مديرة المركز في لبنان للوفاق:

رؤية مركز سكن قائمة على أهمية الأسرة وكيفية الحفاظ على ديمومتها

دعوة الملتقى موجهّة إلى كل من يؤمن بأهمية قيام المجتمع على محورية مؤسسة الأسرة مقابل ما يروِّج له الغرب من الدعوة لقيام المجتمع على محورية الفرد والدولة

عبير شمص

الوفاق/ خاص

في ظل اهتزاز المنظومة القيمية تحت تأثير انتشار الفكر الليبرالي الذي عزز النزعتين الفردية والمادية، وما تلاه من فكر ما بعد حداثوي يدعو إلى النسبية والتنكر لكل الحقائق، وفي ظل العولمة الاقتصادية والتحولات الاجتماعية السريعة التي عممت بين الشباب -عبر ثورة الاتصالات- نمط حياة استهلاكي نفعي يتنافسون فيه على أكبر قدر من الراحة واللذة والشهوة الزائفة؛ ارتفعت معدلات الطلاق في معظم البلدان، وتعرضت منظومة الأسرة إلى تغير في شكل العلاقات، وتحول في الأدوار والوظائف، وسلب أفرادها الاحساس بالسكينة والقدرة على التعامل فيما بينهم على أساس من المودة والرحمة.

وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أصوات الكثير من المفكرين والسياسيين في الشرق والغرب -عبر العديد من كتبهم مثل كتاب “موت الغرب” لـ بتريك جيه بوكانن، كتاب “الانفلات” لـ برجنكسي وغيرها- على حد سواء، محذرين ومنذرين من عواقب انهيار منظومة الأسرة في المجتمع.

هذا الانهيار الذي تشهده منظومة الأسرة يستدعي العمل بجد ومسؤولية بغية الحفاظ على ديمومة الأسرة وسكينتها وتمكينها من إنجاز مهامها الأساسية والخطيرة في المجتمع، والتي على رأسها تماسك النسيج الاجتماعي وحسن التنشئة الأخلاقية والوطنية للأجيال الصاعدة وحفظ تراث الأمة من الضياع ونقله من جيلٍ إلى آخر، ولهذا كان مركز سكن للإرشاد الأسري، وللحديث على رؤية هذا المركز وأهم أهدافه ونشاطاته حاورت صحيفة الوفاق الباحثة والمستشارة التربويّة والأسريّة مديرة مركز سكن للإرشاد الأسري في لبنان أميرة برغل، وكان الحوار التالي:

 النموذج الأكمل للأسرة “علي وفاطمة نموذجاً”

تُعرف المديرة المركز على إنه :” واحد من مؤسسات المجتمع المدني والأهلي في لبنان التي تؤمن بأهمية الأسرة في المجتمع، وقد تأسس المركز في العام 2014 بجهودِ فردية لمجموعة من الأخوات المتطوعات، اللواتي قدمن كل ما لديهن من خبرات في مجال الأسرة”. وتتابع قائلة:” اختارت المؤسسات تزامن انطلاقة المركز مع ذكرى ولادة السيدة فاطمة الزهراء(ع)، وذلك لإيمانهن بأنّ أحد جوانب العظمة لهذه السيدة الجليلة يكمن في نجاحها مع زوجها الإمام علي(ع)، في تقديم النموذج الأكمل للأسرة السكن على كل الأصعدة؛ فلقد جسدت هذه الأسرة أرقى تعامل حضاري بين زوجين وأفضل آداء تربوي لتنشئة ذرية وصلت إلى أعلى مستوى من التكامل الإنساني، حتى كانت بيتاً من بيوت الله الذي أذِنَ الله له أن يرفع ليكون منارةً لهداية البشرية على طريق سعادتهم الأبدية، لذا كان الشعار الذي انطلق منه المركز “علي وفاطمة نموذجاً”، كان هدفه ولا يزال الحفاظ على ديمومة الأسرة وتحقيق السكن لجميع أفرادها وبلورة رؤية حضارية عن المنظومة العلائقية بين أفراد الأسرة”.

