رأى المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية ان الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، الخاضعة جميعها لضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومراقبتها الكاملة والمستمرة، يعد عملا غير قانوني وإجرامي تماما، ولا يمكن لأحد في العالم ولا أي سلطة دولية تبرير هذا العدوان بأي شكل من الأشكال.
وخلال المؤتمر الصحفي، اليوم الاثنين،والذي يتزامن مع اليوم الحادي عشر للعدوان العسكري الصهيوني على الجمهورية الإسلامية الإيرانية،اكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية اسماعيل بقائي على ان الشعب الايراني العريق الذي ينتمي الى اقدم الحضارات في التاريخ ، والذي ارتوى بتعاليم مدرسة الامام الحسين (ع) يقف الان في هذه المرحلة موحدا ليظهر للعدو كراهيته وغضبه منه وليواجه العدوان بكل صلابة وعز.
العدوان العسكري الصهيوني نفذ قطعا بتنسيق ودعم من امريكا
واضاف ان الإيرانيين عانوا من تقلبات عديدة عبر التاريخ، وعلى الرغم من انهم شعب مسالم ويتمسك بالنزاهة، وبمبادئ وأخلاقيات التعايش السلمي مع الآخرين، إلا أنهم لم يتوانوا قط في الدفاع عن الهوية الإيرانية ووطنهم وكرامتهم، مؤكدا على انه وفي هذه المرة ايضا سيتم احباط مؤمرات ومخططات الاعداء.
وتابع بقائي: حتى الأسبوع الماضي، كان هناك تساؤل دائم ما إذا كان عدوان الكيان الصهيوني على إيران قد نُفِّذ بعلم أو دعم أو وعي الولايات المتحدة. واليوم، لم يعد هناك شك في أن هذا العدوان العسكري على الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد نُفِّذ بتنسيق ودعم ومساندة الولايات المتحدة.
واشار انه وبناء عليه، لذلك، تُعتبر امريكا متواطئة في جميع الجرائم التي وقعت خلال هذه الأيام الأحد عشر، مشيرا الى انه و بالنسبة للإيرانيين، يُعدّ الهجوم الأمريكي على المنشآت النووية السلمية الإيرانية، والتي كانت جميعها تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومراقبتها الكاملة والمستمرة، عملا غير قانوني وإجرامي تماما، ولا يمكن لأحد في العالم ولا أي سلطة دولية تبرير هذا العدوان بأي شكل من الأشكال.
واوضح بقائي ان خلال هذه الأيام الحادية عشر، فقدت أرواح عزيزة، وحزنت العديد من العائلات، وسلبت العديد من الفرص والاحلام ظلما،كما انه قد استشهد مؤخرا طفلان بريئان في تبريز ، مؤكدا على انه سيتم تسجيل هذه الجرائم وتوثيقها، لتضاف إلى القائمة الطويلة من جرائم الكيان الصهيوني الذي يرتكب في الوقت نفسه إبادة جماعية علنية في غزة والضفة الغربية، ويحتل أراضي بلدين في المنطقة، ويشن عدوانا وحشيا على الشعب الإيراني، ومذكرا بان الشعب الايراني سيقاوم هذا العدوان السافر بكل قوته.
ايران كانت ضحية لاسلحة الدمار الشامل فكيف تسعى للحصول عليه
وذكر بقائي انه في تموز/يوليو 1987، ارتكب نظام البعث العراقي، بدعم من الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية، جريمة مروعة واستخدم الأسلحة الكيميائية ضد الأبرياء الايرانيين في منطقة سردشت حيث اصبحت كارثة سردشت رمزا لكراهية إيران والعالم من اسلحة الدمار الشامل.
وفي هذا السياق، راى بقائي ان اتهام إيران بمحاولة الحصول على أسلحة الدمار الشامل، بما في ذلك الأسلحة النووية، هو اتهام خطير للغاية ضد دولة كانت هي نفسها ضحية لهذه الأسلحة؛ وهي أسلحة مصدرها بلا شك نفس الدول التي تتهم إيران اليوم بمثل هذه المحاولة.
