الحرب المفروضة الـ12 يوماً في عيون الوثائقيات

سرد الحقيقة.. من الميدان إلى الشاشة

خاص الوفاق: من «طهران - تل أبيب» إلى «راش» و«ملازمان حرم»، ومن صوت الإعلام الوطني إلى شهادات الضيوف الأجانب، تتشكل ملامح الذاكرة البصرية لحربٍ مفروضة زلزلت المنطقة، وبقيت تعيش في وجدان الوثائقيات التي رفضت أن تصمت.

وسط أزيز الطائرات، وانفجارات الصواريخ، وتحدي الكلمة في وجه القنابل، تنهض كاميرات الوثائقيين لتقول ما عجزت عنه البيانات الرسمية. في قلب الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً بين إيران والكيان الصهيوني، لم يكن السلاح وحده ناطقاً، بل كان الصوت والصورة جزءاً من المعركة أيضاً.

 

يستعرض هذا التقرير رحلة السرد البصري التي خاضتها المؤسسات الإعلامية والمخرجون المستقلون، بدءاً من زيارة وفود دولية إلى مبنى هئية الإذاعة والتلفزيون، وصولاً إلى إنتاج سلسلة من الوثائقيات التي تفضح أبعاد الصراع، وتمنح المقاومة وجهاً إنسانياً حقيقياً. من «طهران – تل أبيب» إلى «راش» و«ملازمان حرم»، ومن صوت الإعلام الوطني إلى شهادات الضيوف الأجانب، تتشكل ملامح الذاكرة البصرية لحربٍ مفروضة زلزلت المنطقة، وبقيت تعيش في وجدان الوثائقيات التي رفضت أن تصمت.

 

سفراء يزورون مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون

 

في 13 يوليو زار سفراء نحو 30 دولة مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، حيث تفقدوا المبنى الزجاجي الذي تعرض مؤخراً لهجوم عنيف. وقد رافق جبلي الوفد إلى جانب المذيعة سحر إمامي من قناة الأخبار.

 

خلال الزيارة، قالت إمامي: أن الهجوم الذي أصاب المبنى بـ11 قنبلة لم يمنعها وزملاءها من مواصلة البث المباشر، ونقل صوت الحقيقة إلى الشعب دون أن يرتجف صوتها.

 

وثائقي «طهران – تل أبيب»

 

انتهت الحرب المفروضة التي دامت 12 يوماً، لكن لا تزال هناك أسرار غير مروية مخفية في طياتها. المخرج ميكائيل دياني، صاحب الفيلم الوثائقي «طهران – تل أبيب»، يكشف عن التحديات التي واجهها أثناء إنتاج هذا العمل في خضم الحرب، وعن الضغوط والرقابة التي مورست لمنع عرضه.

 

تم إنتاج سلسلة «طهران – تل أبيب» من قبل منظمة أوج الفنية الإعلامية، بإخراج ميكائيل دياني، وإنتاج وتقديم سيد علي صدري‌نيا، بالتزامن مع اندلاع الحرب ضد إيران، ويُعرض يومياً على القناة الثانية الإيرانية.

 

وأشار دياني إلى أن هذا الوثائقي يتناول الحرب من منظور اجتماعي وثقافي، بعيداً عن السرد العسكري التقليدي.

 

وأوضح أن سلوك العدو كان غير إنساني ويتجاوز قواعد الحرب التقليدية، حيث استهدفت الهجمات مؤسسات مدنية وأفراداً غير مسلحين بشكل واسع. لذلك، ركز فريق العمل على شخصيات ومواقف تُظهر الجوانب الإنسانية للحرب، والتي غالباً ما تُغفل في الأعمال الوثائقية.

 

واعتبر دياني من أصعب التحديات كانت سرعة تطور الأحداث، مما تطلب أن يتم التصوير والمونتاج بشكل متزامن، لمواكبة الواقع لحظة بلحظة.

 

إن «طهران – تل أبيب» يسعى إلى تقديم رواية جديدة للحرب المفروضة، لا باعتبارها أزمة عسكرية فقط، بل كتجربة إنسانية واجتماعية وثقافية. ومن خلال التركيز على الوحدة الوطنية، صوت الشعب، والتحديث المستمر في الإنتاج، استطاع الفيلم رسم صورة مختلفة لأيام الحرب المفروضة المتوترة، صورة ستكون ذات قيمة ليس فقط للحاضر، بل أيضاً لذاكرة التاريخ في المستقبل.

