وتواجه إيران أزمة طاقة بسبب استهلاك الفرد للكهرباء والغاز الذي يزيد 5 إلى 6 أضعاف المتوسط العالمي. ومع ذلك، فإن حلاً مبتكرًا ومحليًا، وهو عوازل الهلام الهوائي، يحول هذا التحدي القديم إلى فرصة للتنمية المستدامة والاقتصادية.
وبدأ هذا المشروع في عام 1930 في مختبرات ناسا، حيث تم تطوير هذا الجيل الجديد من العوازل لمركبات الفضاء والمعدات المبردة “درجات الحرارة المنخفضة جدًا”. لكن هذه التكنولوجيا المتقدمة لم تبقَ حكرًا على الفضاء، فمنذ عام 2002، قامت شركات مثل “أسبن أيروجل” بتسويقها، مما مهد الطريق لدخول الهلام الهوائي إلى صناعات مختلفة بما في ذلك المصافي والبتروكيماويات ومحطات الطاقة حول العالم. اليوم، يُعتبر الهلام الهوائي الحل الأمثل لمكافحة الاحتباس الحراري في التطبيقات الصناعية والبناء والتخزين.
وفي إيران، قامت الشركة المعرفية “باکان آتیه نانو دانش” المتخصصة في مجال النانو، بعد 12 عامًا من البحث والتطوير، بتوطين هذه التكنولوجيا.
وصرح حسن برغزین، المدير التنفيذي والمؤسس للشركة المعرفية، قائلاً: لقد تم نسيان تحسين كفاءة الطاقة في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والمباني والمستودعات حرفيًا. حيث يمثل المباني والمستودعات غير المعزولة بشكل مناسب أكثر من 40% من استهلاك الطاقة في البلاد.
وأضاف: في الوقت نفسه، نادرًا ما يتم الاهتمام بطرق العزل التقليدية في البناء الإيراني بسبب صعوبة التنفيذ. بالإضافة إلى ذلك، فإن انخفاض أسعار الطاقة في الماضي رسّخ ثقافة الاستهلاك المفرط. لكن هذه المعادلة تتغير الآن مع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز للصناعات.
وتابع قائلاً: في مجمع البتروكيماويات في أروند، كل متر مربع بدرجة حرارة 240 مئوية دون عزل أو بعزل غير مناسب يهدر 90 مليون تومان سنويًا من الطاقة. وهذا يعني أن شركات البتروكيماويات تدفع سنويًا ما بين 3000 إلى 4000 مليار تومان كوقود للطاقة، معظمه بسبب الهدر الشديد للطاقة. هذه الأرقام تظهر أن تحسين كفاءة الطاقة لم يعد خيارًا فاخرًا، بل أصبح ضرورة اقتصادية ووطنية.
ووصف “برغزین” أحد أكبر العقبات في طريق تحسين كفاءة الطاقة في إيران بأنه المعايير القديمة للعزل التي يعود عمرها إلى 25-40 عامًا، مؤكدًا أكبر آفة للعوازل التقليدية هي امتصاص الرطوبة العالي. فالعازل الذي يمتص الرطوبة لا يمنع فقدان الطاقة فحسب، بل يمكن أن يضاعفه عدة مرات. وهذه الرطوبة نفسها تسبب مشكلة أكبر تُعرف بالتآكل تحت العزل، مما يفرض تكاليف باهظة على البلاد لتحديث واستبدال المعدات الصناعية.
وأشار المدير التنفيذي للشركة المعرفية إلى إنتاج الهلام الهوائي في الشركة، موضحًا: تتمتع هذه العوازل بمزايا مثل الربح الدائم والمستدام بعمر إفادي يزيد عن 20 عامًا، وسهولة التطبيق، وتكلفة معقولة مقارنةً بالسعر المرتفع للهلام الهوائي المستورد، بالإضافة إلى بنيتها الفريدة وأدائها الحراري المتميز.
وأضاف: في الواقع، يمثل الهلام الهوائي المحلي حلاً ثوريًا للتحديات الطاقية في إيران، حيث يجمع بين الكفاءة العالية والتكلفة التنافسية، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا للصناعات المحلية في ظل ارتفاع أسعار الطاقة.
* خصائص فريدة للهلام الهوائي الإيراني
وأكد “برغزين” قائلاً: منتجنا هو هلام هوائي هُجِّن حيث تم استبدال السائل في مساماته بالهواء مع الحفاظ على بنيته الصلبة. وهذه الخاصية جعلته المنتج النانوي الأكثر مبيعاً والأعلى حجماً في العالم، وأخف مادة صلبة تجارية.
وأضاف: بالإضافة إلى ذلك، تحبس منتجاتنا الهواء في مسامات بحجم 20 إلى 30 نانومتر، مما يقلل نقل الحرارة بشكل مذهل. وتابع: كل جرام واحد من الهلام الهوائي لديه مساحة مقطعية تبلغ 500 متر مربع، مما يجعله عازلاً حرارياً لا مثيل له.
وأضاف: يمكن لطبقة من الهلام الهوائي بسمك 6 ملم أن تقاوم اللهب المباشر بدرجة 700-800 مئوية لمدة ساعة كاملة دون نقل الحرارة. وهذا يعني أننا نحتاج لسمك أقل بـ 3 إلى 6 مرات وحجم أقل بعشر مرات مقارنة بالعوازل التقليدية، مما يتيح إمكانية عزل
الأشكال الهندسية المعقدة في محطات الطاقة بدقة فائقة.
وأشار رائد التكنولوجيا إلى كفاءة المنتج في نطاق حراري واسع يتراوح من 200- إلى 650 درجة مئوية، مع خصائص طرد الماء ومقاومة التآكل والتحمل العالي للحرارة والبرودة، مؤكداً أن هذه المميزات تجعل الهلام الهوائي المنتج محلياً متفوقاً تقنياً.