وتظهر أحدث البيانات الجمركية الإيرانية حول التجارة مع 15 دولة مجاورة خلال فصل الربيع هذا العام بعض التحولات في أنماط التبادل التجاري الإقليمي.
ووفقاً لهذه الإحصاءات، بلغ إجمالي التجارة الخارجية لإيران مع الجيران 427/13 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 16% من حيث القيمة و17% من حيث الوزن مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.
ورغم أن هذا التراجع قد يعكس تحديات في مسار تنمية التجارة الإقليمية، إلا أنه يقدم فرصة لإعادة النظر في السياسات التصديرية واستكشاف الفرص غير المستغلة في الأسواق المحيطة، خاصة في ظل اعتماد تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة كأحد المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية والاقتصادية للبلاد.
صادرات بقيمة 6/6 مليار دولار
وفي الفترة من مارس إلى مايو 2025، صدّرت إيران سلعاً بقيمة 6 مليارات و650 مليون دولار إلى الدول المجاورة، مما يمثل انخفاضاً بنسبة 22% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق.
ويُعزى هذا التراجع بشكل رئيسي إلى انخفاض الصادرات إلى الشريكين الأساسيين: العراق والإمارات العربية المتحدة، حيث يُحتمل أن يكون انخفاض الطلب في السوق العراقية والقيود اللوجستية والمصرفية مع الإمارات قد ساهما في تراجع حجم الصادرات. كما يشير الانخفاض في الصادرات إلى تركيا وأفغانستان إلى حاجة الأسواق الإقليمية التقليدية لإيران إلى دعم أكبر.
واردات بقيمة 7/6 مليار دولار
وخلال فصل الربيع من هذا العام، استوردت إيران سلعاً بقيمة 6 مليارات و777 مليون دولار من الدول المجاورة، مسجلة انخفاضاً بنسبة 65/9% مقارنة بفصل الربيع من العام الماضي.
ولا تزال الإمارات وتركيا الشريكين الأول والثاني لإيران في مجال الواردات، إلا أن حصة دول أخرى مثل روسيا وسلطنة عمان تشهد نمواً متصاعداً، مما يشير إلى تحول تدريجي في مسار الواردات الإيرانية.
وضع الميزان التجاري
وسجل الميزان التجاري الإيراني مع الدول الـ15 المجاورة عجزاً طفيفاً خلال ربيع هذا العام، حيث بلغت قيمة الواردات 777/6 مليار دولار، مقابل صادرات بقيمة 650/6 مليار دولار.
ورغم أن هذه النتيجة تعكس تفوق الواردات على الصادرات في هذه الفترة، إلا أن الحجم الكبير للصادرات إلى دول المنطقة -خاصة في ظل القيود التجارية والمصرفية- يُظهر القدرة العالية لأسواق الجوار على استيعاب البضائع الإيرانية.
ويمكن اعتبار هذا الوضع فرصة لإعادة النظر وتحسين مسارات التصدير، خاصة في مجالات مثل: تنويع السلع، وتطوير البنى التحتية للنقل، وتسهيل المعاملات المصرفية، والاستفادة من الاتفاقيات الثنائية.
ويبدو أن تعزيز السياسات التجارية وزيادة تنافسية المنتجات الإيرانية قد يُعيد الميزان التجاري إلى المسار الإيجابي خلال الأشهر المقبلة.
نمو التبادل التجاري مع شركاء إقليميين
رغم التراجع العام في إجمالي التجارة مع الدول المجاورة، شهدت بعض الدول نمواً ملحوظاً في تبادلاتها مع إيران. وتم رصد نمو ملحوظ في التبادل التجاري مع بعض الشركاء الإقليميين رغم التراجع العام في إجمالي التجارة مع الدول المجاورة، حيث سجلت قطر نمواً بنسبة 69% في تجارتها مع إيران، بينما عززت روسيا مكانتها في السوق الإيرانية بنمو 19%.
كما شهدت سلطنة عُمان زيادة بنسبة 11% في حجم التبادلات التجارية مع إيران، فيما حققت تركمانستان نمواً بنسبة 5/8% في تجارتها مع إيران.
إشارات تحذير وفرص متزامنة
في ظل تركيز السياسة الرسمية للبلاد على تنمية الصادرات الإقليمية، جاء تراجع الصادرات إلى الدول المجاورة ليسلط الضوء على تحديات متعددة تشمل: تشديد القيود المصرفية، وتقلبات سعر الصرف، وقصور في البنية اللوجستية والنقل، وتنامي المنافسة من المصدرين الإقليميين.
في المقابل، يُبرز النمو في التبادل التجاري مع قطر 69% وروسيا 19% وسلطنة عُمان وتركمانستان قدرة الأسواق الإقليمية على استيعاب البضائع الإيرانية رغم التحديات الاقتصادية والعقوبات، حيث تؤكد المؤشرات الإيجابية أن تحسين البنى التحتية للنقل وتسهيل المسارات المصرفية والتعريفية يشكل عاملاً حاسماً في انتعاش التبادلات التجارية.
آفاق واعدة للسياسات التصديرية
ويشير هذا المسار إلى أن تنفيذ سياسات تصديرية مستهدفة -مثل تحسين جودة التغليف، واستقرار الأسعار، وتطوير النقل بسكك الحديد والطرق البحرية، وتعزيز الاتفاقيات النقدية الثنائية، ودعم تجار القطاع الخاص- يمكن إيران ليس فقط من الحفاظ على موقعها في الأسواق المجاورة، بل أيضاً من توسيعه.
وتتوفر لإيران فرص تنافسية كبيرة للصادرات غير النفطية في مناطق استراتيجية مثل أوراسيا والخليج الفارسي وآسيا الوسطى. وهذه الأسواق لا تحتاج فقط إلى السلع الأساسية ومواد البناء والمنتجات الزراعية والصناعية؛ لكنها تتمتع أيضاً بمزايا مهمة لإيران بسبب القرب الجغرافي والروابط الثقافية وانخفاض تكاليف النقل.
في حين أن انخفاض الصادرات إلى بعض الشركاء التقليديين يعد مؤشراً تحذيرياً، فإن النمو في التجارة مع جيران آخرين يؤكد أن التحول من النهج التجاري التقليدي إلى دبلوماسية اقتصادية نشطة تركز على الأولويات الإقليمية يمكن أن يساعد في التغلب على التحديات وضمان استقرار مسار الصادرات غير النفطية على المدى الطويل.