 

وثائقيات المركز الفني الإعلامي “نهضة”

 

أنتج المركز الفني الإعلامي “نهضة” سبعة أفلام وثائقية حول أيام الهجوم الذي شنّه الكيان الصهيوني على إيران.

 

فقد بدأ العمل منذ بداية الحرب المفروضة بإنتاج أربع مجموعات وثائقية قصيرة وثلاثة أفلام وثائقية شبه طويلة، بهدف توثيق تلك الأيام. حتى الآن، قامت إدارة الوثائقيات في “نهضة” بإنتاج أربع مجموعات قصيرة بعنوان:

 

– «مرز بُر كُهر»: يسعى لتصوير مشاعر المواطنين الإيرانيين العاديين تجاه الحرب المفروضة والأحداث المحيطة بها.

 

– «جان وطن»: يروي صوراً التقطها المصور فرشيد رحيمي في قلب الحدث.

 

– «ایران حسین»: يوثق أجواء إعداد الحسينيات والأحياء للعزاء في شهر محرم وسط ظروف الحرب المفروضة، ودورها في تعزيز الروح المعنوية.

 

– «باره‌هاي تن ایران»: يصور مراسم دفن شهداء الهجوم في مقبرة “بهشت زهرا” اي جنة الزهراء.

 

بالإضافة إلى ذلك، هناك ثلاثة أفلام شبه طويلة:

 

– «صداي ملت ایران» (صوت الشعب الإيراني): يتناول الهجوم غير الإنساني للكيان الصهيوني على مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو في مراحل الإنتاج النهائية.

 

– «فرداي جنك» (غدُ الحرب): يصور مشاعر أب أثناء وقوع الحرب وقلقه على مستقبل أسرته ووطنه، ويسعى من خلال لقاءات مع خبراء إلى تكوين رؤية واقعية.

 

– «خیانت كروسي» (خيانة غروسي): يروي خيانات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، في سياق الحرب والمواقف الدولية.

 

من المتوقع أن تُعرض هذه الأعمال قريباً على شاشات التلفزيون، وتُعد جزءاً من الجهد الإعلامي لتوثيق الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً، وتسليط الضوء على أبعادها الإنسانية والسياسية.

 

وثائقي “جراح الحرب”

 

وثائقي مسلسل “جراح الحرب” يركز على المشاهدات العينية والمقابلات التي أجراها المراسلون مع المواطنين المتضررين من الهجمات غير المسبوقة التي شنها الكيان الصهيوني خلال الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً في طهران.

 

يوثق الدمار الذي طال المناطق السكنية والعامة، مثل سكن الطالبات، المنازل، ومحال المواطنين العاديين، وينقل شهادات حية من السكان الذين تساءلوا عن سبب استهداف أماكن بسيطة مثل كراج السيارات أو محل عصير.

 

كما أنه يقدّم رؤية إنسانية مباشرة للحرب، من خلال أصوات الناس الذين عاشوا لحظاتها، ويكشف كيف تحولت الحياة اليومية في طهران إلى مشهد من المقاومة والنجاة.

 

وثائقي “راش”

 

الفيلم الجديد للمخرج نيما مهديان بعنوان «راش» يتناول مقاومة الشعب الإيراني خلال الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً، وقد بدأ تصويره بالتزامن مع هجوم الكيان الصهيوني على إيران.

 

قال مهديان: هذا الفيلم، على خلاف الأفلام الوثائقية التقليدية، لا يروي الأحداث بل يشاهدها. ولكنها ليست مشاهدة عادية، بل مشاهدة مزدوجة بنظرة مشغولة، فضولية، وأحياناً مترددة. يجلس المشاهد في موقع صانع العمل، ويسمع أسئلة غالباً ما تبقى خلف أبواب غرفة المونتاج المغلقة. ما يجعل «راش» مثيراً للاهتمام ليس محتواه، بل طريقة التعامل معه؛ تعامل إنساني، حيّ، وغير مصقول. ولأول مرة، لا تكون حاضراً في نهاية السرد، بل في بدايته؛ حيث لم تتشكل الأمور بعد، لكن الحقيقة بدأت تتفجر.

