من الكنوز الخفية إلى القطب الصناعي لشرق البلاد؛

محافظة سيستان وبلوشستان.. قطب التعدين الإيراني

تضم سيستان وبلوشستان، كواحدة من أكبر المحافظات التعدينية في إيران، في قلب الحزام المعدني العالمي إمكانات استثنائية يمكن أن تجعلها محركًا لتطوير صناعة التعدين في البلاد.

وتعد إيران من الدول الغنية بالموارد المعدنية، حيث تمتلك إمكانات هائلة في هذا المجال. وبفضل تنوع مناجمها التي تشمل الحديد والنحاس والفحم والذهب والفضة، أصبحت إيران أحد المصادر الرئيسية للمواد الخام في العالم.

 

ووفقًا للإحصائيات، تمتلك إيران أكثر من 68 نوعًا من المناجم و37 مليار طن من الاحتياطيات المعدنية المعروفة. توفر هذه الإمكانات فرصًا استثمارية وتنمية مستدامة في قطاع التعدين بالبلاد.

 

وفي هذا الصدد، تُعتبر محافظة سيستان وبلوشستان الواسعة في جنوب شرق إيران بمثابة “قوس قزح للمناجم”، حيث تلعب هذه المحافظة – باحتياطياتها المعدنية الغنية والمتنوعة التي تشمل الذهب والنحاس والحديد والكروميت والمغنيسيت والتيتانيوم والأحجار البنائية – دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية للبلاد.

 

وتقع المحافظة على الحزام المعدني العالمي الممتد من صربستان إلى باكستان، وتضم مخزوناً كبيراً من المعادن الفلزية مثل الكروميت والنحاس والمنغنيز والرصاص والزنك والقصدير والتنغستن والذهب، بالإضافة إلى المعادن اللافلزية كالطلق والمغنيسيت والكاولين وأحجار البناء والزينة خاصة الجرانيت والرخام.

 

وتعتبر سيستان وبلوشستان من أهم المناطق التعدينية في إيران، حيث تحتوي على 28 نوعاً مؤكداً من أصل 60 مادة معدنية مسجلة في البلاد. تتميز المحافظة بأكبر احتياطيات من الحديد الرسوبي والنحاس والأنتيمون والذهب في إيران.

 

بالرغم من هذه الثروات المعدنية الهائلة، فإن الاستفادة المثلى منها تتطلب استثمارات ضخمة، وتطبيق التقنيات الحديثة، وإزالة العقبات التنظيمية واللوجستية التي تواجه قطاع التعدين في المنطقة.

 

مجمع “جهل كوره” نموذج لتحويل الثروة المعدنية إلى قيم اقتصادية

 

يُمثل المجمع الصناعي التعديني للنحاس “جهل كوره” في منطقة “نصرت آباد” بزاهدان نموذجاً لتحويل الثروات المعدنية إلى قيمة اقتصادية وطنية وإكمال سلسلة الإنتاج. ويُعد هذا المشروع منصة للتنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي في سيستان وبلوشستان، حيث يعمل فيه حوالي 400 شخص ويتم إنتاج أكثر من 10 آلاف طن سنوياً من مركزات النحاس.

 

وأكد السيد “منصور بيجار” محافظ سيستان وبلوشستان أن استكمال سلسلة الإنتاج وتوسيع أقسام المعالجة في المجمع الصناعي التعديني للنحاس “جهل كوره” سيحول المنطقة إلى أحد محركات صناعة النحاس في إيران.

 

وأشار إلى العزم الجاد للحكومة لجذب استثمارات القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب لصناعات ومناجم المحافظة، بما في ذلك هذا المجمع، مع إصدار تعليمات مباشرة لمعالجة التحديات البنيوية مثل: تحسين طرق الوصول، وتعزيز توفير الطاقة، وتبسيط الإجراءات الإدارية.

 

وأكد بيجار على القدرات الكبيرة لمنجم “جهل كوره” في توفير فرص عمل مستدامة بمنطقة نصرت آباد، معلناً عن خطط لتسريع مشاريع التطوير التي ستوفر فرص عمل واسعة للشباب المحلي.

 

منجم النحاس “سياستراغي” .. جوهرة مشرقة في اقتصاد شرق البلاد

 

من جانبه، صرح محافظ نيمروز: وفقاً للإحصاءات، 97% من مناجم شمال سيستان وبلوشستان تقع في مقاطعة نيمروز، وتشمل هذه المناجم النحاس والأنتيموان والرمل ومناجم أخرى نشطة.

 

وأوضح محمود بامري: يُعد منجم النحاس سياستراغي من المناجم المهمة في المنطقة، حيث وفر استخدام التقنيات الحديثة في الاستخراج فرص عمل لـ350 من الشباب المحلي.

 

وأكد بقوة: يتميز منجم النحاس سياستراغي بغناه الكبير ودرجة نقاء عالية، مع قدرة إنتاجية سنوية تبلغ 3000 طن من ألواح النحاس الكاثودية. هذه الإنجازات تبرز الدور الحيوي لهذه المناجم في توفير المواد الخام للوحدات الإنتاجية الوطنية وخلق قيمة مضافة للمنطقة.

 

ازدهار التوظيف والاقتصاد عبر تشغيل مصنع معالجة الذهب في تفتان

 

من بين مناجم سيستان وبلوشستان الاستثنائية، يعد “منجم ذهب انجيرك تفتان” أحد أهم مناجم الذهب في إيران. وبدأ مشروع إنشاء مصنع صب الذهب في تفتان عام 2022 بهدف إنتاج نصف طن من الذهب سنوياً، وتوفير فرص عمل لأكثر من 350 شخصاً، باستثمار يتجاوز 8 آلاف مليار ريال.

