ومديرة جمعية إحياء التراث المقاوم تتحدث للوفاق

صوت الثقافة في زمن الحرب.. من طهران إلى ضمير العالم

خاص: الوفاق: رعد: لطالما كان الأدب، الكلمة، الشعر جزءا من المعركة.. ولأنني تمنيت لو كنت مع الشعب الإيراني في الحرب العدوانية لأشاركهم كل ما عاشوه كتبت قصيدة تعبيراً على ما يجول في خاطري.

موناسادات خواسته

 

لم تكن استجابة العالم للحرب العدوانية الصهيونية على إيران محصورة في بيانات سياسية أو مظاهرات شعبية؛ بل تفتّحت في قلب الفضاء الثقافي والفني بأصوات جديدة، وألوان لم تُرَ من قبل، ومسيرات تضامنٍ تجاوزت الجغرافيا، وجعلت من الفنّ والذاكرة منصّةً للمقاومة.

 

تجلّت مظاهر التضامن الثقافي العالمي، في رفض العدوان ودعم الرواية الإيرانية المقاومة، خاصة بعدما ردّت إيران بحزم على الهجمات، وأعادت تشكيل ملامح المواجهة. فشهدنا إنتاجات قيّمة في مختلف المجالات الثقافية والأدبية والفنية، وهي كثيرة جداً، ففي هذا المقال نتطرق إلى بعضها كأنموذج، ونقدّم الحوار الذي أجريناه مع الأديبة اللبنانية “نجوى رعد” وهي مديرة جمعية إحياء التراث المقاوم في لبنان، فأنشدت قصيدة عن طهران في أيام الهجوم الصهيوني، تم ترجمتها إلى الفارسية.

 

«بوم بوم تل أبيب» أنشودة تحوّلت إلى كابوس للصهاينة

 

صرّح مؤلف الأنشودة الشهيرة «بوم بوم تل أبيب» أن الصهاينة قاموا بمحوها تقريباً من جميع منصات الإنترنت؛ وهي الأنشودة التي حصدت أكثر من 577 مليون مشاهدة خلال أقل من 24 ساعة.

 

لوكاس غيج، المنشد الأمريكي-الإيطالي ومؤلف الأنشودة المناهضة للكيان الصهيوني، أعلن عبر منصة X أن الصهاينة سعوا إلى حذف الأنشودة من كافة المواقع الإلكترونية.

 

وقد أكّد غيج في منشوراته أن الشعب الأمريكي لا يريد الحرب التي تخوضها حكومته ضد إيران، مضيفاً: «إيران لم تغتل رؤساءنا قط، ولم تسحق نشطاءنا، ولم تفجّر مبانينا، ولم تخدعنا للدخول في حرب… لكن إسرائيل فعلت كل ذلك».

 

جاءت الأنشودة لتشكّل واحدة من أبرز ملامح التضامن الفني مع إيران. الأنشودة، التي وُلدت من داخل الغضب الشعبي، تجاوزت ٥٧٠ مليون مشاهدة خلال يوم واحد، قبل أن تُحذف من معظم المنصات الرقمية بفعل ضغوط اللوبي الصهيوني.

 

كلمات الأنشودة، التي تدين جرائم الاحتلال وتُشيد بالمقاومة الإيرانية، كانت بمثابة صرخة ضد التواطؤ الإعلامي الغربي، وجعلت من الثقافة الشعبية أداةً لتحطيم الروايات المزيّفة. وقد تحوّلت الأنشودة إلى أيقونة رقمية، يُعاد نشرها مراراً  كمظهر تحدٍّ وإصرار.

 

وقد انتشرت أنشودة «بوم بوم تل أبيب» بسرعة هائلة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتجاوزت مشاهدات حساب غيج الشخصي 3.5 مليون مرة.

 

وأوضح غيج أن الأنشودة وُلدت بعد العدوان الصهيوني على الأراضي الإيرانية، وردّ إيران الحاسم عليه. وقد أثارت الأنشودة ردود فعل واسعة، إذ ركّزت كلماتها على السلوك المخادع والوحشي للكيان الصهيوني، وجرائمه بحق المدنيين الأبرياء، خصوصًا في غزة.

 

ويؤمن الشاعر أن هذه الأنشودة تعبّر عن نتيجة الدماء التي سفكها الاحتلال، وأن الوقت قد حان ليرى نتائج «أعماله الشيطانية»، حيث يقول: «الصواريخ الإيرانية تضيء سماءكم بالكامل، وأنتم تصرخون بأنكم ضحايا، وتدّعون أنكم لم تبدأوا هذه الحرب؛ لكن العالم بأسره يرى أكاذيبكم.»

