو دعاء يوم عرفة.

 

عيد الأضحى

 

 

أما اليوم العاشر من شهر ذي الحجة الذي يصادف يوم الجمعة 6 يونيو، فهو يوم عيد الأضحى المبارك، ويحل عيد الأضحى على المسلمين بعد يوم الوقوف بعرفة -ركن الحجّ الأعظم- أيّ في العاشر من ذي الحِجّة، وقد شُرعت في العيد العديد من الأعمال الصالحة، ولذلك سُميّ بيوم الحجّ الأكبر؛ إذ إنّ الكثير من أعمال الحجّ تؤدّى في ذلك اليوم، كما أنّ الله شرع لعباده العديد من الأعمال فيه، وحثّهم على فِعْلها وعلى التقرّب من الله تعالى بأدائها. كما يُسمّى اليوم العاشر من ذي الحِجّة بيوم النَّحر، وذلك إشارة إلى قصة النبي إبراهيم(ع) المشهورة في نحر ابنه إسماعيل(ع)، ونحن على أعتاب هذا العيد المبارك نلقي نظرة على بعض اللوحات الفنية في هذا المجال.

 

لوحة “الإختبار الكبير”

 

 

الأستاذ “محمود فرشجيان” هو أحد الفنانين القدامى في بلدنا والذي كان دائماً مهتماً بالجمع بين وجهات النظر الدينية والفنية ونتيجة لذلك، قدّم أعمالا قيمة ذات مواضيع روحية.

 

 

“الإختبار الكبير” هو اسم أحد أعمال فرشجيان، والذي، وفقاً لأسلوبه المعتاد، مع نظرة مشتركة للفن والدين، يذّكر بحدثٍ مهمٍ في تاريخ المسلمين أي عيد الأضحى المبارك.

 

 

وإذا دققنا النظر في هذه اللوحة، فسنرى رواية محمود فرشجيان تتجسد في قصة النبي إبراهيم(ع) واختباره العظيم أمام الله.

 

 

يمكننا رؤية النبي إبراهيم(ع) أثناء تنفيذ الأمر الإلهي وإسماعيل(ع) أيضاً في حالة إغلاق يديه وعينيه. من جانب واحد وعلى الجانب الآخر من اللوحة يمكن رؤية الملائكة الإلهيين، الذين تم تصويرهم بشكل موضوعي، ومن خلال نقل رسالة إلهية إلى النبي إبراهيم(ع)، يطلبون منه التوقف عن التضحية بابنه.

 

 

إن رقة هذه الألوان وغلبة اللون الأبيض الذي هو علامة النقاء، والأخضر والأزرق رمز السلام والدين، تذكرنا بنظرة فرشجيان الروحية في رسم اللوحات.

 

 

تعتبر لوحة تضحية إسماعيل(ع) إحدى روائع الأستاذ فرشجيان، والتي بالإضافة إلى جمالها الساحر الذي يظهر مهارة قلم المعلم، فهي أيضاً مهمة من الناحية الروحية.

 

 

في يوم عيد الأضحى عام 1997 م، أمسك الأستاذ القلم ورسم بقلب مليئ بالحب هذه الصورة الجميلة، وهي الصورة التي تم الانتهاء منها بعد 7 أشهر من العمل المتواصل، وتختلط الألوان والأنماط بشكل جميل وفني بحيث تنال اللغة إعجاب كل مشاهد.

 

 

تصف هذه الألوان المذهلة وهذه الصورة والدور الرائعين حدثاً يعرفه معظم الناس. وصف الاختبار العظيم لرجل عظيم، والاختبار الصعب لأب عجوز كان ينتظر طفلاً منذ سنوات، والبشرى التي يبشر بها الله إبراهيم(ع) في القرآن الكريم.

 

لوحة “رمي الجمرة”

 

 

 

أما اللوحة الأخرى التي قام برسمها الأستاذ فرشجيان هي لوحة “رمي الجمرة”، والأبعاد: 58 × 83 سم، وتُحفظ الآن في متحف العتبة الرضوية المقدسة.

 

ومن مناسك الحج التي تقام في ثلاثة مواضع بين مكة ومنى، والمعروفة باسم “رمي الجمرة”، رمي 21 قطعة من الحجر أو الحصى تجاه رموز الشيطان الثلاثة، وقد أصبح أساس الخلق من الأعمال الفنية العديدة التي أبدعها الفنانون بإخلاص وحب، ومن أهم هذه الأعمال لوحة الأستاذ محمود فرشجيان بعنوان “رمي الجمرة”.

 

في هذه اللوحة يظهر النبي إبراهيم(ع) بألوان لافتة للنظر وهو يحمل ابنه إسماعيل(ع) ويرمي الشيطان بالحجارة.

 

رسم الأستاذ فرشجيان هذه اللوحة الرائعة عام 2006 بأسلوب الرسم بأبعاد 58 × 83 سم، مصنوعة من الورق المقوى الخالي من الأحماض وبتقنية الأكريليك.

 

تم استخدام تركيبات لونية مختلفة في تكوين هذا العمل وشكله، أهمها استخدام الألوان الخضراء كرمز للقداسة واستخدام الألوان الثانوية الخضراء لخلق مزاج حديث.

 

وفي خلفية الصورة يمكن رؤية شجرة ونبات وجبل متصل بالسحابة وأمامها المكان الذي يتواجد فيه الشيطان المفترض وحسب آيات القرآن الكريم أن الشيطان خُلق من نار، ويمكن ملاحظة الألوان النارية أن هذا التباين قد اتبع الألوان لملاءمة الموضوع والمفهوم.

 

لوحة “حَجَّةُ الوداع”

 

الأستاذ “حسن روح الأمين” أيضاً فنان إيراني قدير، فنان ملتزم استطاع أن يبث حياة جديدة في الفن الثوري، وقد قدم أعمالا رائعة لتسجيلها في تاريخ الإسلام، منها لوحة تحت عنوان “حَجَّةُ الوِداع” يصور فيها آخر حج للنبي  الأعظم(ص)، حيث نرى فيها مشهد خروج النبي محمد(ص) من المدينة، ومن ورائه الجمهور ينظرون إلى رحلته.

 

لوحة “إسماعيل في المذبح”

 

تعتبر لوحة “إسماعيل في المذبح” مثالاً فريداً للرسم الجداري في مدينة كاشان، وهي من أعمال أحد عباقرة رسم العصر القاجاري اسمه عبد الوهاب الغفاري، والتي تم تنفيذها في منزل حكيم باشي التاريخي، وتظهر قصة إسماعيل (ع) في المذبح أو ذبح إسماعيل(ع).

 

ومن مميزات هذه اللوحة تنوع التصاميم والألوان، حيث يبدو أن الفنان اهتم بأعمال فنانين آخرين في تنفيذ العمل، وأخيراً صورت هذه القصة بطريقة إيرانية بالكامل، وطريقة الملابس وتكوين العمل المكاني إيراني بالكامل وهو يلهم ويشد المشاهد، وهو على نموذج رسم تمبرا، الذي هو أسلوب في فن الرسم يستخدم فيه الفنانون صفار البيض أو نوع من الغراء الطبيعي لغراء اللون.

 

وهناك لوحات فنية أخرى كثيرة في هذا المجال منذ القدم حتى اليوم، وهذا يدل على أن الإيرانيين منذ القدم قاموا بتصوير المناسبات الدينية في لوحاتهم، وفي كل عصر نشهد بصمة في هذا المجال.

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص