سيّدة القرار وصانعة المعادلات

الجمهورية الإسلامية الإيرانية.. الردّ المزلزل الذي زلزل الكيان الغاصب

الردّ الإيراني لم يكن مجرد إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة. بل كان عملًا استراتيجيًا على أعلى المستويات.

وليد الطائي

في زمنٍ طغت فيه العربدة الصهيونية، وظنّ فيه الاحتلال أن يده طليقة فوق القانون، وفوق الكرامات، وفوق دماء الأبرياء… جاءت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كما عهدناها، لتقول كلمتها الفصل، وتكتب بلهيب الردّ المزلزل حقيقة لا غبار عليها: أن اليد التي تمتدّ على إيران، ستُكسر مهما طال الزمن، ومهما كان الثمن.

لقد تجاوز العدو الصهيوني كل حدود العقل والمنطق، فتمادى في استهداف العلماء، والقيادات، والمنشآت، دون أن يدرك أن صمته المؤقت ليس ضعفًا، بل صبرًا محسوبًا بميزان الردع… حتى جاء اليوم الذي نطق فيه الصاروخ، وزلزلت فيه السماء فوق رؤوسهم، وقالت إيران للعالم كلّه: لسنا من نبدأ الحرب، لكننا من يحدد نهايتها.

إيران… سيّدة القرار وصانعة المعادلات

منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، لم تكن إيران دولة كبقية الدول، بل كانت مشروعًا حضاريًا ومقاومًا في وجه الاستكبار. وفي قلب هذا المشروع، كان الكيان الصهيوني دائمًا العدو المركزي، فكل رصاصة صهيونية تطلق على فلسطين، هي طعنة في قلب إيران، وكل اعتداء على محور المقاومة، هو إعلان حرب لا يُمكن أن يمرّ دون حساب.

لم تكن الجمهورية الإسلامية دولةً تكتفي بالإدانات اللفظية، ولا بالبيانات المترددة. بل كانت – وما زالت – الدولة الوحيدة في هذا العالم التي ربطت أمنها القومي بأمن القدس، ومصيرها بمصير فلسطين، ووجودها باستمرار المقاومة. ولهذا، حين قرر العدو اختبار صبرها، أخطأ التقدير، وتلقى دروسًا قاسية، لن تُمحى من ذاكرة أجياله.

الرد الإيراني… عاصفة بصمت وزلزال بدقّة

الردّ الإيراني لم يكن مجرد إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة. بل كان عملًا استراتيجيًا على أعلى مستويات التخطيط والتنفيذ. لقد راقبت إيران نقاط ضعف العدو، وحددت أهدافًا حساسة، وضربت بعقل الدولة، لا بانفعال العاطفة. فجاء الردّ:

شاملًا في التوقيت والمكان، دقيقًا في إصابة الأهداف، وصادمًا في نتائجه النفسية والعسكرية.

لقد أراد العدو أن يظهر بمظهر القوي، فإذا به يُفضح أمام شعبه، ويلجأ إلى الأكاذيب الإعلامية لإخفاء حجم الكارثة. طائراته لم تمنع الردّ، ومنظوماته لم تُسقط الصواريخ، ومخابراته لم تتنبأ بشيء. أما شعبه، فقد أدرك أنه يعيش في كيان هشّ، تُهدده عواصف طهران إذا ما قررت التحرك.

هذا الرد… ليس النهاية بل البداية

ما قامت به إيران هو بداية فصل جديد، أغلقت به زمن الردع المزيّف الصهيوني، وفتحت باب توازن جديد، تقول فيه: “كل نقطة دم تُراق، سندفع بثمنها رعبًا داخل كيانكم”. وقد فهم العدو هذه الرسالة جيدًا، ولهذا التزم الصمت، ولم يجرؤ على التصعيد، لأن الجواب التالي سيكون أقسى وأشد.

وليس غريبًا أن تقف كل شعوب محور المقاومة، من العراق إلى لبنان، ومن اليمن إلى غزة، مهللة بهذا الرد الإيراني العظيم، لأنه لا يُمثّل إيران فقط، بل يمثل إرادة كل الأحرار، كل المظلومين، وكل من يحلمون بزوال الاحتلال.

إيران… عنوان السيادة ومصدر الهيبة

لقد أثبتت الجمهورية الإسلامية أنها الرقم الأصعب، والعقبة الكُبرى في وجه المشروع الصهيوني-الأمريكي في المنطقة. لم تركع، لم تخضع، لم تساوم. بل واجهت، وبنت، ووقفت، وصمدت، حتى أصبحت قوة يُحسب لها ألف حساب، رغم الحصار، ورغم المؤامرات، ورغم الطعنات من القريب قبل البعيد.

واليوم، وهي تردّ بهذا الشكل المهيب، فإنما تؤكد للعالم أن مشروعها ما زال حيًا، وأنها في موقع الفعل لا ردة الفعل، وأن حسابات الغد سترتكز على ما قالته صواريخها، لا ما قاله المتخاذلون خلف شاشات التطبيع.

خاتمة: من طهران إلى القدس… الطريق واحد

في هذا الزمن المضطرب، تثبت إيران أنها البوصلة الثابتة، وأن فلسطين ليست شعارًا بل عقيدة. ومن خلال ردّها المزلزل، أعادت رسم خريطة الردع في المنطقة، ورسّخت حقيقة واضحة: أن الكيان الصهيوني ليس فوق المحاسبة، وأن من يعتدي على إيران، سيجني الأسى.

ستبقى الجمهورية الإسلامية قلعة المقاومة، وسيف المظلومين، ودرع الأمة… وستبقى القدس وجهتها، حتى يتحقق وعد الله، ويُكسر القيد، وتعود الأرض لأهلها… وعندها فقط، سيكون النصر كاملًا، شاملاً، ونهائيًا.

المصدر: الوفاق - ارنا