وأضاف حميدرضا صادقي، في مقابلة مع مراسل وكالة الجمهورية الاسلامية للأنباء “إرنا”، أن “الاقتصاد المعتمد على البحر” قد تم تحديده في الرؤية الجديدة للتنمية الوطنية كعامل محوري رئيسي للنمو المستدام، وخلق فرص عمل واسعة، وتعزيز المكانة الجيواقتصادية للبلد على المستويين الإقليمي والدولي.
وأوضح: أن الاقتصاد البحري يُعد أحد المناهج الأساسية في التنمية الاقتصادية المستدامة، ويشمل مجالات مثل النقل البحري، ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، والسياحة البحرية، والصناعات المرتبطة بها، مؤكدًا أن الاستغلال الأمثل لهذه الموارد يمكن أن يؤدي إلى النمو الاقتصادي، وزيادة العمالة، والتنمية المستدامة.
وأشار إلى أن جزيرة قشم، بموقعها الاستثنائي في قلب الخليج الفارسي، لديها القدرة على أن تصبح المحرك الرئيسي لهذا النهج الاستراتيجي.
وأشار مدير الصناعات والمعادن في منطقة قشم الحرة أيضًا إلى القدرات الفريدة للجزيرة في مجال الصناعات البحرية، والنفط والغاز، والطاقات المتجددة، والتعدين البحري، قائلاً: قشم ليست مجرد جزيرة، بل هي منطقة استراتيجية في جنوب البلاد، تمتلك موارد طبيعية هائلة، ومكانة جيواقتصادية متميزة، وبُنى تحتية صناعية، مما يؤهلها لتصبح ركيزة داعمة لأمن البلاد الاقتصادي.
قشم.. بوابة تنمية جنوب إيران
وأوضح صادقي: يوفّر الموقع الفريد للجزيرة -المجاور المباشر لمضيق هرمز الاستراتيجي، والاتصال بالمياه الدولية، ووقوعها على مسار الممرات البحرية العالمية، والقرب من مصادر الطاقة الهائلة في الخليج الفارسي- مكانة لا نظير لها في تطوير الاقتصاد البحري، لدرجة أن قشم أصبحت اليوم بوابة تنمية جنوب إيران وحلقة الوصل بين الاقتصاد الوطني والأسواق عبر الإقليمية.
وأضاف: وجود حقول النفط والغاز حول الجزيرة، والبنى التحتية مثل محطة الكهرباء ذات الدورة المركبة، ومصفاة النفط الثقيل، وخزانات تخزين المنتجات النفطية، والأرصفة التصديرية، والمدن الصناعية المعتمدة على الطاقة، تمنحنا القدرة على تحويل قشم إلى مركز طاقة رئيسي في جنوب البلاد.
وتابع مدير الصناعات والمعادن في منطقة قشم الحرة: تتشكل سلسلة التوريد والمعالجة في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات في قشم بمشاركة القطاع الخاص، ونسعى في هذه الإدارة إلى تعزيز الصناعات التحويلية والابتعاد عن بيع المواد الخام.
وأكّد، في إشارة إلى الرؤية الشاملة القائمة على الاقتصاد المقاوم، إن “البلاد اليوم بحاجة إلى تعزيز سلاسل القيمة المحلية، والاستفادة من القدرات المحلية، والتنمية الاقتصادية المعتمدة على الموارد الداخلية، حيث يمكن لقشم أن تلعب دورًا محوريًا في هذا المسار في مجالات الطاقة والصناعات القائمة على البحر والقطاعات المعدنية والتصنيعية”.
وقال صادقي: كما أظهرت التجارب العالمية للدول في مراحل ما بعد الأزمات الاقتصادية، يجب أن يبدأ إعادة الإعمار الاقتصادي بالتركيز على نقاط الميزة النسبية والمناطق الخاصة، وقشم بامتلاكها مزيجًا فريدًا من الموارد والموقع والبنية التحتية، تتمتع بكل هذه الخصائص.
