"التوكتوك" يغزو طرابلس:

مؤشرات الفقر ترتفع…!!

لم تعد طرابلس كما نعرفها منذ سنوات، المدينة التي وبالرغم من كل الظروف التي مرت عليها من حروب ومعارك ومشاريع مشبوهة لم تنكسر، او تتراجع فيها الحركة الاقتصادية. اما اليوم ومع دخول لبنان في ازمة اقتصادية خانقة بات ابناء طرابلس يلجأون الى مستويات معيشية ادنى للمكافحة والبقاء على قيد الحياة في ظل الارتفاع الهستيري للدولار

2023-02-24

الحياة في طرابلس باتت ثقيلة، المدينة التي طالما عرفت انها “أم الفقير” لم تعد كذلك، كل شيء فيها طار مثلما طار الدولار، الاسواق التي كانت مقصد لفقراء المدينة للتبضع، غاب عنها روادها فاسعار اللحوم والخضار صارت حارقة، وما عادت في متناول الجميع، “صرنا منشتري بالحبة، وبات هناك ممنوعات” يروي عبد الله (٤٥ عاما) لموقع “العهد”:” كيف كان يؤمن الخضار واللحوم يوميا من اسواق طرابلس، والاسعار مناسبة جدا، فيما اليوم بتنا نقتصد في كل شيء حتى ربطة الخبز، والفاكهة باتت من الاحلام اما اللحوم التي تخطى كيلو لحم البقر هنا ٦٠٠ الف والدجاج الكيلو وصل الى ال١٢٠ الف، اصبحنا نراها في الصور فقط”.

حالة عبد الله هي صورة مصغرة عن الاف الطرابلسيين الذين باتوا يأنون تحت خط الفقر، هنا اجرة العامل تكاد لا تتخطى الـ٣ دولارات. وهي تكاد لا تكفي للطعام فقط. هذا عدا عن كلفة اشتراك الكهرباء الذي بات يكوي الجيوب، في الوقت الذي تخطى سعر الامبير الواحد ٥٠ دولار،  اما ال٥ امبير فوصل الى حدود ال٢٥٠$ بالشهر الواحد.

الارتفاع الجنوني بالاسعار لم يقتصر على الطعام والشراب فقط، ووصل الى النقليات، فالمواطن الذي كان يتنقل بسيارته لم يعد بمقدوره ذلك بعد ان تخطى سعر صفيحة البنزين المليون و٣٠٠ الف ليرة، اما أجرة الراكب في حال اراد ان التنقل بسيارات الاجرة فيبدأ من ٣٠ الف ليرة، ويختلف من شارع الى آخر ومن منطقة الى اخرى. ارتفاع اجرة النقليات بالتاكسي دفع العديد من سائقي الاجرة الى استبدال سياراتهم “بالتكتوك” وهو عبارة عن دراجة نارية تتسع لثلاثة ركاب، الهدف من استبدال سيارة الاجرة بـ”التوكتوك” هو لتوفير البنزين، محمود (٣٩  عاما) كان يملك سيارة يعمل عليها سائق تاكسي، “اضطررت الى استبدالها بـ”التوكتوك” لانني لم اعد قادرا على تأمين البنزين، والمشوار من منطقة التل الى الميناء صار بحاجة الى ٥٠٠ الف ليرة اي ان كلفة الراكب الواحد اصبحت ٧٠ الف ليرة في السيارة هذا في حال تأمن ٥ ركاب داخل السيارة.”

غزوة “التوكتوك” لشوارع طرابلس امتدت الى المنية وعكار، فالمواطن بات يبحث عن ما يوفر عليه امواله، فالمتطلبات باتت كبيرة نسبة الى الليرة اللبنانية. يتنقل محمود (طالب في الجامعة اللبنانية) من المنية الى منطقة ضهر العين في طرابلس. يقول: “احتاج يومياً الى قرابة ٢٠٠ الف ليرة اجرة طريق، احاول في الكثير من الاحيان ان اقطع مسافات مشياً على الاقدام، وغالباً ما انتظر اليات التكتوك لاستعمالها وذلك في سبيل توفير اجرة الطريق.

في المحصلة ، ومع ما ذكر من ايجابيات لعربات التوكتوك، الا ان تلك الالة الصغيرة ، تعد رمزاً لانتشار الفقر او بالاصح انها تنقل صورة لاحدى مظاهر الانحدار في المستوى المعيشي للشعوب كما هي الحالة في مصر والهند . اما في طرابلس، لم تعد المؤشرات الاجتماعية وحدها هي من توحي ان هذه المدينة باتت ترزخ تحت خط الفقر اكثر من اي وقت مضى، فعاصمة الشمال التي اختفت السيارات من شوارعها وحلت مكانها عربات “التوكتوك” … باتت صور الفقر فيها كثيرة جداً.

العهد