مدينة شوش؛ قلب التاريخ النابض وأحد أقدم مواطن الحضارة البشرية

فإن تسجيل المواقع التاريخية لمدينة شوش في قائمة التراث العالمي لليونسكو ليس إنجازاً ثقافياً فحسب، بل يعد فرصة لإعادة تعريف مكانة إيران في المعادلات والعلاقات الثقافية في القرن الجديد.

كتب محمد كعب ‌عمير، ممثل أهالي شوش في مجلس الشورى الإسلامي مذكرة جاء فيها: في عالم اليوم، ما يؤسس ويقوي قدرة وإمكانيات الشعوب ليس فقط حجم الاقتصاد واتساع الحدود الجغرافية؛ بل عمق الحضارة، والقيم التاريخية، والروايات التي يمكن لأمة أن تقدمها عن نفسها على المستوى العالمي. وفي هذا السياق، فإن تسجيل المواقع التاريخية لمدينة شوش في قائمة التراث العالمي لليونسكو ليس إنجازاً ثقافياً فحسب، بل يعد فرصة لإعادة تعريف مكانة إيران في المعادلات والعلاقات الثقافية في القرن الجديد.

 

وثيقة حية للأصالة والهوية والمدنية

 

مدينة شوش في محافظة خوزستان، قلب التاريخ النابض وأحد أقدم مواطن الحضارة البشرية، ليست فقط لأهالي خوزستان، بل لجميع الإيرانيين، وتعتبر وثيقة حية للأصالة والهوية والمدنية. هذه المدينة، التي كانت في فترات عاصمة للإعلاميين، والاخمينيين، ثم جزءاً من العصر الساساني، يمكنها اليوم أيضاً أن تلعب دوراً أساسياً في مسار التنمية المتوازنة، والدبلوماسية الثقافية، وإنتاج القوة الناعمة.

 

إلى جانب ذلك، يُعدّ جغازنبیل أول أثر إيراني مُسجّل في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وبفضل بنيته الهندسية المعقدة وجذوره الدينية والرمزية العميقة، يُعد شاهداً على استمرارية العقلانية والروحانية والإبداع الإيراني عبر الألفيات الماضية.

شوش تفتخر بأن تحتضن أثرين عالميين فريدين، وهذا ليس مجرد امتياز ثقافي، بل مسؤولية كبرى للدخول الفعّال في ساحة صناعة القرار الثقافي في البلاد.
وتُظهر التجارب العالمية لدول مثل تركيا، الصين، فرنسا والمغرب أن تسجيل الآثار التاريخية عالمياً يمكن أن يكون مؤثراً فقط عندما يتحقق ذلك في إطار البنى التحتية السياحية، وبناء قدرات المجتمعات المحلية، والتخطيط الثقافي والاقتصادي طويل الأمد.

 

في الوقت نفسه، يجب ابراز القدرات العالمية والبنية التحتية لمدينة شوش. فالبنى التحتية للإقامة، والنقل، والإعلام السياحي، وتدريب المرشدين، وجدول الفعاليات الثقافية، والأهم من ذلك كله، مشاركة السكان المحليين بشكل منظم في الاستفادة من هذه القدرات من الاولويات السياحية المهمة.

 

إذا كنا نرغب في أن تتحول شوش من اسم تاريخي إلى مكانة حضارية ديناميكية في جغرافيا إيران المستقبلية، فعلينا، بنظرة استراتيجية قائمة على المشاركة، أن ندمج هذه الكنوز العالمية في النظام الاقتصادي والاجتماعي والثقافي لسكان المنطقة.

 

إدارة متكاملة واستثمار حكيم

 

وأعلن كعب‌ عمير عن الاستعداد الكامل للتعاون متعدد الأطراف، بقيادة وزارة التراث الثقافي والسياحة والصناعات اليدوية، من أجل إدارة متكاملة، واستثمار حكيم، وحماية مستقبلية لمواقع شوش وجغازنبيل العالمية.

 

يشمل هذا الاستعداد دعم المشاريع التحتية، جذب الاستثمارات المحلية والدولية، تعزيز مواقع التراث العالمي، وإنشاء المتاحف المتخصصة، وتطوير الفعاليات الثقافية بمشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وإعداد برامج شاملة للتعليم، والتوظيف، والتعريف بالقيم.

إذا تعاونت المؤسسات الحاكمة، ووسائل الإعلام، والجامعات، والنشطاء الثقافيون، والفاعلون الاجتماعيون معاً، يمكن تحويل مدينة شوش إلى نموذج رائد في الإدارة الفعّالة للتراث العالمي في إيران؛ ونموذج يفتخر فيه التراث الثقافي بالماضي ويمنح الأمل للمستقبل.

وقال كعب‌ عمير نحن عازمون على ألا تبقى شوش مجرد اسم تاريخي؛ بل يجب أن نحول شوش إلى فرصة استراتيجية لإعادة إحياء إيران الثقافية في المرحلة الراهنة من الثورة الإسلامية.
لقد حان الوقت الآن لتجاوز مرحلة التسجيل العالمي، والمضي نحو صناعة تيار عالمي. إذا تعرفنا على شوش بشكل صحيح، فإن العالم أيضاً سيعرفنا من خلالها .

 

المصدر: الوفاق