لقد استفاق الصهاينة فجأة بعد عامين من تدميرهم المستشفيات، ليتذكروا القانون الدولي ويتهموا ايران بارتكاب جريمة حرب لاستهدافها هذا المستشفى، الذي يعد من ابرز المراكز الطبية لعلاج جنود الاحتلال المصابين بغزة.
تصريحات الصهاينة عقب تضرر مستشفى سوروكا العسكري
وقد انهالت تصريحات الصهاينة الشاجبة، الذين دأبوا على استخدام آلة اعلامية ضخمة لتبرير جرائمهم في القضاء على المنظومة الصحية بهدف تحقيق التهجير القسري واخلاء المناطق السكنية والتمعن في الابادة الجماعية.
وتفوّه وزير الرياضة الصهيوني” ميكي زوهار”، ان “احقر الناس على وجه الأرض هم من يقصفون المستشفيات”، ويضيف اليميني المتطرف وزير الامن الصهيوني ايتمار بن غفير قائلا : الايرانيون النازيون يقصفون المستشفيات التي يعالج فيها الاطفال والنساء.
ويأتي وزير الحرب الصهيوني “يسرائيل كاتس” ليذكر ان “استهداف المستشفيات تعد جرائم حرب”، ويدلي وزير الخارجية الصهيوني بحكمه ان “النظام الايراني يخرق القوانين الدولية ويقصف المدنيين والمستشفيات”.
واذا ما تمعّنا في تصريحات قادة الاحتلال الصهيوني بعد القصف قرب مستشفى سوروكا، نجد انها لا تنم عن غطرسة سياسية ولا انفصال عن الواقع فقط، ولا انها تعد شاهدا على نفاق فاضح وانعدام للخل فحسب، بل كمثل ايضا عن خلاصة مشروع الكيان الصهيوني اللقيط الذي لطالما تقنّع بثوب الضحية وهو يذبح الضحايا.
ناهيك عن ذلك، ان يأتي القاتل الجلاد ويتباكى على جراحه وهو ذاته من اطلق العنان في عمليته العسكرية لسلسلة هجمات وحشية على المراكز الطبية و الاغاثية في قطاع غزة ولبنان، ودكّ المراكز الطبية والاغاثية فوق رؤوس المرضى وقتل الاطفال وهم يختبؤون في احضان امهاتهم؛ فذلك ليس تناقضا بل هو جوهر السردية الصهيونية التي قامت ومازالت تقوم على استدراج التعاطف لتبرير الابادة وعلى تمثيل دور المظلومية لتسويغ الاستعمار والاحتلال.
السردية الصهيونية لم تعد تنطلي على شرفاء واحرار العالم
لكن ما يثير السخرية ان هذه السردية لم تعد تنطلي على شرفاء واحرار العالم وبدأت تتهاوى امام اعين العالم، فحتى اولئك الذين لطالما خدعتهم الدموع الصهيونية، باتوا يرون الحقيقة العارية؛ “كيان ارهابي يمارس الفتك والقتل ثم يصرخ طالبا العطف”.
وقد أثارت هذه التصريحات موجة من الغضب والسخرية على منصات التواصل، خصوصا أن الصهاينة معروفين بمواقفهم التحريضية والعدوانية ودعمهم استهداف منشآت طبية؛ وقد علق الناشط البريطاني “فيليب براودفوت” : ان اي شخص يندد بصاروخ ايراني يلحق اضرارا بمستشفى في “اسرائيل”، دون ذكر تدمير 94% من مستشفيات غزة يجب تجاهله تماما؛ “اسرائيل” احرقت “شعبان الدلو” حيا وهو لايزال موصولا بجهاز المحاليل الوريدية في فناء مستشفى “شهداء الأقصى” بمدينة دير البلح.
وقد علق مغردون ساخرون في غزة، لم تكن المستشفيات ملاذا آمنا، بل أهدافا لصواريخ “إسرائيل”، من المعمداني إلى الشفاء وكمال عدوان؛ اليوم، حين يُصاب مستشفى سوروكا، يرى المظلومون أن “إسرائيل” بدأت تدفع ثمن صمت العالم عن جرائمها.
وكتب أحد النشطاء :العالم كله رأى ما حدث بالشفاء والمعمداني وكمال عدوان، لكنه سوف ينتبه لسوروكا الذي لم يكن مستهدفا.كما تساءل ناشطون في تعليقاتهم :إذا كان قصف مستشفى سوروكا جريمة حرب، فماذا يسمى ضرب 37 مستشفى في غزة؟ أنت والقانون الدولي؟.
تباين ملحوظ في التغطية الإعلامية
في حين أن الكيان الصهيوني لديه تاريخ في تنفيذ هجمات واسعة النطاق على المستشفيات والمراكز الطبية في غزة، وقبل يومين هاجم الصهاينة مستشفى إيرانيا في كرمانشاه تابعا للمعوقين، نلاحظ انه في الواقع، هناك تباين ملحوظ في التغطية الإعلامية لهجمات الكيان الصهيوني على المستشفيات والمرافق الطبية، خاصة في غزة، وبين الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير.
ونجد ان وسائل الإعلام الصهيونية وشبكات الأخبار العربية والغربية التابعة لها، تتبع تغييرا لمسار الاحداث وتستخدم تكتيكا اعلاميا جديدا يهدف إلى تضليل الرأي العام، وتصوير الصهاينة كضحايا في تغطيتها الإخبارية للهجوم الصاروخي الإيراني بالقرب من مستشفى سوروكا الصهيوني العسكري، متجاهلة بذلك تاريخ الصهاينة في استهداف المستشفيات.
تجدر الاشارة هنا الى ان هذا التكتيك يهدف إلى خلق تعاطف مع الكيان الصهيوني وتقديمهم كضحايا، في حين أنهم في الواقع الجناة دوما،و هذا يوضح كيف يمكن للتلاعب الإعلامي أن يؤثر على الرأي العام ويخفي الحقائق.
كما ان الصهيانة وبتركيزهم على الأضرار الجانبية بالمستشفى وادعاءات مهاجمة أهداف مدنية، يبدو أنهم يحاولون استمالة حليفتهم الولايات المتحدة للانخراط إلى جانبهم في الحرب على إيران، وفق المراقبين والخبراء في هذا الشأن.
الكيان الصهيوني يختبئ خلف المستشفيات ليخفي قواعد ومراكز ومواد حساسة
لطالما برر الكيان الصهيوني اللقيط قصفه مستشفيات قطاع غزة بأنها تضم قواعد ومكاتب سرية لحركة حماس، من دون التمكن من إثبات تلك المزاعم، ولكن المفارقة التي كشفتها إيران اليوم هو أن جيش هذا الكيان يختبئ خلف المستشفيات ليخفي قواعد ومراكز ومواد حساسة.
ظهرت هذه القصة للعلن عندما أعلن الكيان الصهيوني أن قصفا إيرانيا عطل مستشفى سوروكا في بئر السبع، متهمة طهران باستهداف المرضى.
لكن إيران بادرت إلى توضيح أن القصف استهدف مقر قيادة واستخبارات عسكرية المجاور للمستشفى العسكري، الذي تعرض لأضرار جانبية جراء موجة الانفجار، يخفي فيه الجيش الصهيوني جنودا ومقدرات عسكرية حساسة.
تكتم اعلامي ورقابة مشددة
وتفرض الرقابة الصهيونية حظرا مشددا على تحديد المواقع التي تستهدفها الصواريخ الإيرانية، وجرى استحداث دوريات شرطة لمنع البث من جانب الإعلام والأشخاص في هذه المواقع.
وعبر منصة التواصل الاجتماعي إكس، ادّعىت قوات الكيان الصهيوني أنه تم تحديد إصابات عدة نتيجة القصف الصاروخي، إحداها أصابت أكبر مستشفى جنوب “إسرائيل”، من دون أن يحدد مواقع سقوط باقي الصواريخ.
وحسب هيئة البث العبرية الرسمية، فإن الحديث يدور عن مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع جنوبي “إسرائيل”، ونقلت عن طبيب في المستشفى ،لم تسمه، قوله إن المبنى المتضرر هو المبنى الجراحي القديم الذي تم إخلاؤه الأربعاء.
في المقابل، قال حرس الثورة الاسلامية الايرانية،في بيان، أنه استهدف في هذه العملية مركز القيادة والاستخبارات التابع لجيش الكيان الصهيوني بدقة عالية وبضربة دقيقة قرب مستشفى؛ كما اكدت وكالة “إرنا” أن البنية التحتية العسكرية المستهدفة اصيبت بدقة، بينما تعرض مستشفى سوروكا لأضرار جانبية بسبب موجة الانفجار.
تاريخ هجمات الكيان الصهيوني المدمن قصف المستشفيات
يشهد التاريخ ان الكيان الصهيوني له سجل موثق في شن هجمات واسعة النطاق على المستشفيات والمراكز الطبية في اي مكان يهاجمه مما يؤدي إلى تدمير واسع النطاق وتشريد العديد من المدنيين، واخر موجات جنون ادمانه كانت قصفه قبل يومين لمستشفى إيرانيا يخدم المعوقين في محافظة كرمانشاه غرب ايران .
ومنذ بدء عدوانه على إيران فجر 13 حزيران/يونيو الجاري، استهدف الكيان الصهيوني الهمجي وبشكل مباشر، أكثر من مستشفى، بينها مستشفى” حكيم للأطفال” بالعاصمة الايرانية طهران، و”مستشفى الفارابي” بمدينة كرمنشاه غربي البلاد.
ويوم الأربعاء، استهدف هذا الكيان المعتدي مبنى الهلال الأحمر الإيراني شمالي طهران، وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون الإيراني تصاعد الدخان من الموقع المستهدف.
اهم المستشفيات التي تعرضت للقصف الصهيوني في قطاع غزة
وعلاوة على استهدافه المباشر والدائم للطواقم الطبية والاغاثية في غزة ولبنان، لابد لنا ان نعرض ملخصا يتضمن اهم المستشفيات في قطاع غزة والتي وردت في تقارير صحفية وتقارير دولية موثوقة:
1- مجمع الشفاء الطبي ، دمر كليا وشخص كموقع لحصار وعمليات عسكرية.
2- مستشفى الاهلي /المعمداني، هوجم في تشرين الاول/اكتوبر 2023 ومازال متضررا.
3- المستشفى الاوروبي ، استهدف بقصف جوي في 13 ايار/مايو 2025.
4- المستشفى الاندونيسي ، تعرض لقصف متكرر ةاضرار كبيرة.
5- مستشفى الصداقة التركي، تضرر جراء غارة جوية.
6- مستشفى القدس، تعرض للاضرار الجسيمة وقصف مدرّج.
7- مستشفى العامل ، استهدفت وطبقت محاولات لاغلاقها.
8- مستشفى الشيخ حمد، تضرر قصفا في 20 ايار/مايو 2025.
9- مستشفى الرفاعي/النصر للاطفال، متوقفة ومتضررة بشدة.
10-المستشفى الكويتي الميداني، قصف المدخل الشمالي له في 15 نيسان/ابريل 2025.
11-مستشفى الامل ، تعرض لقصف مدرج.
12-مستشفى العودة ،محاصر ومتضرر بفعل القصف المتكرر.
13-مستشفى كمال عدوان،استهدف عدة مرات.
14-مستشفى الناصر الطبي ، استهدف نهاية اذار/مارس 2025 بقصف جوي.
واما عن لبنان، فقد اخرجت مستشفيات بشكل كامل او جزئي من الخدمة او الحق اضرار جسيمة بها، ومنها : مستشفى مرجعيون الحكومي، مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل، مستشفى ميس الجبل الحكومي، مستشفى سانت تريز في الضاحية الجنوبية لبيروت، مستشفى بهمن في الضاحية الجنوبية، مستشفى البتول في الهرمل، مستشفى دار الامل الجامعي في بعلبك، مستشفى السان جورج في الحدث الضاحية الجنوبية، وغيرها العديد من المراكز الطبية التابعة لكشافة الرسالة الاسلامية والهيئة الصحية الاسلامية والصليب الاحمر اللبناني والدفاع المدني.
الجُرم يرتكب على الهواء مباشرة، فلا داعٍ لتمثيل دور الضحية
ويجب التنويه هنا، بان كل شخص مطّلع على تاريخ الصهاينة وفكر الصهيونية يدرك ان تصريحات الصهاينة هي جزء لا يتجزأ من عقائدهم وايمانهم المطلق في تعاليم التلمود بما يسمى الغُوييم او الاغيار، والتي تشير الى درجة دنيا من البشر، وينعتونهم بالدونية والحقارة ويخرجونهم من دائرة ما هو إنساني، وهم موضوع استرقاق واموالهم مباحة،وقتلهم مباح ولا عقاب فيه.
لذا لا يجب التعجب والاستغراب من هكذا تصريحات نابعة من فكر همجي متعطش للدماء ويستمد استمراريته بالقتل والابادة وبسرد روايات مضللة وكاذبة؛ لكن العجب كل العجب والاستغراب من وسائل اعلامية تكذب علنا، وبكل وقاحة تختبىء وراء اصابعها الملطخة بتعتيم الحقيقة والمغمسة بأضاليل العدو.
وختام الكلام، ان ما يجري حاليا قد اسقط بدماء واشلاء الشهداء والاطفال والعزل، ورقة التوت الاخيرة عن الاحتلال الصهيوني، حيث اصبحت الحقيقة جلية للجميع فلا مجال ولا داع بعد اليوم لتمثيل دور الضحية بينما يرتكب الجرم على الهواء مباشرة.