في سفوح جبال البرز الجنوبية، وفي الجزء الجنوبي الغربي من مدينة فيروزكوه ذات الطقس المعتدل، تقع قرية جميلة وهادئة تُدعى سُله بُن، والتي أصبحت في هذه الأيام واحدة من أكثر الوجهات السياحية شعبية في محافظة طهران. تشتهر هذه القرية الجذابة بطبيعتها البكر والخضراء، وهوائها النقي والمنعش، وأهلها الطيبين، وتاريخها العريق، وهذه الميزات جعلتها قرية استثنائية وفريدة من نوعها. تبعد قرية سله بن عن مدينة فيروزكوه أقل من عشرين كيلومتراً، ويوصلك اليها طريق جميل ذو مناظر خلابة .
تشير الأدلة التاريخية إلى أن سكن الإنسان في هذه القرية يعود إلى آلاف السنين، والآثار التاريخية المكتشفة في التلال الأثرية للقرية تدل على أصالتها وعراقتها. ويمكن اعتبار سله بن وجهة سياحية على مدار العام، فهي تستقبل الزوار طوال السنة، من أيام الربيع المنعشة والممتعة إلى أيام الشتاء الباردة والمثلجة.
تاريخ قرية سله بن
وفقًا للوثائق التاريخية والتنقيبات الأثرية التي أُجريت في منطقة فيروزكوه، تُعد قرية سله بن من أقدم المستوطنات البشرية في سفوح جبال البرز. المياه الوفيرة، والهواء النقي، والأراضي الخصبة، إلى جانب الأمان والهدوء الجبلي، جعلها من أهم المناطق التي شجعت الإنسان على السكن فيها، ولا يزال ذلك مستمرًا حتى اليوم.
بلغت الأهمية العسكرية لهذه المنطقة ذروتها في عهد الساسانيين، حيث كانت هذه القرية تُعتبر قاعدة دفاعية وعسكرية مهمة. كما شهدت المنطقة ازدهارًا تجاريًا في عهد الصفويين، حيث ازداد إنتاج وتجارة المنتجات الحيوانية والزراعية. ومع تأسيس الدولة القاجارية، ذاع صيت قرية سله بن كمصيف بجو لطيف، كانت قرية سله بن منذ القدم منطقة ذات موقع استراتيجي، وتتمتع بتاريخ غني وثقافة زاخرة، وتُعد من التراث الثقافي والتاريخي الثمين لمدينة فيروزكوه.
الخصائص الاجتماعية والثقافية لسكان القرية
يتمتع سكان قرية سله بن بتراث ثقافي يعود إلى ثلاثة آلاف عام، وهم أناس أصليون، مثقفون وطيبون. ثقافة سكان هذه المنطقة متجذرة في الطبيعة؛ بحيث تظهر الطبيعة الجبلية في مختلف جوانب عاداتهم وتقاليدهم، ومعمارهم، ولباسهم وغيرها. يعتمد اقتصاد أهل هذه القرية على تربية المواشي، والبستنة، والزراعة، كما تزدهر فيها المهن الجانبية الناتجة عنها مثل إنتاج وبيع منتجات الألبان، والمكسرات، والمخللات، والمربى وغيرها. تقام الطقوس الدينية في هذه القرية بأبهى صورة، ويحرص سكانها على إقامة التقاليد الشعبية الجذابة.
وفي بعض الأحيان تقام في القرية احتفالات بمناسبة جني المحاصيل وغيرها، والمشاركة فيها قد تكون تجربة لا تُنسى للسياح. التجول في هذه القرية فرصة جيدة للتعرف على عادات وتقاليد وثقافة سكان هذه المنطقة، بحيث يمكن، بالإضافة إلى الاستمتاع بجمال الطبيعة الفريدة للقرية، التعرف أيضاً على جوانب مختلفة من حياة سكانها.
الأماكن السياحية في القرية
تُعتبر قرية سله بن من المعالم السياحية الرائعة والمذهلة ويضفي الجمال والحيوية على أنظار الزوار في كل فصل من فصول السنة. يمكن من خلال زيارة هذه القرية الجميلة مشاهدة أجزائها الجذابة والاستمتاع بالتجول في طبيعة نقية وبكر. ومع ذلك، هناك بعض المناطق في هذه القرية أكثر شهرة وأهمية في مجال جذب السياح، وفيما يلي بعض المعالم السياحية:
تل سله بن الأثري
يقع تل سله بن الأثري على بعد 300 متر شمال شرق القرية، ويُعد من أهم المعالم السياحية فيها، حيث يُظهر عراقة وأصالة هذه القرية الجميلة. وتم تسجيله في أوائل عقد الثمانينات كواحد من أهم المعالم التاريخية لمحافظة طهران في قائمة التراث الوطني الإيراني. ويبدو أن البناء التاريخي الموجود على قمة التل كان جزءاً من قاعدة عسكرية تعود للعهد الساساني، وقد بُني على قمة التل بسبب الموقع الاستراتيجي لهذه القرية. تعد زيارة هذا التل فرصة ممتازة للسياح المهتمين بالتاريخ والآثار للتعرف أكثر على الهوية التاريخية وأصالة قرية سله بن.
سد نمرود
سد نمرود في قرية سله بن هو واحد من أكثر الأماكن السياحية جاذبية في هذه القرية، حيث يجذب العديد من السياح من مناطق قريبة وبعيدة. بحيرة هذا السد جوهرة متلألئة في قلب الجبال، محاطة بالجبال الشاهقة وتعرض أمام أعين الزوار مشهداً فريداً من طبيعة المنطقة. ويمكن مشاهدة انعكاس الغيوم والجبال المحيطة في مياه البحيرة الصافية، ورؤية منظر الشروق والغروب الذهبي للشمس من فوقها.
إن مزيج مياه البحيرة الزرقاء وخضرة الغطاء النباتي المحيط وجبال سد نمرود يوفر مناظر خلابة لالتقاط صور تذكارية لا تُنسى من قرية سله بن. بالإضافة إلى التنزه والمشي حول البحيرة، يمكن اختيار هذه المنطقة للتخييم أو النزهة والاستمتاع بالهواء النقي والهدوء العميق والطبيعة الساحرة.
نهر حبله رود
يُعد نهر حبله رود من أهم وأغزر الأنهار في القسم الشرقي من محافظة طهران. ينبع هذا النهر المتدفق من مرتفعات البرز الوسطى بالقرب من جبال قاسم آباد، ويلعب دوراً أساسياً في توفير المياه والزراعة في شرق طهران، وخاصة في فيروزكوه والقرى المحيطة بها. يتجه مسار هذا النهر نحو جنوب شرق البرز، وبعد مروره بشرق طهران، يصب في نهاية المطاف في سهل كرمسار. ويُعد جزء من مسار هذا النهر الذي يمر بقرية سله بن شريان الحياة للقرية، إذ يساهم في توفير جزء من مياه سد نمرود، كما يضفي الانتعاش والحيوية على هذه القرية.
يُعد التجول حول هذا النهر المتدفق والاستمتاع بصوت المياه الجارية فرصة ممتازة للراحة واكتساب السكينة. يمكن أيضاً صيد الأسماك في هذا النهر ومراقبة الطيور المهاجرة حوله.