إعتبر قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، الإمام الخميني(رض)، مؤسس مدرسة فكرية وسياسية واجتماعية. وقال سماحته في الذكرى السادسة والعشرين لرحيل مفجّر الثورة الإسلامية: “لقد كان الإمام الخميني(رض) الجليل من أهل الخشوع والبكاء والدعاء والتوسل والتضرع إلى الله. الإمام الخميني(رض) هو التجسيد العيني لمسيرة عظيمة بدأها الشعب الإيراني فغيّر تاريخه.
طبعاً كان الإمام الخميني(رض) فقيهاً بارزاً كبيراً، فيلسوفاً وخبيراً في العرفان النظري، وكان يعدّ في هذه الأمور والمجالات والجوانب العلمية والتخصصية وجهاً مبرزاً، بيد أن الشخصية البارزة للإمام الخميني(رض) غير مرتبطة بأيّ من هذه المجالات، إنما شخصية مفجّر الثورة الإسلامية تكمن في تحقيق مضمون آية “وَجاهِدوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِه”. الإمام الخميني(رض) الجليل بحيازته على تلك المواهب العلمية المميزة خاض في ساحة الجهاد في سبيل الله وواصل هذا الجهاد والمجاهدة إلى آخر عمره وأطلق حركة عظمى ليس في بلاده وحسب، بل في كل المنطقة والعالم الإسلامي، أي في كل العالم”.
وتابع الإمام الخامنئي: “إن جهاد هذا الرجل العظيم لم يكن جهاداً سياسياً واجتماعياً أو جهاداً فكرياً فقط، إنما كان إلى جانب كل ذلك جهاداً داخلياً وجهاداً مع النفس والتزاماً بالصلة المستمرة والدائمة مع الله تعالى، وهذا بحدّ ذاته درس و عبرة. ليس ذلك لو أننا خضنا في ساحات الجهاد الفكري أو الجهاد العلمي أو الجهاد السياسي أو الجهاد العسكري، سيكون من حقنا أن نغض الطرف عن هذا الجانب من الجهاد.
لقد كان الإمام الخميني(رض) الجليل من أهل الخشوع وفي شهر شعبان المبارك كان كثيراً ما يكرر في خطاباته هذه العبارة من المناجاة الشعبانية: “اِلهي هَب لي كمالَ الِإنقِطاعِ إليك وَأنِر أبصارَ قُلوبِنا بِضِياءِ نَظَرِها إلَيك حتى تَخرِقَ أبصارُ القُلوبِ حُجُبَ النّورِ فَتَصِلَ إلى مَعدِنِ العَظَمَة”. كان هذا سلوكه وبكاؤه في الأسحار ومناجاته وأدعيته وارتباطه الدائم وهي تمثل كلها أرصدته المعنوية للإستمرار في جهاده. لنتذكر هذا أيضاً على هامش الجهاد في سبيل الله الذي خاضه هذا الإمام الكبير.