الکاتبة: هبة قصير
الحديث الذي نتطرّق إليه هو موضوع مهمّ جداً، مرتبط بالنموّ اللّغوي عند الطفل، والسؤال الذي يتبادر إلى أذهان الأهل دائماً ويقلقهم هو: هل نموّ اللّغة عند ابني هو مناسب لعمره؟ هل سيؤثّر لاحقاً في دراسته، وفي موضوع تفاعله في المجتمع؟
سوف نركّز على مؤشّرات أساسية المفروض من الأهل مراقبتها، لتساعدهم في تحديد مستوى ولدهم بالنّسبة إلى سلَّم التطوّر اللّغوي الطبيعي.
في البداية، النقطة المهمّة التي من المفترض على الأهل التّركيز عليها، هي مراقبة تطوّر التواصل عند الطّفل في عمر صغير، والذي هو عبارة عن تواصله مع الشّخص الذي يهتمّ به؛ التواصل البصري معه، ومدى تفاعله مع المثيرات، إن كانت سمعيّة أو بصرية في البيئة المحيطة، ففي عمر الشّهرين والنصف، مثلاً، نلاحظ عند الطّفل ابتسامة لوجوه الأشخاص، وحتى للأشياء الموجودة حوله. في عمر الخمسة أشهر، نلاحظ أنّ الطفل يحاول تكرار الأصوات ويقلّدها، ويتفاعل مع الشخص الذي يحاول أن يحفِّزه ويحكيه ويناغيه.
في عمر السّبعة أشهر
في عمر السّبعة أشهر، نلاحظ تطوّراً لمستوى الفهم عند الطفل، فهو يفهم نغمة الصّوت ويميّز إذا كانت حزينة أو فرحة، ويحاول أن يكتشف المحيط، ويعيد ويكرّر أصواتاً أكثر من الّتي كان يكرّرها سابقاً.
هذا الذي يحدث قبل عمر السّنة، هي المؤشّرات الأساسيّة التي ننتظرها لنعتبر أنّ الطفل يتطوّر بشكل سليم، فنكون في هذه الأثناء نراقب موضوع اللّغة وتطوّر مهارات التّواصل عنده.
النقطة المهمّة أيضاً التي من المفترض الانتباه إليها، هي تطوّر المهارات الذهنيَّة، لأنَّ اللّغة، كما نعرف، هي وظيفة ذهنيَّة، ومرتبطة بشكل أساس بالانتباه والتّركيز. كما من المفترض أن نراقب طريقة اللّعب عند الطّفل؛ هل يتفاعل مع لعبة معيّنة لوقت كاف، وهل يتجاوب وينتبه للتغيّرات التي تحدث في البيئة المحيطة به؟
المرحلة الاساسية
في عمر السنة والنصف، ننتظر أن يستعمل الولد الكلمة التي تعبِّر عن فكرة معيّنة، أي ما نسمّيه “كلمة جملة”، بمعنى أن يتكلّم بكلمة ليعبّر عن فكرة معيَّنة، مثلاً يرى قميص والده، فيقول مباشرةً “بابا”، أي أنّ هذا القميص لبابا.
وهذه تكون مرحلة أساسيّة لينتقل بعدها الطفل لاستعمال جملة أطول، وننتظر منه عادةً جملة من كلمتين إلى ثلاث كلمات بين عمر سنتين وسنتين ونصف.والذي نسمّيه انفجار المفردات، هو العمر الذي يكتسب فيه الطفل مفردات كثيرة، وهو ابتداءً من عمر السنة وعشرة أشهر، حيث نلاحظ أنَّ الولد بات كلّ يوم يستعمل كلمة جديدة ويوظّفها في السياق المناسب، ويستعملها في حياته اليوميّة بشكل صحيح، ومع الوقت، يصبح بإمكانه توظيفها في جملة.
لغة شبيهة بلغة الكبار
نختم بعمر الثّلاث سنوات، ننتظر أن يكون عندنا لغة شبيهة بلغة الكبار، سليمة من حيث استعمال الجمل الصحيحة، مع بعض الشَّوائب على مستوى اللَّفظ، والّتي نعتبرها مشاكل بسيطة في اللّفظ، وتعتبر مناسبة لعمر الطفل.
ولكن في الإجمال، في عمر الثّلاث سنوات، ننتظر لغة سليمة من الطّفل، مفهومة من قبل كلّ الأشخاص، وليس فقط من قبل الأهل، وهنا أيضاً نعتبر أنَّ الطفل عنده استعداد ليصحّح، يعني إذا استعمل كلمة بشكل خاطئ، يكون بإمكانه أن يعيد الكلمة بشكل أفضل ممّا قالها.
