في 25 مايو/ أيار 2025، دخل أول قطار بضائع من مدينة شيآن الصينية إلى ميناء أبرين الجاف في إيران، ليبدأ رسميًا الاتصال السككي المباشر بين البلدين.
يُمثل الطريق البري، الذي يُقلل وقت العبور من 30 – 40 يومًا بحرًا إلى حوالي 15 يومًا برًا، نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بين طهران وبكين.
ونظرًا لتزايد عدم الاستقرار في ممرات الشحن البحري الرئيسية، بما في ذلك البحر الأحمر ومضيقي ملقا والسويس، يبرز هذا الربط بسكك الحديد كخيار أكثر أمانًا ومرونة.
وقد استخدم الغرب خاصة الولايات المتحدة، بهيمنته العسكرية على الممرات المائية الرئيسية، الضغط البحري مرارًا وتكرارًا كأداة لتقييد تدفقات الطاقة والتجارة الإيرانية.
في ظل هذه الظروف، لا يقتصر دور خط سكة الحديد بين الصين وإيران، باعتباره شريانًا حيويًا على الطريق بين الشرق والغرب، على تقليص الوقت والتكاليف فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا هامًا في تجاوز هذه الاختناقات الاستراتيجية.
ويُعدّ هذا الممر جزءًا من الخطة الكبرى لمبادرة الحزام والطريق (BRI)، التي انضمت إليها طهران رسميًا عام 2019.
وفي الوقت الذي تعثرت فيه المفاوضات النووية وعادت فيه أميركا إلى سياسة “الضغط الأقصى”، أصبح هذا التعاون في مجال سكك الحديد أداة فعالة لمواجهة العزلة الاقتصادية المفروضة على إيران.
ووفقًا لخبير النقل والمواصلات “مهدي باقري”، يُمكن أن يُمثل هذا الممر البري بديلاً هامًا للطرق البحرية المحفوفة بالمخاطر، وحتى لمشاريع مثل ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، الذي يُنفذ بدعم من أميركا و”إسرائيل”.
ويتزايد التركيز الإقليمي على إنشاء شبكة سكك حديد عابرة للقارات، وفقًا لاجتماع عُقد مؤخرًا في طهران لمسؤولي النقل بسكك الحديد من الصين وإيران وكازاخستان وأوزبكستان وتركمانستان وتركيا.
ويُمثل هذا الاجتماع دليلًا واضحًا على عزم طهران على ترسيخ مكانتها كجسر بري أوراسي في النظام العالمي الجديد.
وتسعى إيران إلى تطوير البنية التحتية لتعزيز التجارة مع شرق آسيا والخليج الفارسي، وحتى أفريقيا، باستخدام ميناء أبرين الجاف وربطه بالطرق البحرية الدولية.
في غضون ذلك، تُولي الصين، التي ركزت سابقًا بشكل كبير على الطرق الباكستانية واستثمرت 60 مليار دولار في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، اهتمامًا أكبر الآن للموانئ الإيرانية مثل بندرعباس (جنوب البلاد)، نظرًا للاستقرار الداخلي النسبي الذي تتمتع به إيران.
يتجلى تضارب المصالح بين الهند والصين جليًا في هذا المسار. فالتنافس بين هاتين القوتين الآسيويتين على النفوذ في موانئ إيران الجنوبية وضع طهران في موقف يسمح لها باستغلال هذا التنافس لصالحها.
وتأتي خطوة الصين لفتح قنصلية في بندرعباس ردًا على تحركات الهند في تشابهار، وتُظهر إعادة رسم المحاور الجيوسياسية.
وفي نهاية المطاف، فإن خط سكك الحديد المباشر بين الصين وإيران ليس مجرد مشروع عبور، بل خطوة مهمة في إعادة تعريف علاقات القوة في المنطقة؛ وهو مسار قد يُسهم في إضعاف سياسات العقوبات الغربية وتعزيز التحالفات الناشئة في الشرق.