في قلب متحف الفن المعاصر بطهران، وعلى جدرانه التي شهدت تحولات الفن الإيراني لعقود، افتُتح يوم الأربعاء 23 يوليو معرض «حسب تقرير النساء» ليعيد قراءة تاريخ الفن الحديث من خلال أعمال 65 فنانة إيرانية . المعرض، الذي يضم 125 عملاً فنياً، لا يكتفي بعرض الجمال البصري، بل يقدّم شهادة ثقافية على حضور المرأة الإيرانية في مسيرة الحداثة الفنية، من بداياتها المتواضعة إلى ريادتها المعاصرة.
المعرض لا يقتصر على اللوحات والتماثيل، بل يقدّم سرداً بصرياً لتجارب النساء في المجتمع الإيراني. من البورتريه إلى التجريد، ومن الحياة اليومية إلى القضايا الاجتماعية، تتنوع الأعمال لتشكّل فسيفساء من الرؤى النسائية التي توثق التحولات السياسية والاجتماعية التي مرّت بها البلاد. في بيان المعرض، يُشار إلى أن «من علامات الانتقال من المجتمع التقليدي إلى الحديث، هو دور النساء في تسجيل ونقد المجتمع المعاصر»، وهو ما يتجلى في الأعمال المعروضة التي تتجاوز الجماليات لتطرح أسئلة وجودية وثقافية.
من بين الأسماء البارزة التي يضمها المعرض: منير فرمانفرمایيان، بهجت صدر، إيران درودي، بروانه اعتمادي، فریده لاشایی، وليلي متیندفتری. أعمال هؤلاء الفنانات لا تُعرض فقط كأمثلة على الإبداع، بل كوثائق تاريخية تعبّر عن مراحل مختلفة من تطور الفن الإيراني الحديث.
ولأن مقتنيات المتحف لا تمثل جميع الفنانات المجددات، فقد أُقيم القسم الثاني من المعرض يوم الخميس 24 يوليو في بيت الفنانين الإيرانيين، حيث عُرضت أعمال لفنانات في مجالات الرسم التزييني، فن البوب، السيراميك، والطباعة اليدوية. هذا التوسّع يعكس رغبة المنظمين في تقديم صورة أكثر شمولاً لتجربة المرأة الإيرانية في الفن.
المعرض لا يقتصر على العرض البصري، بل يشمل جلسات بحثية وعروضاً لأفلام وثائقية، مما يفتح المجال أمام النقاش الأكاديمي والتأريخ الفني. كما أُقيمت معارض فرعية في صالات عرض مستقلة، لتسليط الضوء على أعمال لم تكن ضمن مقتنيات المتحف، في تعاون لافت بين المؤسسات الثقافية.
في كلمة لها خلال حفل الإفتتاح، أكدت نادره رضائي، نائبة وزير الثقافة في الشؤون الفنية، أن المعرض يشكّل «منصة للبحث في المسار التاريخي لأعمال الفنانات»، مشيرة إلى أن التحولات الاجتماعية والسياسية منذ عصر القاجار وحتى اليوم، ساهمت في بروز دور المرأة في الفن والتعليم والإنتاج الثقافي.
أما توكا ملكي، منسقة المعرض، فقد شددت على أن «حضور النساء في الفن التجديدي الإيراني لم يُعرض يوماً بشكل متكامل»، وأن هذا المعرض يسعى لسدّ تلك الفجوة التاريخية.
«حسب تقرير النساء» ليس مجرد معرض فني، بل حدث ثقافي يعيد الاعتبار لدور المرأة الإيرانية في تشكيل الوعي البصري والاجتماعي. إنه دعوة لإعادة قراءة التاريخ الفني من منظور نسائي، حيث لا تكون المرأة موضوعاً للرسم فحسب، بل فاعلة ومؤرخة ومبدعة.