 

وقد تفاعل المستخدمون على مواقع التواصل الإجتماعي مع الأنشودة بشكل واسع، فكتب أحدهم: «بوم بوم تل أبيب» تنقل رسالة قوية وصوتًا صادقًا يعكس مشاعر الناس في مواجهة الظلم؛ كلماتها مؤثرة وأداؤها مليء بالحماس والأمل». واقترح بعضهم ترشيح الأنشودة لجائزة غرامي.

 

جائزة “سيمون بوليفار” للمذيعة الإيرانية “سحر إمامي”

 

كما منح الرئيس الفنزويلي “نيكولاس مادورو”، جائزة سيمون بوليفار الخاصة للمذيعة الإيرانية “سحر إمامي”، وشهداء العدوان الصهيوني على مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية.

 

وأدلى الرئيس مادورو في مراسم حضرها الصحفيون والكتاب ووسائل الإعلام والمسؤولون في البلاد، بتصريحات أشاد فيها بمقاومة الشعب الإيراني وقائد الثورة الإسلامية والقوات المسلحة الإيرانية مدينا عدوان الكيان الصهيوني والولايات المتحدة على إيران.

 

كمال شرف وريشة المقاومة

 

بعد الهجوم الصهيوني الأخير على إيران، لم يتأخر الفنان اليمني كمال شرف في الردّ، لكن بطريقته الخاصة: بالكاريكاتير. ففي لحظات كانت فيها الأبراج تُقصف، والمباني تُهدم، كانت ريشة كمال شرف ترسم، تُحلّل، وتُدين.

 

أعماله الأخيرة جاءت كجزء من مشروعه الفني المقاوم، الذي تجاوز حدود اليمن ليصبح صوتًا بصريًا لمحور المقاومة بأكمله. ومنها: رسم كاريكاتيرًا يُظهر المبنى الزجاجي لقناة الأخبار الإيرانية وهو يتعرض للقصف، بينما المذيعة تواصل البثّ بوجهٍ ثابت، في إشارة إلى صمود الإعلام المقاوم. أو لوحة تُظهر الصواريخ الإيرانية وهي تضيء سماء تل أبيب، بينما شخصيات صهيونية تصرخ “نحن الضحايا”، في سخرية من قلب الحقائق.

 

أعمال فنية وثقافية لإيران

 

 

أما الأديبة اللبنانية “نجوى رعد” أنشدت قصيدة عن طهران، فأجرينا حواراً معها وسألناها عن رأيها حول التضامن الثقافي الدولي مع ايران في أجواء الحرب وبعدها، فقالت: بسم الله الرحمن الرحیم، “قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ” (توبة/14)..صدق الله العلي العظيم.

بدايةً، أعز الله الجمهورية الإسلامية ونصرها على أعدائها أعداء الإنسانية، ثم إن هذه الحرب استطاعت أن تعبر القارات ليعرف كل من لا يعرف من هي ايران سواء على صعيد القدرة العسكرية أو على صعيد نصرة المظلومين… وبهذا شهدنا ان الآية القرآنية تجسدت في هذه الحرب واللافت أن كل من يملك إنسانية سواء كان مسلما أو من ديانات أخرى فرح لرد ايران الصاعق على العدو الصهيوني… وإن كل ما يقال او يعمل عليه في حق ايران من اعمال فنية او ثقافية فهو قليل، غير أنني أعتقد أن المرحلة القادمة عندما تتبلور الأمور ستشرق شمس الحق أكثر فأكثر.

 

رسالة إيران للعالم

وفيما يتعلق بالرسالة التي وصلت إلى العالم، قالت رعد: أما الرسالة التي وصلت للعالم فهي أن ايران كانت وستكون دائما في نصرة المظلومين وستقف في وجه الاستكبار العالمي وستحمي بلدها وشعبها.. قامت ايران وقالت لكل طواغيت العالم لا للظلم، لا للاحتلال، لا لقتل أطفال غزة، لا للوحشية.