الأنشطة والإنجازات

أمّا فيما يتعلق بأهم أنشطة وإنجازات المركز فتوضح قائلة:” منذ الانطلاقة فتح المركز باب الاستشارات التربوية والنفسية والأسرية وإرشادية و… وقد بلغ عدد الاستشارات حتى يومنا هذا أكثر من 1500 إستشارة حول مواضيع مختلفة نذكر أهمها فيما يلي:

في الاستشارات الزوجية: الأوضاع الاقتصادية وتداعيات عمل الزوجة، أخطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، خلل في العلاقة الخاصة أو علاقات خارج المنزل، تدخلات الأهل والرفاق، النظرة غير الناضجة للزواج ومتطلباته، الجهل بالاختلافات بين الجنسين وأسس التعامل مع الشريك، عدم فهم الأدوار والمهام، سوء الخلق من أحد الزوجين أو كلاهما.أمّا في الاستشارات التربوية: تمرد ومشاكل سلوكية، فشل أو تراجع دراسي،عدم التزام بالواجبات الدينية، انحرافات اخلاقية: كذب، سرقة، علاقة مع الجنس الأخر، مشاهدة أفلام إباحية…، إدمان وسائط التواصل الاجتماعي والألعاب الاكترونية، اختلافات بين الاهل وأولادهم المراهقين، التعامل مع الأولاد بعد استشهاد الزوج. في الاستشارات النفسية: الوسواس القهري، اضطراب الشخصية، الرهاب، القلق والاكتئاب، قلق ما بعد الصدمة، مؤخرًا ازدادت حالات النرجسية”.

وتضيف إلى:” أنّ المركز نظم أكثر من 100 ورشة تفاعلية مجانية، تنوعت بين ورش حضورية وأخرى افتراضية، كان منها عدد من الدورات التأهلية لمرشدين أسريين ومقبلين على الزواج، ومن أبرز العناوين: “المرأة والأسرة في فكر السيد القائد”،” العفة في فكر السيد القائد”، “الخصال الحسنة التسع في فكر السيد القائد”.كما عمل المركز على تأليف مقررات للتربية الأسرية لصفي الأول والثاني الثانوي وذلك عبر متخصصين تربويين وأساتذة العلوم الاجتماعية في عدد من المدارس الخاصة والرسمية وقد تم هذا العمل بدعم من بلدية حارة حريك.”

وفيّما يخص مواقع التواصل الاجتماعي، توضح بأن المركز :”يلعب دورًا فاعلًا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ أنشأ صفحة للمركز على موقع الفيسبوك تُعنى بنشر نشاطات المركز بالإضافة إلى نشر أكثر من 2500 منشور توجيهي في مختلف المجالات تربوية، دينية، صحية، زوجية، نفسية وغيرها، بالإضافة إلى مواكب المناسبات الدينية الإسلامية. ولمركز سكن قناة خاصة على موقع اليوتيوب تحت إسم “مركز سكن للإرشاد الأسري” تنشر كل الفيديوهات المصورة للمركز من أنشطة وحلقات متنوعة . وفي العام 2019 أطلق المركز برنامجًا مصورًا مؤلفًا من 4 فقرات، يعرض أسبوعيًا على صفحة الفيسبوك وقناة اليوتيوب تنوعت هذه الفقرات تحت 4 عناوين مختلفة وهي “صحتنا من صحتك، دردشة دينية، كيميا فيزيا، طب نفسي”.

