يعيش سكان محافظة السويداء في ظلّ أوضاع خدمية وإنسانية مأساوية، أنتجها حصار خانق تم إطباقه عليهم، منذ بدء الهجوم الذي شنّته فصائل تابعة أو مرتبطة أو موالية للسلطات الحالية الانتقالية، قبل أكثر من أسبوعين، في محاولة لضمّ المحافظة ذات الغالبية الدرزية بالقوة. وبعدما توقّفت المعارك تحت ضغوط إسرائيلية غير مسبوقة، اندرجت في سياق العمل الإسرائيلي المستمر على تشكيل واقع جديد في الجنوب السوري، لم تجد القوات المهاجمة بدّاً من الانسحاب من محافظة السويداء، في حين فرضت فصائل عشائرية وأخرى تابعة لوزارتَي الدفاع والداخلية حصاراً شبه تام على المحافظة، لم يخرقه فتح معبرين إنسانيين اثنين.
يأتي ذلك وسط جدل مستمر حول المسؤول عن هذه الأوضاع؛ إذ في وقت تظهر فيه تسجيلات مصوّرة فصائل عشائرية ومتشدّدة أثناء منعها مرور أي مواد، تتّهم السلطات الانتقالية تعنّت فصائل السويداء، التي يقودها شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري، والتي منعت مسؤولين حكوميين من دخول المحافظة، بالتعنّت والتسبّب بالواقع الحالي.
وتعاني المحافظة من انقطاع للتيار الكهربائي، وأزمة وقود غير مسبوقة، بالإضافة إلى ندرة في المواد التموينية، والطحين (تمّ إدخال بعض الشحنات من الدقيق)، الأمر الذي دفع آلاف المواطنين إلى الاصطفاف أمام بعض الأفران التي حاولت العمل في هذه الظروف.
وفيما نشرت وسائل إعلام حكومية (الإخبارية السورية) أنباء عن إدخال صهاريج من المحروقات، وقوافل إغاثية، نفت مصادر محلّية تحدّثت إلى صحيفة «الأخبار» هذا الأمر، وأكّدت أنّ «الهلال الأحمر» السوري قام بإدخال كمّيات ضئيلة من المساعدات، لا تكاد تُذكر، في ظلّ الأزمة الإنسانية المتفاقمة ونزوح عشرات آلاف العائلات من القرى الواقعة على حدود السويداء الإدارية نحو المنتصف، هرباً من أعمال العنف التي طاولت أملاكهم وتسبّبت بتدميرها، إلى جانب عمليات القتل والسرقة التي تعرّضوا لها.