لماذا تعزز إيران علاقاتها مع آسيا الوسطى؟

خاص الوفاق: شرح موقع "ذا دبلومات"، وهو أحد المصادر المتخصصة في العلاقات الدولية والأمن والاقتصاد والسياسة مع تركيز خاص على منطقة آسيا والمحيط الهادئ، سبب تنشيط الدبلوماسية الإيرانية بشكل متزايد في آسيا الوسطى، وكتب: الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عهد رئاسة مسعود بزشكيان تعزز بوضوح سياستها في آسيا الوسطى، والتركيز الرئيسي للتفاعلات الإقليمية الإيرانية ينصب على تطوير العلاقات التجارية وبُنى النقل اللوجستية، وهو ما يتماشى مع استراتيجية "النظر نحو الشرق".

لا تزال العقوبات الدولية العائق الرئيس أمام الاندماج الكامل لإيران في الهيكل الاقتصادي لآسيا الوسطى. ورغم القرب الجغرافي والإمكانيات الكبيرة للموارد الطبيعية، فإن إجمالي حجم التجارة الثنائية لا يزال منخفضًا نسبيًا، حيث يبلغ أكثر بقليل من 5/1 مليار دولار، وإن كان هذا الرقم قد شهد زيادة طفيفة في السنوات الأخيرة.

 

وتهدف إيران إلى زيادة التجارة مع أوزبكستان بأربعة أضعاف “إلى ملياري دولار”، ومع كازاخستان وطاجيكستان إلى مليار دولار لكل منهما، وزيادة التجارة مع تركمانستان بنسبة 30%.

 

من جهتها، تبحث دول آسيا الوسطى عن أسواق استهلاكية جديدة وطرق أكثر كفاءة للاتصال بالاقتصادات الكبرى في العالم. وتمتلك إيران مزيجًا من هاتين الميزتين، مما جعلها شريكًا إقليميًا قيمًا لها؛ بالإضافة إلى ذلك، تمتلك إيران قدرات تقنية وعلمية في مجالات الهندسة والطاقة والزراعة والصناعات الكيماوية والدوائية، كما تمتلك بنية تحتية للاستثمار في الإنتاج المشترك.

 

وحوّلت شبكة النقل البري وسكك الحديد الواسعة في إيران، إلى جانب موانئها المهمة على المحيط الهندي، إيران إلى شريك رئيسي لجمهوريات آسيا الوسطى. وتلعب طهران دورًا محوريًا في الجسر البري الأوراسي الذي يربط الصين بأوروبا عبر سكك الحديد.

 

وتوجد عدة طرق برية شرق-غرب تمر عبر إيران وتشمل دول آسيا الوسطى. ومن بين هذه الطرق يمكن ذكر الممر الحديدي الصين-كازاخستان-أوزبكستان-تركمانستان-إيران-تركيا-الاتحاد الأوروبي، وطريق الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان-تركمانستان-إيران-تركيا-الاتحاد الأوروبي “باستخدام طرق نقل متعددة الوسائط”.

 

ويتمتع ميناء تشابهار العميق بأهمية خاصة لدول آسيا الوسطى التي تسعى لتطوير الطرق الجنوبية. وهذا الميناء الذي تقوم الهند بتطويره وتحديثه، ظل محصناً ضد العقوبات.

 

في عام 2023، وافقت إيران على طلب طاشقند للانضمام إلى “إتفاقية تشابهار”. وتخطط أوزبكستان لإنشاء مستودع ومحطة مخصصة في هذا الميناء. كما تدرس كازاخستان وطاجيكستان نهجاً مماثلاً.

 

كما تجري مفاوضات لإنشاء ممرات نقل من آسيا الوسطى إلى الهند عبر البنى التحتية الطرقية والموانئ الإيرانية، وهو إجراء يتماشى مع المصالح الجيواقتصادية لدول آسيا الوسطى.

 

وفي أغسطس 2024، بدأ نقل الحاويات من الموانئ الهندية موندرا ونافاشيفا وتشيناي إلى أوزبكستان عبر ميناء بندرعباس وتركمانستان. وفي مارس 2025، أصبح نقل البضائع إلى كازاخستان عبر نفس الطريق عملياً.

 

كما تخطط آستانا لإنشاء محطة متخصصة ومركز لوجستي في ميناء الشهيد رجائي (جنوب إيران)، هذه التطورات تظهر أن دول آسيا الوسطى عازمة على توسيع علاقاتها مع طهران.

 

من ناحية أخرى، يعد عبور آسيا الوسطى حيوياً لإيران أيضاً، حيث تعيد طهران النظر في توجهها التجاري نحو الشرق. ودخلت إتفاقية التجارة الحرة الكاملة بين إيران ودول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي EAEU حيز التنفيذ في 15 مايو 2025؛ وهي إتفاقية تنطوي على تخفيض كبير في التعريفات الجمركية على معظم السلع.

 

وستستفيد روسيا، باعتبارها الاقتصاد المهيمن في الاتحاد الأوراسي وبحجم تبادل تجاري مع إيران بلغ 8/4 مليار دولار في عام 2024، أكثر من غيرها من هذه الإتفاقية.

 

مع ذلك، لا تزال الصين أكبر شريك تجاري لإيران في الشرق، وبلغت قيمة التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين في العام الماضي 1/34 مليار دولار، ومن المرجح أن يظل تطوير ممرات النقل عبر آسيا الوسطى أحد الموضوعات الرئيسية في العلاقات الإيرانية – الصينية، وسيبقى محط اهتمام خاص في المستقبل.

 

 

المصدر: الوفاق خاص