وُلد آية الله محمد صدوقي عام 1913م في مدينة يزد الإيرانية، في أسرة علمية عريقة. والده، الميرزا أبو طالب، كان من العلماء الورعين، وجده من كبار علماء كرمانشاه. تلقى علومه الدينية في يزد ثم انتقل إلى أصفهان وقم، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء، منهم الإمام الخميني (قدس).
دوره في الثورة الإسلامية
كان آية الله صدوقي رائداً في الأعمال الخيرية والخدمات الاجتماعية، وترك آثاراً قيّمة مثل ترميم وبناء 18 مسجداً، من بينها مسجد روضة محمدية ومسجد ملا إسماعيل، بالإضافة إلى إنشاء وترميم 19 مدرسة دينية في محافظة يزد ومدينتي شيراز ومشهد. كما أسّس الحوزة العلمية النسائية “مكتب الزهراء (س)” في يزد، وعدداً من المستشفيات والمراكز الصحية والمنظمات الخيرية وصناديق القرض الحسن في يزد وبعض مناطق البلاد.
دوره في الدفاع المقدس
خلال فترة الدفاع المقدس، بذل آية الله صدوقي جهوداً كبيرة في تعبئة المجاهدين، وجمع المساعدات من الناس، وتعزيز الروح المعنوية لقوات الإسلام. ورغم تقدمه في السن، شارك في عدة عمليات عسكرية، منها عملية تحرير خرمشهر الناجحة.
بعد انتصار الثورة
عُيّن ممثلاً للإمام الخميني(رض) في محافظة يزد، وأصبح إمام الجمعة فيها. كان له دور محوري في تثبيت أركان النظام الإسلامي الجديد، وكان يُستشار في قضايا تتجاوز حدود منطقته، حتى في طهران.
ميزاته الأخلاقية
أسلوب حياة الشهيد صدوقي وكلماته المأثورة تُظهر ولاءه العميق للنبي الأكرم(ص) وأهل بيته الطاهرين. فمنذ تأسيسه لأسرته، كان ملتزمًا بإقامة مجلس عزاء أسبوعي في منزله لذكر فضائل أهل البيت(ع). حتى في عهد رضا خان، لم يتخلَّ عن هذا النهج، بل كان يُقيم المجالس رغم أجواء القمع، ليساعد الناس على الارتواء من بركات ذكر أهل البيت(ع).
ومن أبرز صفات الشهيد صدوقي كانت نظرته الشاملة للعالم، وخاصة للعالم الإسلامي. فقد كان يعتبر نفسه أخًا ناصحًا ومخلصًا لجميع المسلمين، وكان شديد الحساسية تجاه أوضاعهم وأفكارهم في مختلف البلدان. وفي بياناته ورسائله الموجهة إلى الشعوب الإسلامية، كان يُحذّر المؤمنين من الأنانية والتفرقة، مشيرًا إلى دور الاستكبار العالمي في زرع الفتن، وكان يؤكد أن أحبّ الناس إلى الله هم الأتقى.
إرثه الثقافي والروحي
ترك الشهيد صدوقي إرثاً من الوعي الديني والسياسي، وكان مثالاً للعالم العامل الذي لا يساوم على المبادئ. قال عنه الإمام الخامنئي: “كان محوراً للنشاطات في أنحاء البلاد، وكان يُستشار ويُعمل برأيه حتى في طهران”.
تم إنتاج فيلم وثائقي عن حياة هذا الشهيد بعنوان “محرمان محراب” أي (أسرار المحراب).
إستشهاده
في يوم الجمعة، 2 يوليو 1982م، وبعد إتمامه صلاة الجمعة، اقترب منه أحد عناصر زمرة “المنافقين” وفجّر قنبلة يدوية، فارتقى شهيداً في محرابه، ليُلقب بـشهيد المحراب الرابع.