عيون اللواء الشهيد حاجي زاده تنبض بكلمات وصيته
في زمنٍ تتقاطع فيه التكنولوجيا مع الروح، وتتحاور فيه الحروف مع الوجوه، يظهر الفن كجسرٍ بين الماضي والمستقبل، بين الدم والضوء، بين الشهادة والذاكرة. في هذا السياق، يبرز عمل الفنان علي مينائيفرد كبصمةٍ فنية نابضة، تُعيد تشكيل ملامح اللواء الشهيد أمير علي حاجيزاده من خلال كلماته الأخيرة، لتصبح الوصية ليس فقط نصاً يُقرأ، بل وجهاً يُرى، ونظرةً تُحس. قام علي مينائيفرد، الفنان المتخصص في الغرافيك وفن التيبوغرافيا، بإبداع بورتريه فريد من نوعه للشهيد أمير علي حاجيزاده، تكريماً لذكراه وتخليداً لسيرته. هذا العمل الفني، الذي صُمّم رقمياً بأبعاد ٧٠ × ١٠٠ سنتيمتر، تم تشكيله باستخدام النص الكامل لوصية الشهيد، حيث تجسدت ملامح وجهه من خلال كلماته الخاصة.
ويظهر على هذا العمل اقتباس من كلام قائد الثورة الإسلامية بتاريخ ١٧/٢/١٤٠٠ هـ.ش (الموافق ٧ مايو ٢٠٢١م): «لقد بدأ المسار الانحداري والزوال المتسارع للكيان الصهيوني، ولن يتوقف.»
وفي شرحٍ لعملية التصميم، قال مينائيفرد: «عملت على هذا البورتريه لمدة تتراوح بين ٨ إلى ٩ ساعات. كانت مشاعر التصميم نابعة من الإخلاص والتعلق الروحي بمقام الشهداء. سعيت إلى خلق عمل يحمل قيمة معنوية، وفي الوقت ذاته يجذب الناس بصرياً.» هذا العمل التيبوغرافي يعيد تشكيل أقرب نمط كتابي إلى خط يد اللواء الشهيد حاجيزاده، ويعرض أجواءً فنية مغايرة من خلال دمج فن الخط التقليدي مع الغرافيك الرقمي. وتُظهر تفاصيل العمل، خصوصاً في منطقة العينين ونظرة الشهيد الهادئة، كيف أن خطوط الوصية منحت ملامح وجهه حياةً نابضة.
ويُعد هذا العمل مثالاً ملهماً على الدمج بين الفن الرقمي والمضامين القيمية، حيث يربط بين الخط التقليدي والغرافيك الحديث، في وقتٍ تحتاج فيه الساحة الفنية والإعلامية في البلاد إلى أعمال مبتكرة وخلاقة لنقل المفاهيم الروحية والمعنوية.
– الخط كجسدٍ للروح: استخدام النص الكامل لوصية الشهيد كعنصر بصري رئيسي يمنح العمل طابعاً تأملياً وروحياً؛ فالكلمات لم تعد مجرد حروف، بل تحولت إلى نسيجٍ بصري يُشكّل ملامح الوجه. هذا الدمج بين التيبوغرافيا والبورتريه يخلق تجربة فريدة، حيث يصبح النص هو الصورة، والصورة هي النص.
– العيون مرآة الوصية: التركيز على منطقة العينين، التي تنبض بالهدوء والسكينة، يُظهر كيف أن الفنان استخدم الخطوط الدقيقة من الوصية ليمنح النظرة عمقاً إنسانياً. العيون هنا ليست مجرد تفصيل تشكيلي، بل هي بوابة للروح، تنقل الإيمان، الثبات، والوداع الأخير.
– الخط اليدوي كرمز للهوية: إعادة تشكيل الخط الأقرب إلى خط يد الشهيد يضفي على العمل طابعاً شخصياً وحميمياً، كأن الشهيد نفسه هو من رسم ملامحه بكلماته
هذا الخيار الفني يربط بين الهوية الفردية والذاكرة الجماعية، ويُعيد الاعتبار للخط اليدوي كوسيلة للتوثيق الروحي.
– الدمج بين التقليد والحداثة: العمل يجمع بين فن الخط التقليدي والغرافيك الرقمي، ليُجسد حواراً بين الزمنين: الماضي الذي يحمل القيم، والحاضر الذي يبحث عن وسائل جديدة للتعبير.
