تفاصيل العملية العسكرية
وأوضحت أنّ الضربة استهدفت مكاتب تصميم، وشركات إنتاج وإصلاح الأسلحة والمعدات العسكرية الأوكرانية، وورش تجميع الطائرات المسيّرة، ومراكز تدريب الطيران، ومستودعات أسلحة، ومعدات عسكرية تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية وأنه تمت إصابة جميع الأهداف المحدّدة، وأنّ هدف الضربة تحقّق.
وأضافت أنه اعتباراً من 31 أيار/مايو الماضي، تمّ تنفيذ 6 ضربات جماعية ، أدت إلى تدمير مؤسسات المجمع الصناعي العسكري في أوكرانيا، والبنية التحتية للمطارات العسكرية، وورش الإنتاج، ومواقع التخزين وإطلاق الطائرات المسيّرة الهجومية، وترسانة القوات المسلحة الأوكرانية، وكذلك نقاط انتشار التشكيلات المسلحة الأوكرانية والمرتزقة الأجانب، كما أسقطت أنظمة الدفاع الجوي الروسية 3 صواريخ موجّهة بعيدة المدى من طراز «نبتون»، وصاروخين من طراز «ستورم شادو»، و3 صواريخ «فامباير»، و18 قنبلة جوية موجّهة من طراز «جدام»، و8 صواريخ «هيمارس»، إضافةً إلى إسقاط 1390 طائرة مسيّرة للقوات المسلحة الأوكرانية، وفق بيان الوزارة. ووفق البيان نفسه، استخدمت القوات المسلحة الروسية مزيجاً من أسلحة جوية وبحرية وبرية عالية الدقة بعيدة المدى، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة. ومثل هذا الاستخدام المتكامل للتقنيات المتطورة يعكس قدرة موسكو على ضرب أهداف محددة بدقة متناهية وفي آنٍ واحد إرسال رسالة رادعة إلى كييف .
قضية وجودية
أكدت روسيا أن النزاع في أوكرانيا «قضية وجودية» بالنسبة إليها، وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر صحفي «بالنسبة إلينا إنها قضية وجودية، قضية تتعلق بمصلحتنا الوطنية وأمننا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا وبلدنا».
وقد توعدت روسيا في الأيام الأخيرة بالرد على الهجوم الذي شنته أوكرانيا في نهاية الأسبوع الماضي ضد قاذفات روسية، على مسافة آلاف الكيلومترات من حدودها. كما اتهمت موسكو كييف بالوقوف وراء تفجيرات طالت جسوراً في مناطق محاذية للحدود وتسببت بخروج قطار ركاب وقطار شحن وقطار مراقبة عن السكة، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، معتبرة أن هدفها تقويض مباحثات السلام بين البلدين. ويشي تصعيد المعارك بابتعاد احتمالات التهدئة بعد أكثر من 3 سنوات من بدء الحرب، رغم الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضغوط ترامب لإجراء مفاوضات وإنهاء الحرب. وباتت روسيا تسيطر على نحو 20% من أراضي أوكرانيا، من بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها في العام 2014.ولم تُتِح جولتا مفاوضات في إسطنبول تقريب وجهات النظر بشأن التوصل إلى هدنة تدفع إليها واشنطن.
استراتجية دفاعية روسية متكاملة
تشير دوافع الهجوم الروسي إلى أن هذا الرد ليس عشوائيًا، بل هو جزء من استراتيجية دفاعية متكاملة تهدف إلى حماية الأمن القومي الروسي من التوسع المتصاعد لما تعتبره روسيا تدخلات للناتو . فالقيادات الروسية تبرز بأن الهجمات الصاروخية الدقيقة؛ التي تعتمد على تقنيات الملاحظة والقيادة الحديثة، تُستخدم لتفكيك القدرات العسكرية الأوكرانية عبر استهداف المنشآت الأساسية المرتبطة بإنتاج وتحديث الأسلحة وخطط العمليات؛ ما يسمح في الوقت ذاته بتقليل الخسائر المدنية وتجنب الدمار الواسع الذي قد يُفاقم الأزمة.
النتائج والتداعيات العسكرية
أدت هذه الضربات إلى إصابة جميع الأهداف المحددة وفق البيان الروسي، ما أسهم في تدمير أجزاء من المجمع الصناعي العسكري، والبنية التحتية للمطارات العسكرية، وورش الإنتاج، إلى جانب مواقع تخزين وإطلاق الطائرات المسيّرة الهجومية. كما تم الإشارة إلى نتائج سابقة استهدفت نقاط انتشار التشكيلات المسلحة والمرتزقة الأجانب، إذ أفادت تقارير من جهة روسية بأن العمليات السابقة منذ 31 مايو / أيار أسفرت عن إصابة وتدمير بنية عسكرية أساسية، إضافةً إلى الإبلاغ عن مقتل 255 جندياً أوكرانياً في إحدى عمليات الاستهداف في مقاطعة سومي، وتواصل روسيا إعلان تقدّم ميداني في عدّة جبهات، في وقتٍ تصعّد فيه أوكرانيا مناشداتها للدعم العسكري الغربي، وسط معارك عنيفة ومعقّدة على امتداد خطوط التماس.
الآثار الاستراتيجية للهجوم الروسي
لن تقتصر نتائج هذه الضربات على الجانب التكتيكي فحسب، بل ستترتب عليها آثار استراتيجية على المدى المتوسط والبعيد. فبجانب الإضرار بالبنية العسكرية الأوكرانية، تؤكد تصريحات المتحدث باسم الكرملين – دميتري بيسكوف – على أن روسيا سترد في الوقت الذي تراه مناسباً، مما يشير إلى احتمال استمرار دورة التصعيد العسكرية. وقد يؤدي ذلك إلى تغييرات في معطيات الدعم الغربي لكييف، وزيادة حدة الردود الدبلوماسية والعقابية ضد موسكو، في ظل مخاوف دولية من تدهور استقرار المنطقة بأسرها . هذا وتشهد الساحة الدولية ردود فعل متباينة؛ فمن جهة، قد يعمل التصعيد العسكري الحالي على تعزيز مطالب كييف للحصول على دعم إضافي من الحلفاء الغربيين من الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية، بينما تُظهر موسكو موقفها الثابت في مواجهة ما تعتبره محاولات لتوسيع النفوذ.
مستقبل الصراع وآفاق التصعيد
تشير المؤشرات إلى أن المشهد العسكري في أوكرانيا قد يشهد مزيداً من التصعيد إذا استمرت كييف في الهجمات على الأراضي الروسية أو على الأهداف الاستراتيجية. وفي ظل استخدام موسكو لأنظمة صاروخية متطورة مثل «نبتون»، و«ستورم شادو»، و«فامباير»، و«جدام»، و«هيمارس»، يظهر بوضوح الدور المتنامي للتكنولوجيا العسكرية الحديثة في إدارة المواجهات، ومن المحتمل أن يؤدي هذا الاستخدام المكثف للتقنيات المتقدمة إلى إعادة رسم معالم الصراع وتغيير نسب القدرة القتالية على كِلا الجانبين. هذا ويبرز التصعيد الحالي بين موسكو وكييف كأحد المراحل الحرجة في الصراع المستمر، إذ تتداخل العوامل العسكرية والسياسية والإعلامية لتشكيل معطيات جديدة على ساحة النزاع. إن الضربات الجماعية الروسية على المواقع الحيوية في أوكرانيا لا تُمثل مجرد رد فعل عسكري، بل هي رسالة واضحة تتعلق بحزم الموقف والدفاع عن السيادة الوطنية.