وتابع متوجها بالتحية والاجلال لأرواح ضحايا فاجعة سردشت الأعزاء مؤكدا مرة أخرى على أن مطالبة الشعب الإيراني المشروعة بتوضيح أبعاد هذه الجريمة وتحقيق العدالة ضد كل من لعب دورا في توفير هذه الأسلحة لنظام البعث العراقي لا تزال ثابتة.
واضاف انه على وجه الخصوص، كانت ألمانيا مسؤولة عن تطوير وإنتاج جزء كبير من الأسلحة الكيميائية لنظام البعث العراقي. ولا يزال مطلب الشعب الإيراني التاريخي والمستمر من الحكومة الألمانية قائمًا. ولن ينسى الشعب الإيراني أبدا أن ألمانيا كانت من أبرز موردي المواد اللازمة لإنتاج الأسلحة الكيميائية لنظام البعث.
لن نسمح لأي مسألة هامشية أن تُلهينا عن الدفاع عن إيران
وصرح بقائي: كل همومنا وأحزاننا منصبّة على الدفاع عن الشعب الايراني،و لن نسمح لأيّ مسألة هامشية أن تُشتّت انتباهنا عن الدفاع عن إيران الحبيبة. أولويتنا الآن هي الدفاع عن الشعب الايراني بكلّ قوّتنا، ودحر شرّ الأعداء الذين شنّوا، بدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، حربا ظالمة على هذه الأرض. لا شكّ في أننا سنتعلّم من التجارب التاريخية، وإلاّ ضللنا الطريق.
وقال المتحدث باسم الخارجية: لن ينسى التاريخ والأجيال القادمة أبدا، أن الإيرانيين تعرضوا لعدوان عسكري في خضم عملية دبلوماسية، ولم يتبق سوى يومين على الجولة السادسة من المحادثات الدبلوماسية، من قبل دولة هي نفسها جزء من هذه الحرب.
ومضى في القول إن هذا الإجراء هو خيانة للدبلوماسية، وخيانة لمبدأ الحوار، وخيانة للأخلاق والحضارة الإنسانية، وخيانة ايضا لكل الإنجازات التي تحققت على مدى ثمانية عقود من العلاقات الدولية والقانون الدولي بعد الحرب العالمية الثانية.
واضاف بقائي ان فلسفة ميثاق الأمم المتحدة كانت في منع الحرب ومنع استخدام القوة في العلاقات الدولية، مبيّنا ان هذا المبدأ الأساسي، الذي لا معنى للأمم المتحدة بدونه، انتهكه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بكل بساطة ضد دولة متحضرة لطالما انتهجت نهجا دبلوماسيا إيجابيا ، مشيرا الى ان هذه الحقيقة التاريخية وحدها تُفضح نفاق وأكاذيب من يدّعون الالتزام بالدبلوماسية والحوار.
لدينا توقعات واضحة من روسيا بأن تلعب دورا فعالا
وردًا على سؤال حول توقعات إيران من روسيا في هذه الحرب، لفت الى انه من الطبيعي أن تحظى روسيا، بصفتها دولة تربطها علاقات ودية وطويلة الأمد مع إيران، بمكانة خاصة في هذه المرحلة الحساسة. فروسيا ليست عضوا في خطة العمل المشترك الشاملة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فحسب، بل أيضا،و بصفتها جارة مؤثرة، فان التطورات الإقليمية لها أهمية بالغة بالنسبة لها.
واوضح بقائي ان إيران، كدولة تربطها اتفاقية شراكة استراتيجية مع روسيا، لديها توقعات ومواقف واضحة من هذا البلد للقيام بدور فاعل، سواء على المستوى متعدد الأطراف، وخاصةً في مجلس الأمن، أو على المستوى الإقليمي. لذلك، تكتسب هذه الاتصالات والزيارات أهمية استراتيجية.
وافاد انه في الوقت نفسه، تتشاور ايران مع دول أخرى، حتى تلك التي لا تربطها بها علاقات دبلوماسية رسمية، معتبرا أن هذه المسألة تتجاوز دولة واحدة أو عددا قليلا من الجهات الفاعلة.مضيفا ان العدوان العسكري على الأراضي الإيرانية هو انتهاكٌ للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وجميع قواعد القانون الإنساني الدولي. لذا، يقع على عاتق كل حكومة واجب ومسؤولية في إدراك هذه التطورات بشكل صحيح، واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما يتناسب مع ثقلها ومكانتها، لمواجهة هذا الظلم الواضح والانفلات الأمني الخطير.
