حوار مع الضمير الوطني

أعمال “إسلامي ندوشن”.. ضمير إيران الثقافي وصوتها الخالد

في كتاباته، لم يكن الوطن شعاراً، بل ضمير حي. وكان حبه لا للأرض فقط، بل لذاكرة الناس الذين عاشوا بالألم والكرامة.

إن مؤلفات محمد علي إسلامي ندوشن مزيج من الأدب والتاريخ والتأمل الثقافي حول إيران؛ وقراءتها ليست مجرد تعرّف على كاتب، بل هي دخول إلى أفق واسع من الهوية الإيرانية.

 

 

في زمنٍ جُرِح فيه الوطن، وأصبحت الوطنية بحاجة إلى وعي وثبات أكثر من أي وقت مضى، فإن العودة إلى الأفكار والأصوات المتجذّرة في تراب وروح إيران تُعدّ ضرورة تاريخية.

 

 

وفي أيامٍ تمتزج فيها الثقافة الإيرانية بتهديدات وأحزان، فإن إعادة قراءة أعمال إسلامي ندوشن ليست خياراً، بل فرصة للتعلّم؛ لأنه لم يدافع عن إيران بالسلاح بل بالكلمة، وبقلم صاغه الحب والعقل والأمل. لقد كان صوت إيران؛ إيران شامخة بين الحضارات.

 

 

في كتاباته، لم يكن الوطن شعاراً، بل ضمير حي. وكان حبه لا للأرض فقط، بل لذاكرة الناس الذين عاشوا بالألم والكرامة. واليوم، حين تتعرض أرض الوطن لاختبارات جديدة، ربما لا يوجد ما هو أكثر إلحاحاً من إخراج هذه الأصوات من غبار النسيان.

 

 

الحبّ لإيران في أعمال إسلامي ندوشن

 

 

كان ندوشن يرى إيران ككيان حي يتجاوز الحدود الجغرافية؛ إذ اعتبرها مؤلفة من اللغة والشعر والأخلاق والتاريخ، ينعكس فيها صدى الحب في كل زقاقٍ وحارة.

 

 

كان يقول إن اللغة الفارسية اليوم ليست وسيلة للتواصل فقط، بل هي الأساس وجذر الثقافة والذاكرة الجمعية لإيران. وكان مفتوناً بفردوسي، معتبراً إياه ليس شاعر ملاحم وحسب، بل “صوت الضمير القومي”. وفي شرحه للشاهنامة، بيّن كيف أن “رستم” و”سهراب” يمثلان تجلّيات للأحلام والانقسامات الثقافية والاجتماعية في إيران.

 

 

لقد رأى الأحداث والشخصيات التاريخية كمفاصل مترابطة تشكل نسيج السجاد الإيراني الذي نُسج في ورشة حضارية عظيمة، واعتبر أن القرى والأزقة نوافذ تطل من خلالها أعين الناس على روح هذه الأرض.

 

 

وكان من أبرز إنشغالاته تحليل الفجوة بين إيران والغرب؛ لا بمعنى العداء، بل كتحذير من التقليد الأعمى دون تحليل لثقافة الآخر. مؤكداً على ضرورة اختيار وانتقاء تعاليم الحداثة بعقل ناقد. وكان يرى القراءة لا كعملية جمع معلومات، بل حواراً حياً بين القارئ والنص، يتطلب النزاهة الفكرية والبصيرة الثقافية التاريخية.

 

 

إن فكر محمد علي إسلامي ندوشن هو رؤية متعددة التخصصات تسخّر الأدب والتاريخ والأخلاق لحماية وتفسير الهوية الإيرانية.لا يمكن قراءة مؤلفاته بوصفها نصوصاً أدبية أو تاريخية وحسب؛ فقد كان كاتباً حكيماً وغيوراً على إيران، وتعبّر كتاباته عن ضميرها التاريخي والثقافي والأخلاقي.

 

 

قراءة مؤلفات ندوشن؛ حوار مع الضمير الوطني

 

قراءة أعمال محمد علي إسلامي ندوشن ليست مجرّد تعرّف على كاتب أو مفكر، بل هي نافذة لفهمٍ أعمق لإيران، لهويتها، لأخلاقها وآدابها. كتاباته جسر بين الماضي والحاضر، حوار حيّ بين الضمير الثقافي الإيراني وتحديات هذا العصر. ولمن يقرأه بعين مثقفة واهتمامٍ روحي منهجي، فإن ندوشن سيبقى دوماً صوتاً حيّاً، نقياً، ومرشداً.

 

 

 

 

المصدر: الوفاق