على أعتاب عيد الولاية وفي حب الإمام علي(ع)

إحتفالات وبرامج ثقافية متنوعة في عيد الغدير الأغر في إيران

الغدير ليس مجرد حدث تاريخي، بل رسالة عالمية للإنسانية، وتذكير بأن الوحدة والتعاطف من القيم الأساسية للإسلام.

الإمام علي(ع)، أيقونة العدالة، شخصية دولية خالدة، لا مثيل له على مدى الدهر، فتى عالمي وأنموذج مثالي لجميع الأشخاص الذين يبحثون عن الإنسانية، يعرفه الجميع، وما أجمل إسمه، عندما يُسمع أو يجري على الألسن، كأنما يدخل الروح في الأنفس، الأطفال ينطقون باسمه منذ البداية، وفي كل مشكلة نناديه “يا علي(ع)”، فلا يمكن وصفه بالكلمات.

 

في هذه الأيام وعلى أعتاب عيد الله الأكبر، عيد ولاية علي بن إبي طالب(ع)، يحتفل جميع أحرار العالم، نرى البهجة والسرور في جميع الوجوه، ومن كل صوب وحدب نسمع هتافات “يا علي(ع)”، والإستعداد لإقامة إحتفالات كبيرة وبرامج ثقافية وفنية متنوعة على حب الإمام علي(ع)، فبهذه المناسبة، في هذا المقال نتطرق إلى بعضها.

 

أكبر احتفال شعبي بعيد الغدير

 

في كل عام، مع حلول عيد الغدير الأغر، وهو “عيد الله الأكبر”، تشهد مدن بلادنا إحتفالات رائعة، من بينها ضيافة الغدير بطول 10 كيلومترات، كإحدى أكبر الأحداث الشعبية في طهران ومدن إيرانية أخرى، والذي أصبح رمزاً للوحدة والتعاطف والتفاني للإمام علي(ع)، هذا الإحتفال الذي يقام بمشاركة واسعة من الجمهور والهيئات الدينية والجماعات الجهادية ليس حدثاً دينياً فحسب، بل هو أيضاً حركة ثقافية واجتماعية ضخمة تحافظ على رسالة الغدير في قلب المجتمع.

 

هذا الحدث الذي بدأ في عام 2022، ويزداد شعبية كل عام، يشارك فيه أكثر من مليوني شخص في الأعوام الماضية، وفي السنة الماضية أقيم حوالي 2200 موكب ثقافي وفني على طول الطريق، وتم تزويد هذه المواكب بالقرابين والهدايا والبرامج الثقافية وخلقت جواً حيوياً وروحياً يذكرنا بمسيرة الأربعين الحسيني.

 

المظاهر الشعبية والثقافية لمهرجان الغدير

 

أهمية الإحتفال بالغدير ليس فقط لإتساعها، ولكن أيضاً لطبيعتها الشعبية، من الأطفال والناشئين إلى كبار السن، إضافة إلى التنوع الثقافي والإجتماعي، وكذلك محطات تقديم الطعام تخلق أجواء من الحب والتعاطف من خلال توزيع الأطعمة والعصائر والهدايا الثقافية التي يتم نذرها، كما أن المجموعات الإنشادية والرواة والعروض الفنية تعطي لوناً ورائحة خاصة لهذا الإحتفال الكبير.

 

ومن أبرز ملامح هذه الفعالية هو التأكيد على الإطعام في يوم الغدير، وفقاً للتقاليد الإسلامية إن إطعام المؤمنين في هذا اليوم له ثواب، وكذلك انشاء أكشاك خاصة للأطفال وبرامج سعيدة وتبرعات وهدايا. لقد تحولت هذه المناسبة العزيزة إلى جو عائلي.

 

ويعتقد الباحث الديني حجة الإسلام “علي كنغرلو” أن حفلة الغدير التي يبلغ طولها 10 كيلومترات هي أكثر من مجرد احتفال ديني، بل هي حركة حضارية وقال: “الغدير ليس مجرد حدث تاريخي، بل له رسالة عالمية للإنسانية. هذا الحدث يظهر أهمية الوصاية والقيادة العادلة في الإسلام. إن إقامة مثل هذا الاحتفال بمشاركة واسعة من الجمهور يدل على أن ثقافة الغدير لا تزال حية في المجتمع الإيراني، وإنها ديناميكية”.

 

وأضاف: “هذا الاحتفال مهم من عدة جوانب، أولا، يذكر الجمهور بأن الوحدة والتعاطف من القيم الأساسية للإسلام. ثانيا، من خلال خلق جو سعيد وروحي، خاصة للشباب، فإنه يعزز ارتباطهم بثقافة أهل البيت(ع) في عالم سادت فيه القيم المادية، يمكن لمثل هذه الأحداث أن تعزز روحية الأمل في المجتمع”.

