موناسادات خواسته
في زمن تتداخل فيه الصورة بالمعنى، ويتحول الفن إلى جبهة نضال، تستضيف «الوفاق» الفنان الإيراني الأستاذ مسعود نجابتي، صاحب البصمة العميقة في فن التايبوجرافي والخط البصري المقاوم. هو أحد أبرز فناني الجرافيك والخط المعاصر في إيران، ويُعرف بإبداعه في المزج بين الخط الفارسي وفنون التصميم، له تأليفات وجوائز عديدة، ونشهد بصمة أعماله الفنية الراقية في كل ساحة من الفن المقاوم، من الرسم على الجدار الفاصل إلى تصميم مرقد الشهيد السيد حسن نصرالله، وأخيراً الكتابة في مرقد قادة شهداء الحرب المفروضة الأخيرة على إيران. في هذا اللقاء، يفتح لنا أبواب تجربته، ويحدّثنا عن دور الفن في صناعة الوعي ومواجهة الاضطهاد، وفيما يلي نص الحوار:
أي أن هناك القليل من الأعمال الجرافيكية في تاريخ الجرافيك التي لا تحتوي على كتابة فيها، ومنذ أن بدأت العمل في الجرافيك منذ سنوات عديدة، أوليت اهتماما أكبر لأهمية تصميم الكتابة وأن الكتابة يمكن أن تكتسب أحيانا عبئاً بصرياً من تلقاء نفسها، أي يمكن تعزيز القدرة البصرية للكتابة، على الرغم من أنها مصحوبة بالصورة، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تحمل عبئا بصريا من تلقاء نفسها وللتصرف بشكل أكثر فاعلية، فإن جمهورنا هو أكثر في العالم الإسلامي، وذلك بسبب الكتابة الفارسية أو العربية التي نعمل عليها، أي هذا النوع من الرسائل، قد يعتقد أن جمهورنا أكثر في هذا المجال.
ويتابع الأستاذ شجاعي: لكن من المثير للاهتمام بالنسبة لي أنه منذ سنوات عديدة، على سبيل المثال، في أوروبا أو دول أخرى، أو حتى أمريكا اللاتينية، حيث أقيمت معارض جماعية، تم الاهتمام بجماليات الخط العربي أو الفارسي.
وأعتقد أن هذا في حد ذاته يمكن أن يكون وسيلة لفهم رسالة العمل، أي هذا الجمال في مرحلتهم الأولى. ومن ثم يحاولون التواصل ورؤية ما هو مكتوب، أعتقد في مثل هذه الحالات يمكننا القول أن نطاق تأثير هذا الفن يتجاوز العالم الإسلامي، كما كان لدينا معرض جماعي في فرنسا، اعترفوا بأن جاذبية هذه الحروف المترابطة ونوع الكتابة المختلفة، تجعلهم يبحثون عن ترجمات لها ليعرفون ما هو مكتوب، وعندما ننظر إلى العلاقة بين المحتوى أولاً كان هدفنا هو نقل الكتابة في الملصق بعيدا عن أجواء الميل إلى الخط اللاتيني الذي كان موجودا بين مصممي الجرافيك في بداية الثورة الإسلامية وقبلها، وقضية الهوية الإيرانية كانت هامة، في الخطوات التالية حاولنا توسيع دائرة جمهورنا والقدرات البصرية للخط الفارسي ونشره.
جدارية «وفتح قريب»
بعد ذلك تطرقنا إلى الرسم على الجدار العنصري الفاصل بين لبنان وفلسطين، الذي تم تصميمه بشكل مشترك بين فنانين عرب وإيرانيين بإشراف الأستاذ نجابتي، فقال في هذا المجال: كانت هذه هي المرة الثالثة التي تمكنّا فيها من العمل على الجدار الفاصل، بالتعاون مع «حوزه هنري» وجمعية «الرسالات» اللبنانية، تم تحديد المشروع بالتعاون مع أربعة فنانين آخرين من الجزائر وفلسطين والعراق وسوريا، والعبارة التي تم العمل عليها كانت مناسبة لقضايا تلك الأيام، عندما تم اختيار «نصر من الله وفتح قريب»، كان التحدي الكبير الذي واجهناه في ذلك الوقت هو كيفية المشاركة في عمل مشترك 5 فنانين لكل منهم أسلوبه الخاص في العمل المختلف والمميز ولم تكن لدينا خبرة العمل معا ودعينا من 5 أنحاء من العالم، وكيفية المشاركة منهم جميعا في عمل واحد، بحيث يتم الحفاظ على عمل كل واحد منهم، و كما أن العمل الإنتاجي يجب أن يكون له إجراء موحد، توصلنا إلى استنتاج مفاده أن العبارة يجب أن تكون مصممة بحيث توفر أكبر مساحة للفنانين للرسم داخل النص، أي أن تكون عبارة «وفتح قريب» مكتوبة بشكل كبير جدا على الجدار بأكمله، والذي تم تصميمه بالخط البنايي الكوفي وتغطية مساحة كبيرة، وداخل العبارة كل فنان يرسم بأسلوبه، أي عهدنا بكل جزء من الكتابة إلى فنان، لإختيار العناصر حسب موضوع فلسطين والكيان الصهيوني ووضعها في الكتابة، وكان ذلك أيضا جذابا للفنانين أنفسهم ولم يكن لديهم الخبرة السابقة، وهكذا أصبحت هذه الكتابة نفسها العامل الموحد للعمل، وعلى الرغم من اختلاف التقنيات ووجهات النظر إلا أنه كان هناك تماسك في النهاية، وبسبب الظروف الجوية القاسية التي سادت هناك في ذلك الوقت، والأمطار والطقس الضبابي، نجحنا في إزاحة الستار عن هذا العمل في يوم القدس، الحمدلله.
