تناولت جداريتان جديدتان في ساحة الإمام الحسين(ع) بمدينة شيراز مفاهيم وطنية ودينية وحضارية عميقة.
إن هذين العملين الفنيين، اللذين صممهما ونفذهما فنانو «حوزه هنري» بمحافظة فارس، يجسّدان إيمان الشعب الإيراني العميق بثقافة التضحية، والإقتدار الوطني، والإمتداد التاريخي لمقاومة الإيرانيين في مواجهة الأعداء.
الجدارية الأولى.. «ركوع نتنياهو؛ انعكاس لحقيقة حضارية»
يتناول هذا العمل الفني، برؤية حضارية-سياسية، التاريخ المجيد لإيران، ويقدّم صورة رمزية لركوع رئيس وزراء الكيان الصهيوني، مستوحاة من الرموز التاريخية لنقوش العصر الساساني، وخاصة مشهد استسلام إمبراطور روما أمام شابور الأول. تأتي هذه الجدارية في ذروة جرائم الصهاينة في غزة واستشهاد قادة المقاومة، لتوجه بلغة الفن تحذيراً لهم: إن الشعب الإيراني وريث حضارة لا تقوم على السلاح، بل على الإيمان والثقافة والتلاحم. وقد استعان الفنان في هذا العمل برموز إيرانية قديمة من نقش رستم، داراب، وكازرون، ليجسد عظمة إيران التاريخية ويوجه رسالة واضحة لقادة الغرب: مصيركم كمصير أسلافكم، الذل والاستسلام أمام إرادة شعب قاوم الظلم لثلاثة آلاف عام.
الجدارية الثانية.. «حماة أرض فارس»
تزامناً مع ذكرى استشهاد الطيار الأسطوري في فترة الدفاع المقدس، الشهيد عباس دوران، تم إزاحة الستار عن جدارية بعنوان «نحن حماة إيران في كل العصور» في ساحة الإمام الحسين(ع) بمدينة شيراز. يستعرض هذا العمل الفني صوراً لوجوه بارزة من الشهداء الذين ضحوا من أجل الأمن والعلم والمقاومة، ومن بينهم الشهداء: عباس دوران، عباسي، منوجهر، الحاج يونس نيكويي، ومرتضى بهرامي، ليقدم رسالة موحّدة هي: «إن إيران مدينة عبر العصور لصمود الأبطال الذين بذلوا أرواحهم فداءً لعزة الوطن وتقدمه».
ويؤكد هذا العمل، من خلال المزج الذكي بين العناصر الأسطورية والمعاصرة، على امتداد خط المقاومة من الماضي البعيد حتى الحاضر. كما أن إبراز شهداء محافظة فارس في الهجمات الإرهابية الأخيرة، يجعل من هذه الجدارية سرداً حياً ومتجدداً لاستمرار عداء الأعداء وصمود الشعب. واختيار وجوه من الجيش، الحرس الثوري، الحوزة العلمية، وفترة الدفاع المقدس، يقدم صورة شاملة لأبطال أرض إيران.
رغم اختلاف الشكل، فإن هاتين الجداريتين تحملان رسالة واحدة. الأولى تروي بطولات الشعب في ميادين التاريخ والعلم والمعارك، والثانية تعكس اقتدار إيران الحضاري في مواجهة الاستعمار والاستكبار العالمي. كلاهما، بلغة الفن، يجسدان مفاهيم المقاومة والعزة الوطنية والهوية الإيرانية المتجذرة في التاريخ. وفي زمن أصبحت فيه صناعة الرواية ساحة حرب ناعمة، فإن هذه الأعمال الفنية لم تزين جدران المدينة فحسب، بل أضاءت جدران العقول والقلوب برسالة الصمود والأمل، ومرة أخرى، تصرخ شيراز بلغة الفن: «إيران، هي أرض الأبطال».