هذا التداخل يُبرز قدرة الفن على إعادة إنتاج الرموز الدينية والوطنية بلغة بصرية معاصرة، دون أن يفقد عمقه أو قدسيته.
– الإقتباس السياسي كامتداد للرسالة: إدراج جملة من قائد الثورة الإسلامية يربط العمل بـالسياق السياسي والمقاوم، ويُظهر أن الوصية ليست فقط خطاباً شخصياً، بل جزء من رؤية استراتيجية وموقف تاريخي.
هذا العمل ليس مجرد بورتريه رقمي، بل هو نص بصري مقاوم، يُعيد تعريف العلاقة بين الكلمة والصورة، بين الفن والشهادة، بين الذاكرة والهوية. إنه دعوة للتأمل، كيف يمكن للفن أن يُخلّد الإنسان، لا عبر ملامحه فقط، بل عبر كلماته، روحه، ونظرته الأخيرة.
جداريات المقاومة
انتشرت جداريات ضخمة في مختلف المدن الإيرانية، تُظهر اللواء الشهيد حاجي زاده بزيه العسكري، وخلفه صواريخ «قيام» و«ذو الفقار». استخدمت تقنيات الطباعة الحجرية والخط الفارسي التقليدي لكتابة عباراته الشهيرة مثل: «نحن نصمم صواريخنا بمدى 2000 كيلومتر لنضرب أعداءنا من مسافة آمنة.»
لوحات فنية
شهدنا كثير من الفنانين قاموا برسم لوحة عن اللواء الشهيد حاجي زاده بعد استشهاده، ولكن لم يتم الأمر فقط باستشهاده بل هناك مكالمة من اللواء حاجي زاده مع السيدة معصومة حسيني التي رسمت صورته في حياته في عام 2019 م، بعد عملية «عين الأسد»، قائلاً لها: رسمتِ صورتي ولكن كان من الأفضل أن ترسمين صور قائد الثورة أو الشهداء، وعلى أي حال أشكرك.
أما بعد استشهاده قام حسين عصمتي، الفنان التشكيلي والرسام، برسم بورتريه للشهيد اللواء الحاجي أمير علي حاجي زاده، باستخدام تقنية الألوان المائية، وبحجم تقريبي يبلغ 35 × 50 سنتيمتراً، وذلك تكريماً لشهادته. وحول سبب إنجازه لهذا البورتريه، قال عصمتي: «الشهيد حاجي زاده هو أبرز شخصية وفّرت هذا التفوق العسكري لإيران. من وجهة نظري، ربما كان الأكثر اجتهاداً في مجال الحفاظ على إيران الإسلامية ورفع شأنها، أو على الأقل نرى نتائج هذا الجهد. ولهذا السبب رغبت في أن أقدم عملاً فنياً تكريماً له».
أفلام وثائقية وسينمائية
هناك أفلام وثائقية كثيرة أُنتجت حول الشهيد حاجي زاده، من اللقاء مع أسرة الشهيد واللقاء معهم في مختلف البرامج مثل: «ملازمان حرم»، «روايت فتح»، «طهران- تل أبيب»، وغيرها.
أما قبل استشهاده أيضاً هناك فيلم آخر واجه إقبالاً كبيراً ويتم عرضه حالياً في لبنان، وهو فيلم «سيد الحرب» للمخرج حسين دارابي، الذي قال في هذا المجال: إن شخصية «منصور» التي يجسدها الفنان حسين سليماني في الفيلم، مستوحاة بشكل كبير من شخصية الشهيد اللواء أمير علي حاجي زاده، أحد الأعضاء الرئيسيين في الفريق المكوّن من 12 إلى 13 شخصاً، والذي كان له دور محوري في إطلاق مسار توطين صناعة الصواريخ الإيرانية.
وأشار المخرج إلى أن «منصور»، الذي يتولى قيادة مقر العمليات في الفيلم، يشارك الفريق في المهام الإدارية والتنفيذية، ويقف في النهاية خلف أول إطلاق ناجح لصاروخ محلي الصنع، مما يجعله رمزاً للشهيد حاجي زاده في هذا العمل السينمائي.
البعد الثقافي والرمزي
الأعمال الفنية التي خلّدت اللواء الشهيد حاجي زاده لا تقتصر على تمجيد شخصه، بل تعكس فلسفة المقاومة الإيرانية في وجه الهيمنة. الفن هنا ليس زينة، بل أداة تعبئة، ووسيلة لتوثيق التاريخ من منظور شعبي.