إنشاء شبكة التايبوجرافي العالمية
أما عن المشاركة في المعارض الدولية والتعاون الإيراني العربي يعتقد الأستاذ نجابتي: أن الجرافيك عامل فعال لإنشاء شبكة عالمية، ويقول: القدرة الموجودة في هذا الفرع من الفن، وتقريبا جميع الفنانين النشطين في هذا المجال على خلاف الفنون الجميلة التي قد يكون لها مواضيع أخرى، مثل «الفن من أجل الفن»، ولكن في الجرافيك، بسبب طبيعته، يتفق الجميع على أنه يجب أن تكون هناك رسالة، ويهتمون بالالتزام في الفن. أعتقد أن هذا في حد ذاته يمكن أن يكون عاملا فعالا في إنشاء هذه الشبكة، وفي هذه الأثناء، عنصر الكتابة أو الطباعة، الذي أعتقد أنه عنصر مهم بيننا وبين المسلمين الآخرين في العالم، وبالنظر إلى الاتجاهات المختلفة الموجودة، أعتقد أن هناك إمكانية كبيرة أن نتمكن من إنشاء شبكة عالمية من التايبوجرافي بتعاونهم، وكانت هناك جهود وبعض النجاحات، لكننا لم نصل بعد إلى الفكرة الأساسية التي نبحث عنها، وهي أننا الآن مع فنانين من العراق ولبنان وسوريا، وعدد قليل من البحرين، ونأمل أن تنتشر إلى دول أخرى مثل مصر وتونس وأفغانستان وغيرها من الأماكن.
الرد على القضايا الإنسانية بالفن
وعندما سألنا الأستاذ عن رسالته للعالم العربي، قال: شرف الفن والفنان أن حساسيته عالية جدا، ويتفاعل مع القضايا من حوله، هل يمكن لنا أن نرى هذا العدد الكبير من المشاهد المفجعة والكثير من الاضطهاد الذي لم يسبق له مثيل في العالم، على الأقل بصريا، وهذا العدد الكبير من صور الأطفال الشهداء، هل يمكن أن يكون الفنان غير مبال بهم؟
وطلبي هو أن يكون هناك القليل على الأقل من القضايا الإنسانية، ولمن يقول أن الفن لا علاقة له بالسياسة. أقول لا تفعلوا أي عمل سياسي الآن، ولكن يمكنكم الرد على القضايا الإنسانية، قتل البشر حدث يحدث وتنقل صوره، على الأقل رد فعل على الاضطهاد الذي يتم القيام به.
نتوقع أكثر من ذلك بكثير من المسلمين، آمل أن يزداد عدد الأعمال التي يتم إنتاجها، كنا ذات يوم صوتا واحدا في جبهة المقاومة، علينا أن نوسع الجبهة وهذا يؤثر على مصير العالم والشعب، وصحيح أنه لا يمكننا الوصول إلى السلاح والصواريخ، ولا نحدد قضايا الحرب، لكنني أعتقد أنه كما قال قائد الثورة الإسلامية: «الحرب، الآن هي حرب الروايات»، ربما مدى وتأثير الكثير من هذه الأشياء أكبر من مدى الصواريخ، لكننا لم ندرك بعد أهميتها إلى هذه الكثافة. وكلما عملنا على جودتها، كلما كان بإمكانها بالتأكيد التأثير على مصير العالم وجبهة المقاومة، كما قال أحد الفنانين، فإن ما يجعل الإسلام منتصرا على الصهاينة ليس الصواريخ، بل نفس الأعمال الفنية التي يمكن أن تحقق ذلك.
وفيما يلي بعض أعمال الأستاذ مسعود نجابتي: