فكل عام تتسبب الآفات والأمراض المختلفة في خسائر فادحة للمحاصيل الزراعية. ويُعد الكشف المبكر عن هذه الأمراض عاملاً حاسماً في الحفاظ على صحة النباتات وزيادة إنتاجية المزارع.
وتُعد أمراض النباتات من أهم العوامل المؤدية لانخفاض الإنتاجية في القطاع الزراعي. وغالباً ما تظهر هذه الأمراض بشكل خفي في المراحل الأولى من نمو النباتات، وإذا لم يتم تشخيصها في الوقت المناسب، قد تؤدي إلى فقدان جزء كامل من المحصول أو تدهور جودته.
وأوراق النباتات غالباً ما تكون أول مكان تظهر عليه أعراض الأمراض؛ حيث يمكن أن تكون البقع، الاصفرار، تغير اللون أو شكل الأوراق إنذاراً مبكراً لوجود آفة أو مرض معين. لكن التشخيص الدقيق لهذه العلامات ليس دائماً بالمهمة السهلة، خاصةً عندما لا يتوفر عدد كافٍ من الخبراء البشريين أو تكون الظروف البيئية صعبة.
وفي هذا السياق، قامت “سكينة أسدي أميري”، الباحثة في كلية الهندسة والتكنولوجيا بجامعة مازندران، بالتعاون مع أحد زملائها، بإجراء بحث حول استخدام تقنيات معالجة الصور وخوارزميات التعلم الآلي للكشف المبكر عن أمراض النباتات. وفي هذه الدراسة، سعوا إلى تقديم حل فعال وسريع لتشخيص الأمراض من خلال دمج المعلومات البصرية لأوراق النبات مع التحليل الحاسوبي، دون الحاجة إلى وجود الخبراء في الموقع.
وتم جمع صور لأوراق نباتات سليمة ومصابة وإزالة الضوضاء من الصور باستخدام مرشحات برمجية. ثم عزلت منطقة الورقة في الصورة وحللت خصائص مهمة مثل اللون في مساحات لونية مختلفة مع استخراج معايير مثل درجة الحمرة أو الاصفرار، وكذلك ملمس الورق باستخدام أنماط تصويرية خاصة للكشف عن الفروق البصرية بين الأوراق السليمة والمريضة. بالإضافة إلى ذلك، تم فحص حجم وشكل الأوراق لتحديد التغيرات الهيكلية الناتجة عن الأمراض. وأخيراً، أدخلت جميع هذه المعلومات في خوارزميات تصنيف لاتخاذ قرار تلقائي حول ما إذا كانت الورقة تعود لنبات سليم أو مريض.
وكشفت نتائج البحث أن النظام المصمم تمكّن من تشخيص أمراض 9 أنواع نباتية مختلفة بدقة عالية، تشمل التفاح والذرة والعنب والبطاطس والطماطم والكرز والخوخ والفلفل والفراولة. وبناءً على الاختبارات التي أجريت على مجموعة بيانات تضم أكثر من 87 ألف صورة، بلغت دقة هذه الطريقة حوالي 98% باستخدام خوارزمية “الغابة العشوائية”، وحوالي 95% باستخدام خوارزمية “آلة ناقلات الدعم”.
وتُظهر هذه الدقة العالية أن الطريقة المقترحة تفوقت على العديد من المنهجيات السابقة، ويمكن أن تصبح أداة مساعدة قيمة للمزارعين والخبراء في المستقبل. ولا يوفر هذا النظام توفيرًا في الوقت والتكاليف فحسب، بل يساهم أيضًا في تحسين إدارة المزارع والحد من انتشار الآفات من خلال تقليل الأخطاء البشرية.
ومن الجوانب البارزة الأخرى في هذا البحث قابليته للتطوير في ظروف المزارع الواقعية. وأفاد الباحثون بأنهم يتوقعون أداءً جيدًا لهذا النظام حتى مع الصور الملتقطة في البيئات الطبيعية ذات الإضاءة أو الخلفيات المتغيرة. كما يمكن تطبيقه لفحص أجزاء أخرى من النبات مثل الساق أو الثمار. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام خوارزميات أكثر تطورًا مثل التعلم العميق في الخطوات المستقبلية قد يعزز دقة النظام بشكل أكبر.