العلاقات بين باكستان وأفغانستان على المحك

أفاد مصدر حكومي بوقوع اشتباكات بين القوات الأفغانية والباكستانية، يوم الاثنين عند معبر طورخم شرقي أفغانستان دون وقوع ضحايا.

2023-02-20

ووقع تبادل إطلاق النار بعد يوم من إغلاق حكومة طالبان الأفغانية المعبر الحدودي بسبب رفض إسلام آباد المزعوم السماح لمرضى أفغان -والقائمين على رعايتهم- لا يملكون أوراقا ثبوتية دخول باكستان لتلقي الرعاية الطبية.

وأكد مسؤول محلي في الشرطة الباكستانية إطلاق النار وإغلاق الحدود. وقال متحدث باسم الشرطة الأفغانية في إقليم ننغرهار بشرقي أفغانستان لرويترز “الحدود مغلقة وسننشر التفاصيل في وقت لاحق”.

ولم يعلق الجيش الباكستاني ووزارة الخارجية على الأمر، لكن مسؤولا في طالبان في معبر طورخم قال إنهم أغلقوه لأن باكستان لم تتقيد بالالتزامات المتفق عليها.

*إغلاق الحدود وتبادل إطلاق النار

ولم يتسن على الفور الوصول إلى متحدثين باسم الجيش والشرطة والحكومة في باكستان للتعليق، لكن مسؤوليْن أمنيين باكستانيين في المنطقة، أكدا إغلاق الحدود وتبادل إطلاق النار.

يشار إلى أن النزاعات المرتبطة بالحدود بين البلدين، والبالغ طولها 2600 كيلومتر، ظلت موضع خلاف بينهما لعقود. ويعدّ معبر طورخم الحدودي نقطة العبور الرئيسية للمسافرين والبضائع بين باكستان وأفغانستان، الدولة الحبيسة التي لا تطل على أي مسطحات مائية.

ولم يعلق الجيش ووزارة الخارجية الباكستانية على هذه التقارير. وقال الملا محمد صديق، المفوض المعين من قبل طالبان في طورخم، “باكستان لا تفي بالتزاماتها، لذلك أغلق المعبر”، ولم يخض في مزيد من التفاصيل. ونصح صديق المواطنين الأفغان بتجنب السفر إلى المعبر الحدودي الواقع على الجانب الأفغاني في ولاية ننغرهار شرقي البلاد “حتى إشعار آخر”.

*معبر طورخم في الماضي

ويشيع إطلاق النار على طول الحدود الأفغانية – الباكستانية. وأغلق الجانبان معبر طورخم في الماضي، وكذلك معبر شامان الحدودي في جنوب غربي باكستان، لأسباب عدة.

وكلا المعبرين مهمان لأفغانستان، الدولة غير الساحلية، من أجل التجارة والسفر. ومنذ استيلاء طالبان على السلطة، سمحت الحكومة في إسلام أباد للأفغان للمرضى بدخول باكستان لتلقي العلاج الطبي إلى جانب عدد محدود من القائمين على رعايتهم.

وفي وقت سابق، طالبت الخارجية الأفغانية إسلام آباد، على خلفية اشتباكات وقعت بين القوات الأفغانية والباكستانية في معبر سبين بولدك جنوبي أفغانستان، بمنع التصرفات التي وصفتها بالاستفزازية، والتي تؤدي إلى العنف واندلاع الاشتباكات على طرفي الحدود المشتركة بين البلدين.

*أسباب مجهولة

ولا تُعرف بالضبط الأسباب التي أدت إلى الاشتباكات الأخيرة بين القوات الأفغانية والباكستانية، وقد سارعت الخارجية الأفغانية والقوات الباكستانية إلى إصدار بيانات تتحدث عن قلق الطرفين من دون أن يوضحا السبب الرئيس لهذه الاشتباكات.

ويقول مصدر في وزارة الدفاع الأفغانية إنه “خلال عام واحد منذ وصول طالبان إلى السلطة اندلعت اشتباكات مع الدول المجاورة 27 مرة، بينها 18 اشتباكا مع باكستان، و5 اشتباكات مع إيران، و3 مع طاجيكستان، ومرة واحدة مع تركمانستان”.

من جانبه، يقول الزعيم القبلي أحمد هيواد للجزيرة نت “لا نعرف سبب اندلاع الاشتباكات بين الأفغان والباكستانيين، ولكن القوات الباكستانية أمرتنا قبل أيام بإخلاء هذه المنطقة لأنها تريد بناء مدينة صناعية مشتركة مع الصين”.

*صراع قديم متجدد

ويرى خبراء في الشأن الأفغاني أن هناك عوامل وأسبابا مختلفة لهذه الاشتباكات والتوتر القائم على الحدود الأفغانية الباكستانية من أهمها خط ديوراند المتنازع عليه بين البلدين، الذي يصل طوله نحو 2600 كيلومتر، حيث رُسمت الحدود الفاصلة بشكل تعسفي من قبل البريطانيين في عام 1893 ويعيش ملايين البشتون على جانبيه.

وتؤكد حكومة طالبان الأفغانية حقها في حرية تنقل الشعوب عبر حدود الحقبة الاستعمارية، بما يتفق مع عدم الاعتراف بالخط كحدود دولية، وينظر إليه على أنه خط فاصل بين الأراضي الأفغانية وتلك التي كانت تخضع للاحتلال البريطاني ثم ورثتها باكستان.

واتخذت جميع الحكومات الأفغانية منذ عام 1947 مواقف مماثلة بشأن هذا النزاع مع باكستان التي ترى أنها حدود دولية وعلى الأفغان احترام سيادتها عليها.

*تركة استعمارية سيّئة

ويقول وكيل وزارة الحدود والقبائل الأفغانية السابق أكبر فولاد: إن “الخط ليس واضحا، فالبريطانيون قسموا قمم الجبال بين البلدين كحدود فاصلة، وهناك تداخل كبير في الأراضي، وحاولت كل جهة الاستيلاء على نقاط إستراتيجية على طول الخط، وخلال 20 سنة الماضية عندما كانت الحكومة الأفغانية السابقة مشغولة في الحرب مع طالبان، استغلت القوات الباكستانية الفرصة وتوغلت في بعض المناطق الأفغانية بعمق 40 كيلومترا، والآن تريد الحكومة الجديدة السيطرة على أراضيها، وهذا هو السبب الرئيس للاشتباكات”.

ومما يزيد الأزمة تعقيدا أن باكستان ترسم خط ديوراند بشكل مختلف عن أفغانستان، وهو ترسيم لم تقبله الحكومة الأفغانية السابقة، والآن تعرقل الحكومة الجديدة مشروع القوات الباكستانية لنصب السياج على الحدود المشتركة بين البلدين، وقد كلّف السياج باكستان نحو 532 مليون دولار حتى الآن.

 

المصدر: الوفاق