وأشار إلى ضرورة التكامل بين الجهات المعنية، قائلاً: إن تحقيق رؤية الاقتصاد القائم على البحر والطاقة في قشم يتطلب مشاركة وتلاحماً جاداً بين مختلف الجهات، حيث يتعين على المنطقة الحرة، ووزارة الصناعة، ووزارة النفط، ومنظمة الموانئ والملاحة البحرية، والجهات التنفيذية المحلية، والقطاع الخاص، أن تتحرك -بإدراك مشترك لهذه الفرصة التاريخية- نحو تسهيل الاستثمارات وإزالة معوقات الإنتاج وتحقيق التنمية المتوازنة.
كما أشار صادقي إلى الموقع الجيواقتصادي الفريد لجزيرة قشم وأهميتها في المعادلات الإقليمية الحديثة، وقال: أتاحت التطورات الأخيرة في المنطقة والتركيز المتزايد على القدرات الوطنية فرصةً لتعميق النظرة الاستراتيجية لإمكانيات البلاد، خاصة في مجال الاقتصاد القائم على البحر. وفي هذا الإطار، تلعب قشم -كأكبر جزيرة في الخليج الفارسي- دوراً متميزاً في تطوير الصناعات البحرية وتعزيز سلسلة القيمة الوطنية.
قشم.. منصّة ذكيّة للتطوير البحري
وأكّد صادقي قائلاً: إن الاقتصاد القائم على البحر يُعد أحد الركائز الأساسية لتحقيق الاقتصاد المقاوم، وأضاف: تتمتع قشم بقدرات استثمارية وتنموية متعددة الأوجه في مجالات مثل الصناعات البحرية، والطاقات البحرية، واللوجستيات المينائية، ومعدات الهندسة التقنية، ومعالجة الموارد المعدنية البحرية، وهذه الإمكانيات يمكن أن تحوّل قشم إلى منصة ذكية للإنتاج والتصدير ونقل التكنولوجيا.
وأشار إلى أن هذه الرؤية التكاملية تضع قشم في صدارة المشهد التنموي الإقليمي، حيث تمتلك المقومات اللازمة لتصبح مركزاً إقليمياً للابتكار والتميز في المجالات البحرية والطاقوية.
وأشار مدير الصناعات والمعادن في منطقة قشم الحرة إلى بعض الإستراتيجيات التنفيذية لتعزيز قدرات البلاد في المرحلة الجديدة، قائلاً: من بين الإجراءات الرئيسية على طريق التنمية المستدامة: إعطاء الأولوية لإنتاج منتجات معرفية في الصناعات البحرية، وإنشاء مدن متخصصة في التصنيع، وتعزيز الروابط اللوجستية مع موانئ جنوب البلاد، وتسريع إصدار التراخيص الصناعية.
وأوضح صادقي مؤكداً: اليوم أكثر من أي وقت مضى، نحتاج إلى رؤية شمولية وطنية تجاه قشم. هذه الجزيرة ليست مجرد نقطة صناعية، بل هي قاعدة جيواقتصادية يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إعادة تعريف مكانة إيران الاقتصادية في المنطقة. وأضاف: بالتكامل بين الموارد الطبيعية والموقع الاستراتيجي والكفاءات المحلية، تمتلك قشم المقومات لتكون محركاً للنمو الاقتصادي الذكي والقائم على المعرفة في البلاد.
خارطة طريق للاقتصاد البحري
وأوضح صادقي قائلاً: للتغلب على الوضع الراهن وتحقيق أهداف التنمية، من الضروري وضع خارطة طريق شاملة للاقتصاد البحري تستند إلى الحقائق الإقليمية والسياسات الوطنية، ويجب إعداد هذه الوثيقة بمشاركة الجهات المعنية، بما في ذلك منظمة الموانئ والملاحة البحرية، ووزارة الصناعة، ووزارة النقل، ووزارة الجهاد الزراعي؛ وبالطبع منظمة المناطق الحرة، لضمان التكامل المؤسسي وصياغة سياسات متكاملة.