 

شعارات عشرة الإمامة والولاية

 

أعلن نائب الأمين العام والرئيس التنفيذي لمؤسسة الغدير الدولية “حسين ظريف منش” أن شعار هذا العام وعناوين أيام عشرة الولاية تم تحديدها وفق ثلاثة مبادئ هي: “حقيقة الغدير وفلسفتها”، “رغبات وتوجيهات قائد الثورة”، و”الاحتياجات الراهنة لمجتمعنا والمجتمعات الأخرى”، والظروف الحاكمة للبلاد ومحور المقاومة، لزيادة المعرفة بأميرالمؤمنين(ع) وتعاليمه.

 

وفي إشارة إلى كلام الإمام الخميني(رض): “أن الغدير جاء ليعلمنا كيف نتّبع”، أعلن ظريف منش شعار هذا العام هو “أمير المؤمنين(ع) منهاج الحياة ونموذج الحكم”، وأضاف: أنه برامج هذا العام بالإضافة إلى توسيع الاحتفالات؛ سيتم مراعاة المزيد من تعريف أبناء المجتمع بتعاليم الإمام علي(ع) حول التوجه إلى الناس والخدمة ومناهضة الظلم والعمل والإنتاج ونمط الحياة ووحدة الأمة الإسلامية وبذل الجهود في كل هذه المجالات.

 

ووفقا لتوجيهات قائد الثورة، يجب اعتبار نهج البلاغة كتابا للحياة أكثر مما كان عليه في الماضي. كما أنه تم تصميم العديد من برامج المؤسسة تحت عنوان “لنقرأ نهج البلاغة”، وقال ظريف منش: “أمير المؤمنين(ع) ليس مجرد شعار، بل هو تعبير عن إيمان حقيقي قائم على الغدير، والذي يجب أن يتجلى في الحياة الفردية والاجتماعية للناس وكذلك في سلوك وأداء مديري النظام، ويجب أن تكون عشرة الإمامة والولاية هي المنصة المناسبة والأرضية لنقل هذه الفكرة.

 

إحتفالية دولية

 

لا يقتصر هذا الاحتفال على إيران، فقد أقيم هذا الحدث في السنوات الأخيرة أيضا في دول أخرى مثل لبنان وباكستان والهند وأفغانستان. أما في إيران، بالإضافة إلى طهران، خصصت أكثر من 300 مدينة ما مجموعه 360 كيلومترا من الطرق لهذا الحدث من خلال إقامة احتفالات مماثلة، وحضور ممثلين عن جبهة المقاومة من لبنان واليمن والعراق في مواكب طهران، والذي يظهر الأبعاد الدولية لهذا الإحتفال.

 

ومن النقاط الجديرة بالملاحظة، تشابه الحدث مع مسيرة الأربعين. فقد أصبح كلا الاحتفالين، مع التركيز على المشاركة العامة وتعزيز القيم الإسلامية، رمزا للوحدة، ومع ذلك، فإن الاحتفال بالغدير يخلق جواً مختلفاً مع التركيز على السرور والحيوية، وهو أمر يجذب جيل الشباب بشكل خاص.

 

فعالية “مثل علي(ع)” الثقافية

 

ستقام فعالية ثقافية كبيرة تحت عنوان “علي وار” أي “مثل علي(ع)”، لقراءة الكتاب في أقسام مختلفة منها تقديم الكتب وإنتاج الأعمال بأشكال مختلفة، تعزيزاً للتعاليم العلوية وأسلوب حياة الإمام علي(ع)، وذلك بالتعاون مع مؤسسة المكتبات العامة في البلاد ومؤسسة الغدير الدولية.

 

وتم تصميم هذا الحدث الثقافي بهدف توسيع ثقافة القراءة وجعل الناس أكثر دراية بالأبعاد الشخصية للإمام علي(ع) ومن المقرر أن يعقد في المكتبات العامة في جميع أنحاء البلاد بالتزامن مع أيام عيد الغدير الأغر.

 

وتعد حملة تقديم كتاب “دقيقة واحدة مع الامام علي(ع)” وإنتاج أعمال في مختلف الأقسام: الرسم، الخط، الشعر، كتابة القصص، إنتاج الفيديو كليب، الرسوم المتحركة، البودكاست، بث الفيديو، وغيرها.

 

وفي نفس السياق وعلى أعتاب عيد الغدير الأغر تستضيف محافظة يزد احتفالات وبرامج متنوعة وشعبية بمشاركة فاعلة من المواطنين، وسيتم إقامة أكثر من 110 برامج خاصة تشمل الطرق والاحتفالات المحلية والشعائر التقليدية والثقافية في مختلف أنحاء المدينة حتى يتدفق هذا العيد المبارك في منازل وقلوب الجمهور.

 

وأعلن “مصطفى زارع زادة” رئيس قسم الشؤون الفنية والثقافية في بلدية مدينة يزد عن إقامة حفل زفاف علوي بحضور 110 من الأزواج الشباب في حديقة دولت آباد التاريخية، واحتفال “بابا حيدر” للأطفال، واختتام مشروع “طراوت” الذي استقطب حتى الآن 4000 مراهق إلى المساجد، وسيقام احتفال للأيتام تحت عنوان “مهر علوي” أي”الحنان العلوي” بمشاركة 1,110 طفل، وإقامة مهرجانات رياضية وقراءة الكتب، وغيرها.

 

المصدر: الوفاق