 

الفيلم من إنتاج مركز تطوير السينما الوثائقية والتجريبية والرسوم المتحركة. تولّى نيما مهديان التصوير، وفرشاد اكتسابي قام بالمونتاج، أما هندسة الصوت فكانت من تنفيذ آرش قاسمي.

 

السلسلة الوثائقية «ملازمان حرم»

 

سيُعرض قريباً الموسم السادس من السلسلة الوثائقية «ملازمان حرم» على قناة “أفق”، ويتناول هذا الموسم موضوع شهداء الحرب المفروضة التي استمرت 12 يوماً بين إيران والكيان الصهيوني.

 

فإن الموسم الجديد من هذه السلسلة يتوجه إلى شهداء الهجوم الأخير للكيان الصهيوني على إيران، ويقدم سرداً للمعركة من خلال روايات الشهداء أنفسهم، فإن السلسلة تقدم رواية جديدة عن المقاومة والظلم وصمود الشهداء الإيرانيين في وجه العدوان الصهيوني.

 

الموسم السادس، من إنتاج شهرام ناصري وإخراج محسن أردستاني، يُعد امتداداً للمواسم الخمسة السابقة التي تناولت حياة وجهاد واستشهاد مدافعي الحرم. ومن الجدير بالذكر أن تقديم هذا الموسم سيكون من قبل فضة‌ سادات حسيني.

 

“تحدث عن إيران”؛ رواية الضيوف الأجانب

 

من جهة أخرى قام عدد من الشخصيات الإعلامية والمؤثرين الذين زاروا إيران خلال العامين الماضيين ضمن مشروع “تحدث عن إيران”، وبعضهم كان متواجداً في البلاد أثناء العدوان الصهيوني، بسرد الحياة اليومية ومقاومة الشعب الإيراني خلال تلك الفترة، وكذلك موقف طهران والمواطنين في مواجهة العدوان الصهيوني ومجازر غزة، وذلك عبر وسائل الإعلام الخاصة بهم أو عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

 

من أبرز نتائج المشروع خلال العدوان العسكري الصهيوني على إيران، كان الدعم النشط من الإعلاميين والمؤثرين الذين سبق أن زاروا إيران ضمن هذا البرنامج.

 

هؤلاء الأشخاص، الذين تعرفوا على إيران منذ بداية تنفيذ المشروع، وشهدوا عظمة وكرامة شعبها، لم يلتزموا الصمت خلال أيام الحرب، بل عبروا عن دعمهم بحماس كبير.

 

بعضهم، ممن لديهم ملايين المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي أو في وسائل الإعلام، تحولوا إلى متحدثين باسم إيران في العالم، ونقلوا الأخبار والحقائق لحظة بلحظة إلى جمهورهم.

 

من أبرز هذه الردود: فيديو للمذيع التونسي الشهير علاء الشابي، الذي زار إيران في أواخر يونيو، مع بداية الحرب المفروضة، ضمن وفد إعلامي. بعد عودته إلى تونس، تحدث في برنامج تلفزيوني أمام أكثر من ٥ ملايين مشاهد عن تجربته في طهران خلال الحرب المفروضة، وأشاد بصمود وعظمة الشعب الإيراني وشجاعته.

 

كما أن مراسلة شبكة صربيا الوطنية، رانكا ياكشيچ، نشرت على صفحتها في فيسبوك دعماً واضحاً لإيران في دفاعها عن أطفال غزة، وانتقدت صمت بعض الدول، ووصفت إيران بأنها المدافع الوحيد عن حقوق المظلومين.

 

وكذلك الصحفي الإسباني كارلوس باز، عبّر عن موقفه الحاد ضد جرائم الكيان الصهيوني، ووصفه بأنه رمز الشر، ونشر تغريدة على منصة “إكس” تجاوزت ٢١١ ألف مشاهدة، قال فيها: دمروا ليبيا لأنها كانت خطراً، وذبحوا الفلسطينيين لأنهم كانوا خطراً، وقصفوا لبنان لأنه كان خطراً، ومحوا العراق لأنه كان خطراً. الخطر الحقيقي اسمه”إسرائيل”.

 

 

 

المصدر: الوفاق/ خاص

الاخبار ذات الصلة