وأشار مدير الصناعات والمعادن في منطقة قشم الحرة إلى أن هذه الخارطة تتضمن تخطيطاً مرحلياً، حيث تشمل المرحلة الأولى (قصيرة الأجل – سنتان) تعديل اللوائح، تطوير التدريب المتخصص، تعزيز القدرات البحثية، إنشاء البنى التحتية الأساسية، وإدخال حوافز الاستثمار.
وتابع: أما المرحلة الثانية (متوسطة الأجل – خمس سنوات) فتركز على تطوير البنى التحتية للموانئ والنقل متعدد الوسائط (سكك الحديد، والطرق والبحرية)، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتطوير المجمعات الصناعية لمصايد الأسماك، والسياحة، والصناعات الداعمة. بينما تهدف المرحلة الثالثة (طويلة الأجل – عشر سنوات) إلى تحويل قشم إلى مركز دولي للاقتصاد البحري، والتنمية المستدامة للموارد البحرية الطبيعية، ونمو التجارة الإقليمية، وتحسين مستوى معيشة المجتمعات المحلية.
وأكد أن هذا النهج الاستراتيجي سيمكن الجزيرة من تحقيق دورها كحلقة وصل بين الاقتصاد الوطني والاقتصاد الأزرق العالمي، مع الحفاظ على الموارد البيئية والهوية المحلية.
المزايا الفريدة لمنطقة قشم الحرّة
وأكّد صادقي على المزايا الاستثنائية للجزيرة قائلاً: تمتلك المنطقة الحرّة في قشم إمكانيات استثنائية تشمل موارد مائية غنية، وإمكانية تربية الأحياء المائية، وقدرات سياحية بيئية بحرية كبيرة، وإمكانية تحويلها إلى مركز للخدمات البحرية؛ بالإضافة إلى قربها من مراكز النفط والغاز الرئيسية. وهذه ليست سوى جزء من إمكانيات المنطقة التي تكتمل مع تطوير البنى التحتية مثل المدينة السمكية، والموانئ متعددة الأغراض، ومراكز تعبئة وتصنيع المنتجات البحرية، والتي تشكل خطوات مهمة لتعزيز سلسلة القيمة.
كما أعلن عن خطط لإنشاء مراكز ابتكار بحري، ودعم الشركات الناشئة في مجال اللوجستيات وبناء السفن، وتطوير التكنولوجيات البحرية المحلية، مؤكداً أن هذه المبادرات ستعزز مكانة قشم كوجهة استثمارية رائدة في الاقتصاد الأزرق.
يشار إلى أن جزيرة قشم الساحرة المطلة على مضيق هرمز – المدخل الرئيسي للخليج الفارسي وبحر عمان – تتمتع بمكانة استثنائية. وكأكبر جزيرة في الخليج الفارسي، تحتل موقعاً جيواقتصادياً فريداً بفضل قربها من المحيط الهندي، ووفرة حقول النفط والغاز، وتواجد مجمعات بتروكيماوية وتكريرية، ومنصات الخدمات البحرية. كما تمتلك بنية تحتية لوجستية متطورة تشمل موانئ تستقبل سفن فئة “باناماكس” العملاقة، مع خدمات تزويد الوقود للسفن العابرة في الممر الملاحي الدولي. وتشتهر عالمياً بحدائقها التكنولوجية ومجمعات الطاقة والبيوتكنولوجيا البحرية.
وتجمع الجزيرة بين المقومات الطبيعية الخلابة والمواقع التاريخية، مما جعلها قبلةً للسياحة الإقليمية والدولية. وتغطي المنطقة الحرة الصناعية-التجارية 300 كم²، وتلعب دوراً محورياً في التجارة العالمية بموقعها على مفترق ممر الشمال-الجنوب التجاري، ووصولها لممرات الطيران الدولية الشرق-الغرب.