 

قصيدة “طهران”

أما القصيدة التي أنشدتها الأديبة اللبنانية تحت عنوان “طهران” جاء فيها:

طهران…

أعيري رئتيكِ للهواء

لتنمو فينا الحياة

واحجبي القمر بضوئك

وازرعي نجوماً تختال

في سماء الانسانية

ثم ارشحي من زيت قنديلك

دموع أطفال غزة…

وارسمي لوحة لقاء شيرين

وفرهاد في برج ميلاد

بعد مئات السنين من الشوق

***  **

طهران..

حبذا لو تقبلي….

حبذا لو تسكبي

في فم العشاق

كأس الأحلام اليقِظة

أيتها المدينة التي لا تنام

هل جفاك النعاس أم أنك

عصية على الموت المؤقت

أم أنك من سلالة الملائكة

امتطيتِ شهب العشق

فصيَّركِ السادة خالدة

تنثري الشرف من جديلتك

******

طهران…

لأنتِ منا ونحن منكِ

لأنتِ من خال الصاحب

مرآة التمني…

فسألنا رعد عن الدافع لإنشاد القصيدة، فأجابت: لطالما كان الادب، الكلمة، الشعر جزءا من المعركة.. ولأنني تمنيت لو كنت مع الشعب الايراني في الحرب أشاركهم كل ما عاشوه لجأت الى كتابة هذه القصيدة..

كما أن لطهران المدينة التي لا تنام منزلة خاصة في قلبي، المدينة الجميلة في كل أحوالها وفصولها فانعكاس الجمال فيها مختلف وله تأثير خاص في النفوس. لذا جاءت كلمات هذه القصيدة من عالم المعنى تشبه طهران في أصالتها. وأخيراً تقول: أيدكم الله بالنصر دائما وابدا.

 

فيديو كليبات عن إيران

كما شهدنا إنتاج فيديو كليب لبناني من أداء المنشد اللبناني «حسن حرب» تحت عنوان «إيران، إيران، إيران.. سيف على الطغيان»، وكذلك قام الأشقاء اليمنيون بإنتاج فيديو كليب «إيران، إيران، إيران.. روح المحور إيران..» من أداء إسماعيل عبدالسلام، وذلك على سياق نشيد «إيران، إيران،إيران» الإيراني الشهير.

 

الصاروخ الإيراني.. أنشودة فلسطينية

وفي نفس السياق قام منشد فلسطيني بإنشاد أنشودة «الصاروخ الإيراني» وأعرب فيها عن سروره من قصف الصواريخ الإيرانية للكيان لصهيوني وجاء فيها: «إسرائيل شاكلها الطرب.. والصاروخ واسطها انضرب.. الصاروخ الإيراني.. أسعد لي وجداني.. هذه المرة أنساني آهاتي وأحزاني..».

 

الفنّ في مواجهة الحرب.. من البصرة إلى طهران

في زمنٍ تتكاثر فيه الطائرات والصواريخ، ويُقصف فيه الإنسان قبل الحجر، وقف الفنّ في البصرة ليقول كلمته: لسنا محايدين أمام الدم، ولسنا صامتين أمام القبح. فعالية «الفنّ في مواجهة الحرب» التي أُقيمت في البصرة، جاءت كجزء من موجة تضامن ثقافي عربي–إيراني، بعد العدوان الصهيوني الأخير على إيران، لتُثبت أن الجمال لا يُقصف، وأن الفرشاة قد تكون أقوى من الطائرة.

ونظّم مركز بيت الجمال للفنون في البصرة فعالية فنية استثنائية امتدت لأسبوع كامل، تحت عنوان «الفنّ في مواجهة الحرب». شارك فيها فنانون من مختلف محافظات العراق، في موقفٍ فني–إنساني واضح لإدانة جرائم الكيان الصهيوني بحق الشعب الإيراني، ولإحياء ذكرى الفنانة الشهيدة منصوره عاليخاني، التي ارتقت خلال القصف الصهيوني على طهران.

وفی نفس السیاق أعرب عدد من المؤلفين والموسيقيين العالميين عن تضامنهم مع إيران عبر بيانات مفتوحة ومنشورات على مواقعهم الرسمية.

لقد أظهرت هذه الأحداث أنّ إيران ليست وحدها في سردها الثقافي، وأنّ العالم، حين ينطق بلغة الفن، يستطيع أن يهزّ جدار الصمت الذي أحاط الجرائم كثيراً. وما جرى بعد العدوان الأخير ليس ضوءاً عابراً، بل بداية مشروع تضامن ثقافي عالمي، يُعيد تعريف الإنسان أمام الطغيان.

 

المصدر: الوفاق/ خاص