المجتمع المدني: عمل استخباراتي مقنع

عملت دول الأستكبار العالمي على استثمار العمل الاجتماعي بلعبة شيطانية تحت عناوين انسانية براقة في ظاهرها سامة بمضمونها، وتم استخدامها تحت مصطلح «المجتمع المدني»، انها لعبة سياسية تقودها اميركا بمحاولة منها لتفكيك المجتمع

2023-02-21

الوفاق/ خاص

الاختصاصية في علم النفس نسرين نجم

يعتبر العمل الاجتماعي بالعموم من الاعمال والمبادىء الاجتماعية الضرورية التي تشكل رافعة لعمل الحكومات التنموي الاجتماعي الاقتصادي لا بل في أمكنة كثيرة تحل محلها بتقديم الخدمات.. ومن شأن هذه الأعمال ان تعزز التعاون والتكافل بين افراد المجتمع الواحد، ويعزز الحس الجماعي على حساب “الانا” المتضخمة غروراً وشروراً في ايامنا هذه… وبشكل عام نجحت العديد من  الجمعيات سيما في فترات الحروب والنكبات البيئية والأمنية في ان تمد يد العون لكل المتضررين لأن هدفها انساني بحت، وايضاً لعبت دور رئيس وهام للخروج من تداعيات وتأثيرات هذه الأزمات من خلال انشطة ومبادرات متنوعة…

ونظراً لأهمية العمل الاجتماعي كونه على تماس مباشر مع الناس، عملت دول الأستكبار العالمي على استثمار هذا الأمر بلعبة شيطانية تحت عناوين انسانية براقة في ظاهرها سامة بمضمونها، وتم استخدامها تحت مصطلح «المجتمع المدني» وكما تعرفها الوكالة الاميركية للتنمية الدولية USAID انها: «منظمات غير حكومية يمكنها او لديها القدرة على الدفاع عن الاصلاحات الديموقراطية» اي تعريف فيه الكثير من الضبابية والرمادية.. وقد استقطب هذا المجتمع فئة الشباب سيما الجامعي منه من خلال سلسلة من البرامج والانشطة الخاصة والممولة، وهذه السلسلة تدخل ضمن اطار الحرب النفسية الباردة، فعندما يقرأ الشباب عناوين مكافحة الفساد، اصلاح النظام، الحريات، الديموقراطية يُعجب بهذه الشعارات، خاصة انها تقدم بقالب اعلامي مدروس وممنهج لكي يرسخ داخل النفس البشرية، لا بل يعمل على استيلابها ليصبح جزءاً لا يتجزأ من هذه المنظومة الاستخباراتية التابعة للغرب الأستكباري الأستعماري وعلى رأسه الادارة الأميركية…

لقد تحولت هذه الجمعيات انطلاقا مما يسمى «المجتمع المدني» كما الحال في لبنان، العراق، سوريا من عمل اجتماعي الى عمل جاسوسي مقنع، تحركها قوى الأستكبار العالمي كما تريد ووقتما تريد.. تماما كما حصل في لبنان خلال ما سمي بـ«ثورة 17 تشرين»، حين نزل اغلب المواطنين الى الشوارع تحت عناوين غلاء الانترنت والمعيشة، ليتبين فيما بعد انها لعبة سياسية تقودها اميركا بمحاولة منها لتفكيك المجتمع اللبناني وقلبه على المقاومة، الا ان محاولاتها فشلت، رغم ضخها للأموال واعتمادها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى عدد من الناشطين الأعلاميين والفنيين وغيرهم او البعض من «البلوغر» لتمرير الرسائل التي يريدونها الى الآخرين عبر هذه الرموز المحببة في المجتمع ..

وكذلك الأمر حصل في الجمهورية الاسلامية في ايران عندما ضخت قوى الاستكبار العالمي اموالا ضخمة وتبعا لما يذكر موقع The Grazyzone news انه تم دفع  900 مليون دولار لأعمال الشغب والفتنة في ايران، عدا عن التجييش الاعلامي وفتح الهواء 24\24 لنشر الأكاذيب والأضاليل، وبث فيديوهات مصنعة بطريقة هوليوودية ابطالها من شباب منهم من غرر بهم ومنهم من دخل بهذه اللعبة عن سابق اصرار وتصميم… وحتى انها توجهت لرموز رياضية وفنية ليسوقوا لاعلامها المضلل وشعاراتها المزيفة لقلب الرأي العام ضد نظام الجمهورية، وهذا عمل متقن من القوى الاستخباراتية العالمية والتي تعمل على اختراق المجتمعات بأسلوب تحريضي هادىء، معتمدة على تجنيد رموز يسوقون لرؤياها وسياساتها، مع ضخ ملايين الدولارات لتحقيق ما تصبو اليه. وهذا الامر لم يكن وليدة اللحظة بل كانوا يحضرون له على مدى سنوات من خلال اجتماعات ولقاءات لكوادر المجتمع المدني مع مشغليهم في العديد من الدول لرسم استراتيجيات الفوضى والشغب.. وهذه الوسيلة اي تشبيك العلاقات مع اطياف متنوعة في المجتمع تعتمدها الأدارة الاميركية منذ تأسيس وكالة الاستخبارات المركزية عام 1947، في محاولة منها لتهيئة الارضية السياسية والأجتماعية لنقلها من حالة العداء مع المستعمر الى حالة التعاون «الديموقراطي»… سيما ان المجتمع المدني يستطيع ان يحصل على المعلومات بشكل اسرع وافضل من اجهزة الاستخبارات وذلك نتيجة طبيعة عملها من خلال الاستمارات والبيانات والانشطة المتنوعة .

اذن سعت قوى الأستكبار عبر اعلامها المضلل وعبر ما يسمى المجتمع المدني في الجمهورية الأسلامية الى قلب الحقائق، وخلق أجواء من الفتنة وصولا الى سعيهم لاسقاط النظام، الأ انهم فشلوا فشلا ذريعا بسبب التفاف الشعب حول قيادته الحكيمة.

–  تبيان الدوافع والحقائق خلف هذه التحركات المضللة.

– الوعي الكبير والصبر والبصيرة والتي يضرب بها المثل للاجهزة الأمنية بمختلف انواعها..

والصورة الأكبر لهذا الفشل المؤامراتي تجلى بإحياء ذكرى انتصار الثورة المباركة حيث نزل الى الشارع اكثر من عشرين مليونا كانوا يجددون العهد والولاء لقيادة هذا البلد العزيز، ولمبادىء الثورة المباركة، ولدماء الشهداء الزكية.

هذه الأمواج البشرية الوفية وجهت صفعة مدوية في وجه قوى الأستكبار والعدو الصهيوني ووجهت رسالة بأن اللعب على الساحة الايرانية ممنوع لا بل يحرق اللاعبين..

ستبقى قوى الاستكبار العالمي تحصد الهزائم وان تعددت وتنوعت اساليب حروبها.