أهمية الأسرة وكيفية الحفاظ على ديمومتها وسكينتها

وتشير حول الجزء المتعلق ببلورة رؤية حضارية عن المنظومة العلائقية بين أفراد الأسرة، بأن المركز:” أطلق المركز في العام 2018 رؤية تحت عنوان “أهمية الأسرة وكيفية الحفاظ على ديمومتها وسكينتها” وذلك بعد سلسلة من النقاشات الفكرية والفقهية والقانونية مع أكثر من 50 شخصية ضمت علماء دين بارزين ومفكرين واختصاصيين من نساء ورجال يولون قضية الأسرة اهتمام خاص، خلصت هذه اللقاءات إلى مجموعة من التوصيات كان من بينها السعي مع المحاكم والمكاتب الشرعية لاعتماد نموذج عقد يتأكد من خلاله معرفة الزوجين الدقيقة والواضحة بحقوقهما وواجباتهما قبل التلفظ بصيغة العقد، فعمل المركز على إنشاء “مقترح لعقد زواج يتضمن شروطًا لحفظ حقوق كلا الزوجين.” كما وشارك أعضاء المركز في العشرات من المقابلات الإعلامية والمؤتمرات التربوية، الحضورية والإفتراضية، داخل لبنان وخارجه”.

مجتمع بمحورية الأسرة

كما أعلنت أنه :”وفي الذكرى السنوية الثامنة لتأسيسه، أطلق المركز “ملتقى سكن لمجتمع بمحورية الأسرة” في العاشر من شهر كانون الثاني من العام 2023، برعاية وزير الثقافة اللبنانية القاضي محمد وسام المرتضى وحضور المستشار الثقافي الإيراني في لبنان السيد كميل باقر زادة إضافة إلى حضور فعاليات وزارية ونيابية وشخصيات اجتماعية وعلماء دين وأساتذة جامعيون وإعلاميون ونشطاء في الساحة الاجتماعية التربوية”.

وعلى أن :” الدعوة إلى الملتقى كانت موجهّة إلى كل من يؤمن بأهمية قيام المجتمع على محورية مؤسسة الأسرة في مقابل ما يروِّج له الغرب من الدعوة لقيام المجتمع على محورية الفرد والدولة، هذه الدعوة التي بدأت بتزهيد الشباب والشابات بدور الزوجية والوالدية، وانتهت الى ما نراه اليوم من التنكر النهائي للمؤسسة الطبيعية للزواج. واستبدالها بأشكالٍ ممجوجة غير محددة، لا أهدافَ اجتماعية أو تربوية لها، سوى تحصيل بعض الملذات المادية المؤقتة التي من نتائجها المحققة دمار المجتمعات الإنسانية وحرمانها من الإمتداد الديموغرافي، فضلاً عن الارتقاء الوجودي والمعنوي. ويهدف هذا الملتقى إلى: لتعريف بأهمية الرؤية القرآنية في قيام المجتمع على محورية الأسرة في مقابل خطورة ما يروج له الغرب لقيام مجتمع على محورية الفرد والدولة وتهميش لدور الأسرة. تقديم طرح متكامل حول نظرية “مجتمع بمحورية الأسرة” وتبيان المكاسب الفردية والاجتماعية لهذه النظرية، وفساد النظريات التي تهمش دور الأسرة كنواة أساسية في صلاح المجتمع. إقناع الشباب بأهمية تأسيس أسرة ناجحة وسليمة في مقتبل العمر وعند توفر الظروف الشرعية والعملانية لتأسيسها.الإسهام في تقديم رؤى جديدة على الصعيد القيمي والفكري والفقهي والقانوني، تكون قادرة على حل العقبات التي تواجه ديمومة الأسرة وتحقيق السكن لجميع أفرادها في مجتمعنا المعاصر”.

وأضافت أنه :” لتحقيق هذه الأهداف سيعقد الملتقى لقاءًا شهريًا واحدًا، يقم فيه المحاضر (الباحث) ورقة بحثية يطرح فيها موضوعًا من العناوين التي تتمحور حولها جلسات الملتقى تباعًا وذلك لمدة 45 دقيقة، تليها 45 دقيقة يناقش فيها الحاضرون الأفكار التي طرحها الباحث، على أن يخلص اللقاء والأبحاث المطروحة إلى مجموعة من التوصيات التي تخلص لخدمة الأسرة والمجتمع”.