 

ووفقاً لشهادة الاكتشاف الصادرة، يمتلك منجم ذهب مادوفتي احتياطيات تزيد عن 100 مليون طن من خام الذهب، مما يجعله أحد أكبر مناجم الذهب في البلاد.

 

منجم نحاس “جانجا” رائد الطفرة الصناعية

 

يعد منجم نحاس “جانجا” في محافظة سيستان وبلوشستان أحد المشاريع الكبرى لصناعة التعدين الإيرانية. ويقع هذا المنجم الذي تبلغ مساحته 90 كيلومتراً مربعاً في مقاطعة نيمروز، ويصنف كواحد من أهم مناجم النحاس في البلاد.

 

ويحتوي المنجم على احتياطيات كبيرة من النحاس يمكنها تلبية الاحتياجات المحلية ودعم الصادرات. كما سيساهم تشغيل المنجم في توفير فرص عمل للشباب والمتخصصين المحليين وتعزيز البنى التحتية الاقتصادية للمحافظة.

 

وأكد وجيه الله جعفري، نائب وزير الصناعة والمناجم والتجارة للشؤون المعدنية أن مشروع منجم نحاس جانجا يلعب دوراً محورياً في خلق فرص العمل والتنمية الاقتصادية والصناعية لشرق البلاد.

 

وأشار إلى السعي لبدء تشغيل المشروع خلال فترة زمنية قصيرة لتحقيق النتائج المرجوة على صعيد التوظيف والتنمية الاقتصادية للمنطقة.

 

مناجم سيستان وبلوشستان: مفتاح التنمية الاقتصادية

 

من جهته، صرح مدير عام الصناعة والتعدين والتجارة في سيستان وبلوشستان: من بين 499 رخصة تعدينية صادرة عن مكتب الصناعة والتعدين، هناك 372 منجماً نشطاً في أنحاء هذه المحافظة الواسعة، وفرت فرص عمل لـ12,800 شخص.

 

وأضاف داود شهركي في حديثه لمراسل “إيرنا”: نحن المحافظة الوحيدة التي تمتلك مناجم أنتيموان ومصنعاً لإنتاج القوالب المعدنية. وباحتياطي 50 مليون طن من التيتانيوم، نحن ثاني أكبر محافظة بعد كرمان في هذه الثروة المعدنية.

 

كما نأتي في المرتبة الثانية بعد محافظة خراسان الجنوبية في مجال المغنيسيت، حيث نغطي حوالي 40% من الاحتياجات المحلية بينما تستورد البلاد جزءاً من هذه المادة.

 

وأشار إلى القدرات المعدنية الغنية للمحافظة قائلاً: في مجال خام الحديد والحديد الرسوبي، تمتلك المحافظة حوالي 16 منجماً بإجمالي احتياطيات تزيد عن 500 مليون طن.

 

وأضاف مدير عام الصناعة والتعدين والتجارة في سيستان وبلوشستان أن مشروع منجم نحاس جانجا يشهد تقدماً ملحوظاً، مشيراً إلى أن هذا المشروع الذي تبلغ استثماراته أكثر من 20 ألف مليار تومان يعد أحد أكبر المشاريع الصناعية والتعدينية في شرق البلاد، ويعمل فيه حالياً أكثر من ألف شخص بشكل مباشر في المرحلة التنفيذية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بشكل كبير مع استكمال المراحل المختلفة للمشروع.

 

وأكد أنه ضمن خطة التطوير، تم وضع أربعة مصانع معالجة إضافية في منجم نحاس جانجا على جدول الأعمال، بالإضافة إلى مشروع معالجة منجم پلنگي في جنوب المحافظة الذي يجري حالياً تنفيذ مراحله العملية.

 

وأوضح: مع تنفيذ هذه المشاريع واستكمالها خلال السنتين إلى الثلاث القادمة، سيتغير الوجه الصناعي لسيستان وبلوشستان جذرياً، وسنصبح أحد أهم الأقطاب التعدينية والصناعية في البلاد.

 

وتابع مدير عام الصناعة قائلاً: تشير التقديرات إلى أن منطقة منجم جانجا تحتوي على احتياطيات تزيد عن مليار طن من خام النحاس، مما يؤهلها لأن تصبح أحد أكبر مناجم النحاس في إيران.

 

تطوير المناجم.. محور الاستثمار في سيستان وبلوشستان

 

وأكد محافظ سيستان وبلوشستان على أن تطوير القطاع التعديني يشكل محوراً رئيسياً للاستثمار في المحافظة، قائلاً: تُظهر التجارب الناجحة في الاستثمار التعديني قدرة المناجم على أن تكون محركاً رئيسياً لخلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي في المحافظة.

 

وأضاف منصور بيجار، مؤكداً على الدور المحوري لقطاع التعدين في التنمية الاقتصادية: تشكل الإجراءات المتخذة لتطوير المناجم وبناء البنى التحتية للمعالجة خطوة جادة نحو خلق فرص عمل وزيادة القيمة المضافة وتحسين مؤشرات التنمية في المناطق الأقل حظاً بالمحافظة.

 

يذكر أن محافظة سيستان وبلوشستان هي أكبر محافظة من حيث المساحة عند احتساب الحدود المائية، وثاني أكبر محافظة من حيث المساحة البرية، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 3.375 مليون نسمة موزعين على 26 مقاطعة.

 

 

المصدر: الوفاق خاص