وتوجه بقائي الى المواطنين الايرانيين، قائلا: يرجى العلم أنه في الوقت الذي تشن فيه حرب ظالمة وغير متكافئة ضد الجمهورية الاسلامية الإيرانية، يتم تصميم وتنفيذ حملة نفسية وحرب إعلامية علنية تماما ضد إيران.
وتابع انه يجب التحلي بالبصيرة لان اللعب بالألفاظ وتحريف المفاهيم وتبديل أدوار الضحية والمعتدي ومحاولة تقديم عدوان عسكري واضح وغير مبرر على أنه عمل متعمد وتصوير الهجمات الإيرانية الدقيقة على الأهداف العسكرية والأمنية للكيان الصهيوني على أنها هجمات على المناطق المدنية، كل هذا جزء من هذه الحرب النفسية.
هذه الحرب فُرضت علينا
هذا واكد بقائي على ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية، اثبتت كدولة تلتزم بالآداب الدبلوماسية والمبادئ الأخلاقية، خلال الحرب المفروضة عليها (الحرب الايرانية-العراقية/ 1980-1988)، أنها لا تستخدم الأسلحة المحظورة ولا تهاجم الأهداف المدنية.لكن ،و في المقابل، يتعمد الكيان الصهيوني استهداف الأهداف المدنية والأطفال والمستشفيات وسيارات الإسعاف والمناطق السكنية، بل ويصدر أوامر إخلاء للمدن السكنبة ايضا.
وفيما يتعلق بادعاء وكالة الانباء الالمانية أن إيران هاجمت أهدافا مدنية، أشار بقائي إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تختار أهدافا عسكرية محددة بكل قوتها باعتبارها أهدافا مشروعة في سياق الدفاع عن النفس،قائلا: إيران لم تنتهك ولن تنتهك أبدا قواعد القانون الإنساني الدولي والقوانين التي تحكم قوانين الحرب. تذكروا دائما نحن لم نبدأ هذه الحرب، بل فُرضت علينا.
وتابع مذكرا ان ايران عقدت خمس جولات تفاوضية، و ردت على المقترح الأمريكي،و كان من المفترض أن تقدم مقترحها في الجولة السادسة من المفاوضات في مسقط، يوم الأحد، مضيفا انه كان من المقرر عقد هذا الاجتماع باتفاق صريح، ومقترح واضح من الجانب الأمريكي، وإعلان من الجانب العماني .متسائلا ما اذا كانت بلاده قد فرضت عملية تفاوض على الولايات المتحدة.
ينبغي الا يُنظر إلى التزام إيران بالحوار والدبلوماسية على أنه ضعف
وتابع بقائي في هذا السياق، معتبرا انه لا ينبغي التشكيك في نهج ايران المبدئي أو نضعفه بسبب سوء نية الأطراف المتعارضة ونكثها لتعهداتها، كما انه لا ينبغي اعتبار التزام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالحوار والدبلوماسية منذ البداية ضعفا.
واضاف : تعتبر الترويكا الاوروبية والاتحاد الأوروبي، قانونيا، جزء من خطة العمل المشترك الشاملة وقرار مجلس الأمن رقم 2231، وما دام هذا القرار ساريا، فإن هذه المسؤولية تقع على عاتقهم.لذا، فإن انخراط إيران وتشاورها مع هذه الدول يتماشى مع مطالبة الترويكا الاوروبية والاتحاد الأوروبي بلعب دورها ومسؤوليتها.
وأشار إلى أن ايران على تواصل مع جميع أطراف الاتفاق النووي، باستثناء الولايات المتحدة التي انسحبت منه بشكل كامل، مبيّنا ان التلاعب الإعلامي والتضليل الذي تمارسه الأطراف المتقابلة للتهرب من مسؤولياتها لا ينبغي أن تجاهل الحقيقة،و هي أن إيران تتخذ خطوات في العملية الدبلوماسية بنوايا حسنة، لكنها تعرضت لعدوان غير قانوني من قبل الكيان الصهيوني، بدعم من الولايات المتحدة، التي كانت بدورها أحد أطراف المفاوضات.