شكّلتْ عاشوراءُ عنصراً مهمّاً من عناصر خطاب الإسلام المحمّديِّ الأصيل وفكره، وتشكِّل مقولة الإمام الخميني(رض): «إنَّ كلَّ ما لدينا من محرَّمٍ وعاشوراء» عُنواناً واضحاً لمكانةِ عاشوراءَ في خطِّ مفجر الثورة الإسلامية.
وأهمُّ عنصرٍ في هذا الخطابِ هو التوجيهُ الذي حواهُ خطابُ الإمامِ الخميني(رض) في مواطنَ عِدَّةَ في سبيلِ مواكَبةِ عمليةِ الإحياءِ العاشورائيِّ لأهدافِ الثورةِ الحسينيةِ في كلِّ زمان، ولا سيّما في زماننا هذا.
فلا شكَّ في أنّ لهذه الشعيرةِ بُعدَها المعنويَّ الموجِبَ للثوابِ الأخرويّ، ولكن يجبُ استحضارُ البُعدِ السياسيِّ فيها. يقول الإمامُ الخمينيّ(رض): «إنَّ هذا الثوابَ المخصَّصَ للبكاءِ ومجالسِ العزاء، إنما يضيءُ -علاوَةً على الناحيةِ العباديةِ والمعنوية- على الأبعادِ السياسية، فهناك مغزى سياسيٌّ لهذه المجالس».
ومن أهمِّ الأبعادِ السياسيةِ للإحياءِ العاشورائيِّ هو توحيدُ الأمّة. يقول الإمامُ الخميني(رض): «الأهمُّ من ذلك هو البُعدُ السياسيُّ الذي خَطَّطَ له أئمّتُنا عليهِمُ السلامُ في صدرِ الإسلامِ، كي يدورَ حتى النهايةِ، وهو الاجتماعُ تحت لواءٍ واحدٍ وبهدف واحد، ولا يمكنُ لأيِّ شيءٍ آخَرَ أن يحقِّقَ ذلك بالقدَرِ الذي يفعلُهُ عزاءُ سيّدِ الشهداءِ(ع)».
وفي مكان آخر يقول مفجر الثورة الإسلامية: «محرّم هو الشهر الذي أحيا فيه سيد المجاهدين والمظلومين الإسلام، وأنقذه من مؤامرة عناصر نظام بني أميّة الفاسدين، الذين كانوا قد ساروا بالإسلام إلى حافّة الهاوية».
كما يعتقد الإمام الخميني(رض) أن دم سيد الشهداء هو الذي حرّك دماء الشعوب الإسلاميّة بأسرها.
ويعتبر محرّم الحرام هو شهر النهضة الكبرى لسيد الشهداء وسيد أولياء الله، الذي علّم البشرية ـ بثورته ـ درس البناء والصمود، وعلّمها أن طريق فناء الظالم وهزيمته إنما يكون بتقديم الضحايا والتضحية بالنفس. وهذا الأمر هو أهم تعاليم الإسلام للشعوب إلى آخر الدهر.
كما يعتقد الإمام الخميني(رض) أن الثورة الإسلاميّة في إيران هي ومضة من عاشوراء والثورة الإلهية العظيمة التي اندلعت فيه. ويقول: إنّ شهري محرم وصفر هما اللذان بعثا الحياة في الإسلام.
إنّ وحدة الكلمة ـ التي كانت سبباً لانتصارنا ـ إنّما هي نتيجة لمجالس العزاء والحزن هذه، وهي بعد مجالس التبليغ بالإسلام وترويجه.
وأخيراً يقول الإمام الخميني(رض): عاشوراء هو يوم الحداد العام للشعب المظلوم، ويوم الملحمة، ويوم الولادة الثانية للإسلام والمسلمين.